الاحتفال باليوم العالمي للمواقع التاريخية يتزامن وعمليات تثمين واسعة تعرفها المدن المغربية العريقة – حدث كم

الاحتفال باليوم العالمي للمواقع التاريخية يتزامن وعمليات تثمين واسعة تعرفها المدن المغربية العريقة

يحتفل المغرب على غرار العديد من دول المعمور، يوم غد الخميس باليوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية ( 18 أبريل من كل سنة)، والذي يعد فرصة لتثمين هذه المعالم والمواقع التاريخية والعمل على مضاعفتها. ويتزامن هذا الاحتفال والدينامية الكبيرة التي تشهدها المدن المغربية العتيقة لصيانتها والحفاظ عليها كإرث ثقافي للبشرية خصوصا بعد المشاريع الضخمة التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ولعل آخرها كان في 15 أبريل الجاري بفاس وتهم إعطاء انطلاقة أشغال ترميم متحف “البطحاء” وبناء متحف للثقافة اليهودية.

وتنسجم هذه المشاريع، مع الرؤية المستنيرة لجلالة الملك، الرامية إلى المحافظة على التراث الوطني بكافة أشكاله التعبيرية وحمايته لفائدة الأجيال الصاعدة، وكذا في إطار الجهود المبذولة قصد النهوض بإشعاع الحاضرة الألفية، التي شكلت عبر العصور، نموذجا للتعايش بين الحضارات والثقافات.

فالعاصمة العلمية للمملكة، التي تزخر مدينتها العتيقة ب 9000 من الدور التاريخية، و11 مدرسة عتيقة، و43 من الكتاتيب القرآنية، و83 ضريحا وزاوية، و176 مسجد منها جامعة القرويين، و1200 ورشة للصناعة التقليدية والمدابغ التقليدية والأبراج والأسوار، تعد نموذجا حيا للمدينة العريقة والتاريخية، على غرار الرباط عاصمة الانوار التي تشهد مواقعها العتيقة عمليات ترميم وتثمين واسعة وكذلك مراكش ومكناس والدار البيضاء التي استفادت بدورها من برامج تثمين مماثلة.

ويسعى الاحتفال باليوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية، الذي تم إقراره في 18 أبريل 1982، باقتراح من المجلس الدولي للمعالم والمواقع الأثرية، وتمت المصادقة عليه من قبل المؤتمر العام لليونسكو سنة 1983، إلى إبراز قيمة هذه المواقع التاريخية، وتحسيس المواطنين بأهمية تنوع الموروث التاريخي العالمي والجهود المبذولة للحفاظ عليه. وفي مدينة فاس بالخصوص لا تنتهي المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى إعادة الإشعاع الثقافي للمدينة وبريقها التليد، حتى تنطلق أخرى إذ تم تنفيذ برنامج ترميم لـ27 نصبا وموقعا تاريخيا وحوالي 4 آلاف بناية مهددة بالانهيار، بالإضافة إلى عدد من المدابغ والجسور والمدارس العتيقة التي تعود للمرينيين بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر وأسواق ومدابغ وأبراج، وهو ما مكن من استعادة جل هذه المعالم لوظائفها الأصلية .

كما تم تجديد وترميم القيصرية وسط المدينة العريقة لفائدة مئات من التجار لتصبح حاليا مركزا تجاريا حديثا وعصريا، إضافة لترميم ثلاث مدارس عتيقة تستقبل في الوقت الحاضر طلبة جامعة القرويين وهي “المدرسة المحمدية”، و”مدرسة الصفارين”، و”المدرسة البوعنانية”.

واستهدفت هذه العملية ليس فقط النهوض بهذا التراث وتثمينه، بل أيضا تمكين جامعة القرويين من استعادة أصالتها في تكوين العلماء، من حيث القوة في التحصيل والتفتح والقدرة على المنافسة العلمية على الصعيدين الوطني والدولي.

وتم أيضا ترميم مدارس أخرى ك”مدرسة الصهريج” التي أصبحت مركزا لتلقين مسلك الخط العربي، ثم “مدرسة السباعيين”، و”المدرسة المصباحية”.

ولعل الزائر للمدينة العريقة لفاس يقف على حجم التغيير الكبير الذي هم مرافقها، بدء من المدرسة البوعنانية في الطالعة الكبيرة، الى “القيصرية” العريقة لمولاي إدريس والتي أصبحت مركز جذب تجاري وسياحي كبير بفعل عمليات التجديد التي مستها بالكامل في تناغم فريد عنوانه الأبرز هو “التجديد في إطار الحفاظ على الطابع الأصيل”.

وقد أنجزت أشغال تجديد هذه المآثر من طرف معلمين قاموا بترميمها وفقا للنمط الأصلي، مستعينين بمهاراتهم وحرفيتيهم وخبرتهم الموروثة أبا عن جد.

واستكمالا لهذا المشروع الطموح، تم التوقيع أمام جلالة الملك محمد السادس بتاريخ 14 ماي 2018 على البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس الممتد الى العام 2023.

ويهم بالأساس تأهيل 39 موقعا تاريخيا للأنشطة الاقتصادية (فنادق تقليدية، ورشات، أسواق) و10 مساجد وكتاتيب قرآنية، وتثمين 11 موقعا تاريخيا، و(الساعة المائية ومتحف الثقافة اليهودية)، وترميم وتأهيل معلمة دار المكينة.

ويأتي هذا المخطط لاستكمال برنامج إعادة تأهيل وترميم المعالم التاريخية، وتعزيز البرنامج الجاري إنجازه حاليا، والذي يشمل تهيئة 8 مرائب للسيارات، وترصيف الممرات، وتجديد نظام التشوير، ووضع نظام إلكتروني للمعلومات الموجهة لتطوير المنتوج السياحي.

وفي مدينة الرباط يجري تنفيذ برنامج تأهيل المدينة العتيقة والذي جاء لينضاف إلى المبادرات المتعددة والمشاريع التي تم إطلاقها في إطار برنامج “الرباط مدينة الأنوار عاصمة المغرب الثقافية”، متيحا بذلك ترميم الأسوار والأبواب التاريخية والمساجد والزوايا، وإعادة تأهيل الفنادق التقليدية، وإنشاء ملاعب للقرب وفضاءات عمومية خضراء، فضلا عن معالجة الدور الآيلة للسقوط.

كما استفادت مدينة مراكش بدورها، في إطار برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة ” و”برنامج معالجة الدور الآيلة للسقوط” من عدة مشاريع تهم معالجة أكثر من 4 آلاف من الدور الآيلة للسقوط وتأهيل أحياء الملاح والزرايب وقبور الشهداء، وكذا تأهيل المسارات السياحية والروحية للمدينة العتيقة.

ويناهز الغلاف المالي لبرنامج تثمين المدينة العتيقة للرباط 325 مليون درهم، وبمساهمة لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تقدر بـ250 مليون درهم. وفي ما يخص برنامج تثمين المدينة العتيقة لمراكش، بلغ الغلاف المالي الخاص به 484 مليون درهم وبمساهمة تقدر بـ150 مليون درهم لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فيما يناهز البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس غلافا ماليا يناهز 583 مليون درهم بمساهمة لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تقدر بـ100 مليون درهم.

ح/م

التعليقات مغلقة.