هل ستخرج انتخابات 26 يونيو إسبانيا من الجمود السياسي الذي تعيشه؟ | حدث كم

هل ستخرج انتخابات 26 يونيو إسبانيا من الجمود السياسي الذي تعيشه؟

24/06/2016

محمد توفيق الناصري: لم تنهي نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 20 دحنبر 2015 فقط الثنائية الحزبية بإسبانيا، بل وأعلنت، أيضا، عن الدخول في جمود سياسي استمر ستة أشهر وأفضى إلى الدعوة لانتخابات جديدة مقررة بعد غد الأحد.
ووضعت نهاية هيمنة الحزبين التقليديين بالبلاد، الحزب الشعبي (يمين) والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، وبروز حزبين جديدين، هما حزبا بوديموس (اليسار الراديكالي) وسيوددانس (وسط يمين)، الفاعلين السياسيين بإسبانيا أمام وضع غير مسبوق يجبرهم على إيجاد حل وسط لتشكيل الحكومة.
وبعد فشل الأحزاب الاربعة الرئيسية الأكثر تمثيلية بالبرلمان في تشكيل الحكومة بعد أشهر من المفاوضات العقيمة، يعود الناخبون الإسبان إلى صناديق الاقتراع، وهم متخوفون من ألا تساعد أصواتهم كثيرا في إنهاء هذا الجمود، خاصة وأن النتائج ستكون، بحسب استطلاعات الرأي، مشابهة تقريبا لنتائج انتخابات 20 دجنبر الماضي، وأن أي حزب لن يحصل على أغلبية مطلقة تمكنه من الحكم بمفرده.
ويطرح الإسبان ومعهم متتبعو الشأن السياسي في هذا البلد الأيبيري سؤالين عريضين رئيسيين، الأول حول إن كانت إسبانيا ستواجه خطر السقوط، مرة أخرى، في المأزق السياسي نفسه؟، والثاني حول ما إذا كان بمقدور هذا البلد الأيبيري تفادي انتخابات ثالثة؟.
لا أحد يستطيع زعم أن بإمكانه تقديم إجابات مقنعة، رغم أن المرشحين الرئيسيين الأربعة لمنصب رئيس الحكومة، ماريانو راخوي (الحزب الشعبي)، وبيدرو سانشيز (الحزب الاشتراكي)، وبابلو إغليسياس (بوديموس)، وألبرت ريفيرا (سيوددانس)، أكدوا خلال المناظرة التلفزيونية الوحيدة التي جمعت بينهم، أنهم سيفعلون كل شيء لتجنيب البلاد سيناريو انتخابات برلمانية جديدة.
ويبدوا أن تحالفا حكوميا موسعا بين الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني وسيوددانس، كما يرغب في ذلك راخوي، يبقى أمرا صعب التحقيق، خاصة وأن زعيم الاشتراكيين، بيدرو سانشيز، أكد مرارا وتكرارا أنه لن يدعم حكومة يقودها اليمين أو ائتلاف بين المحافظين ووسط اليمين وحزبه.
وتميزت الحملة الانتخابية بتبادل الاتهامات بالفساد بين الحزب الشعبي وبين الاشتراكيين. كما أن ريفيرا وجه انتقادات لاذعة لراخوي بشأن قضايا الفساد التي هزت هذا الحزب اليميني في السنوات الأخيرة.
ويبقى السيناريو الأوفر حظا للنجاح هو تحالف بين الحزب الاشتراكي وحزب بوديموس، الذي يتقدم للانتخابات التشريعية المقبلة في إطار تحالف مع اليسار الموحد، يمكن اليسار من الاقتراب من أغلبية مطلقة بمجلس النواب، لكن استقلال كاتالونيا يحول دون مثل هذا التحالف، وبالتالي تشكيل حكومة يسارية.
هناك إذا اختلافات عميقة بين الحزبين حول مستقبل كاتالونيا، إحدى أغنى الجهات بإسبانيا، فالحزب الاشتراكي، على غرار الحزب الشعبي وسيوددانس، يعارض إجراء استفتاء حول استقلال كاتالونيا، فيما يؤيده حزب بوديموس، المناهض للنظام، رغم إشارته مؤخرا إلى أنه مستعد للتنازل بشأن هذه النقطة في أي مفاوضات بشأن تشكيل الحكومة.
وثمة عامل آخر يحول دون قيام تقارب بين الاشتراكيين واليسار الراديكيلي، ويتمثل في تخوف الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني من أن تتم إزاحته من قبل بوديموس، الذي قد يصبح أول قوة سياسية يسارية في إسبانيا.
وتميزت الحملة السياسية، التي من المفترض أن تساعد المواطنين في خياراتهم السياسية، بالتوتر. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن النتائج ستكون مماثلة لتلك التي أفضت إليها انتخابات دجنبر الماضي. وحسابيا تبقى حكومة أغلبية يشكلها حزب واحد أمرا مستحيلا، وستكون هناك حاجة لمفاوضات وتوافقات وتحالفات لتجنيب البلاد المأزق السياسي الذي عاشته في الأشهر الستة الماضية.
ولا يتوقع إذا أن تحمل نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة مفاجآت كبيرة، إذ سيتعين على الأحزاب الاسبانية إظهار نوع من الاستعداد الكبير للحوار من أجل إيجاد أرضية مشتركة وإيجابية، وبالتالي مفاجأة الاسبان بتشكيل حكومة جديدة في الآجال التي يحددها الدستور.
الصورة من الارشيف

 

التعليقات مغلقة.