“حدث” في مثل هذا اليوم.. “كرونولوجيا” لـ”خونة” الراحل جلالة الملك الحسن الثاني (2/2) – حدث كم

“حدث” في مثل هذا اليوم.. “كرونولوجيا” لـ”خونة” الراحل جلالة الملك الحسن الثاني (2/2)

في مثل هذا اليوم من 10 يوليوز 1971، وبمناسبة ذكرى عيد ميلاد المغفور له، صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، قام ثلة من “الخونة” الضباط، الذين كانوا يتمتعون يثقة جلالة الملك الحسن الثاني، وعلى رأسهم الجنرال المذبوح رفقة جنرالات آخرين، والكولونيلات والضباط برتب مختلفة، المساندون للكولونيل اعبابو الذي كان مديرا للمدرسة العسكرية بأهرمومو، بمحاولة انقلابية على فاشلة على الراحل الملك الحسن الثاني ، بعدما اقتحموا قصر الصخيرات في الدكرى الثانية والأربيعين لعيد الشباب ، حيث قامت مجموعتان عسكريتان تابعتان للمدرسة الحربية الملكية بمداهمة قصر الصخيرات الملكي ، مما أدى إلى مقتل عشرات من المدعوين المدنيين والعسكريين، والمشاهير، والشخصيات الوطنية والدولية والعالمية، وحفظ الله جلالة الملك الحسن الثاني من تلك المؤامرة الدنيئة ، والبلد من الفوضى والتناحر.

وللتاريخ .. وعبرة للخونة، حصلنا على ارشيف رسمي يعيد الى الذاكرة “كرونولوجيا” هذا الحادث المؤلم اول باول، ليس كما يحكيه البعض، وفيما يلي الحلقة الثانية من مجرى الاحداث:

الخميس 15 يوليوز 1971 ­ 21 جمادى الأولى 1391

 حديث صحفي جديد لجلالة الملك

نشرت جريدة الجنوب الغربي الفرنسية استجوابا أجراه مبعوثها مع جلالة الملك قال فيه جلالته:

إن مما يبعث على الإرتياح أن لائحة المسؤولين تطول كل يوم مع سير الإستنطاقات، وأن التلاميذ الضباط الذين شاركوا في

 محاولة الإنقلاب الفاشلة قد خدعوا في هذه المغامرة التي جرتهم إليها شرذمة من الضباط.

وتحدث جلالته عن مصير الخونة فأوضح أن التلاميذ الضباط وحدهم هم الذين ستتخذ عقوبات عسكرية في حقهم، 

أما الضباط المسؤولون الذين قادوا المؤامرة فسيحاكمون.

ولذلك فقد تقرر أثناء المجلس الوزاري الذي انعقد يوم الثلاثاء الماضي إعداد مشروع قانون لإحداث محكمة لأمن الدولة 

سيعرض على مجلس النواب.

ومضى جلالته في حديثه مع جريدة الجنوب الغربي الفرنسية فلاحظ أن وجود هذه المحكمة كان ينقص المؤسسات المغربية،

 وأنه من اللازم أن تسير الأمور بسرعة ولذلك ستتخذ مسطرة استعجالية للإسراع بخروج القانون المتعلق بتأسيس محكمة 

أمن الدولة، وقال جلالته:إن هذه المحكمة ستؤسس في أجل لا يتعدى ثمانية أيام، وبجرد تأسيسها سيبدأ التحقيق.

وختم جلالة الملك تصريحه معبرا عن اعتقاده أنه من المفيد أن تجري العدالة في مجراها فيقع العقاب الشرعي بسرعة، 

كما أن كل ظلم سيكون لا فائدة منه.

الجمعة 16 يوليوز 1971 ­ 22 جمادى الأولى 1391

ندوة صحفية لجلالة الملك

قابل صاحب الجلالة الملك المعظم عشية اليوم بقصر الضيافة بالرباط وفد الصحافة الدولية الذي طرح على جلالته 

عددا من الأسئلة بمناسبة حوادث الصخيرات الأخيرة.  

فحول سؤال يتعلق بالتغييرات التي تحدث عنها جلالة الملك بعد حوادث الصخيرات قال صاحب الجلالة:

إنه من الصعب جدا أن نلخص في جمل قليلة ما سيكون ثمرة تفكير طويل وناضج، إلا أنه من  المؤكد كما تبين لي 

ذلك أم مزيدا من الجدية بل ومن الصرامة من طرف الدولة فيما يخص ميدان التسيير وبعض ميادين التطبيق سيكون 

ضروريا ابتداء من الآن.  

وحول سؤال آخر يتعلق بالخسائر التي لحقت صفوف القيادة العليا وتعويضها قال جلالته:

واحتراما للقوات المسلحة الملكية لن أقول أي شيء يتعلق بالحياة والسلوك والشهادات والتكوين الخاص اللذين حل بهم 

العقاب الشرعي، وكل ما يمكن أن أقوله هو أنه في حظيرة القوات المسلحة الملكية يوجد عدد كبير من الضباط غير المشبوه

 فيهم والذين يتوفرون على ضمانات كافية من الولاء والكفاية في آن واحد، وإنني أعول على هذه الأحداث المؤلمة لكي 

يعي الضباط الشبان المهمة الملقاة عليهم، ولكي يبعثوا دما جديدا وصافيا في كيان القوات المسلحة الملكية طبقا لما يقتضيه 

النصف الثاني من القرن العشرين الذي نحياه والذي نريد أن يجتازه المغرب في عهد من التقدم والإستقرار.

وأجاب جلالته عن سؤال آخر يتعلق بالأخطاء في التقدير التي أشار إليها جلالته في تصريحه الأخير فقال:إنني على استعداد

 للقيام بنقد ذاتي، ولكنني سأباشر هذا النقد عندما يكون مهيأ ذلك، وأن إجراء نقد ذاتي غير كامل لا يعد نقدا.

وسئل جلالته عن تطور العلاقات المغربية الفرنسية فأجاب:

أعتقد أن علاقتنا مع الحكومة الفرنسية ومع الشعب الفرنسي لا يمكن أن تتطور إلا في اتجاه أفضل وخاصة بعد مظاهر 

التعاطف التي عبرت الاوساط الفرنسية سواء رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو أصدقاؤنا الفرنسيون المعروفون أو غير المعروفين.

وصرح جلالته في معرض جوابه عن سؤال آخر.

حينما يريد الإنسان أن يكتب التاريخ أو أن يساعد على كتابته فإنه يكون من قبيل الكارثة والخطر الإقدام على إجراء 

مضاربات   سريعة  وأضاف جلالته أنه من المؤكد أن عناصر جديدة ستبرز إلى الوجود خلال الأسابيع والأشهر القادمة في حين أن عناصر

 أخرى لن تظهر أبدا لأن الذين يتوفرون عليها سيحتفظون بها، ومهما يكن من أمر .يقول صاحب الجلالةفإنه من 

الضروري بالنسبة للذين يجب عليهم لا كتابة التاريخ فقط، بل صنعه أيضا أن يقوموا بخطوات متئدة وأن يسيروا بحذر.

وسئل جلالته حول الكيفية التي حكم بها على رد فعل الدول الغربية وشعوره نحو تضامن من دول البحر المتوسط فأجاب:

لقد أحسست ليس فقط بتضامن، بل أحسست أكثر من ذلك بروح من الإنسجام كما لو أن ما حدث في المغرب يهم كل بلد 

في البحر المتوسط أو في أوربا.

وسئل صاحب الجلالة عما يعنيه بتغيير طريقة الحكم وكيف يفسر صمت الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية فاجاب: 

الواقع أنه عند معالجة الوضع يبدو لأي رجل سياسي ذي تجربة أن مجال الحريات الذي يسمح بتغيير الحكومة هو مجال

 ضيق جدا،قد يعتقد أنه بتغيير الحكومة يمكن تغيير العالم تغييرا كليا بثلاثمئة وستين درجة، وإنني أتحدى أي واحد يقوم 

بتسيير شؤون الناس والبلاد   أن يقول لنا أنه ليس هناك فقط مجال ضيق لحرية التصرف بين تغيير حكومي وآخر، لا أتحدث عن الأطر الشابة، 

إن المشكلة ليست في تغيير كل شيء دفعة واحدة، بل إن المشكلة تتجلى في تغييره تغييرا أكيدا وعلى المدى البعيد، 

مع البحث دائما عن الكمال الذي لا يمكن إدراكه والذي ينبغي أن نحاذيه في كل لحظة من حياتنا،  وطلب من  صاحب الجلالة

 أن يوضح نداءه الأخير إلى رجال السياسة والمثقفين فقال جلالته.

إنني لا أتحدث هنا عن الأطر الشابة، وإنما عن الأطر القديمة، فحينما وصل هؤلاء إلى مستوى الغيظ الذي

وصلوا إليه وجب أن يكونوا مسممين من طرف أولئك الذين قادوهم، ولكنهم كانوا مقدما مسممين بذلك الجو العكر والمائع 

الذي نعيش فيه منذ عدة شهور، والذي يتجلى في القول بأن كل يسير سيرا سيئا.

إنه من المؤكد أن عبارة  إذا سيقال عن ذلك ليس سوى افتراء في افتراء، دائما شيء من آثاره أن تنقل الإشاعات في الشارع 

من فم إلى آخر، ومن باب إلى آخر، والزيادة في عملية التخذير العلمي المستعمل في صفوف الإطارات الفتية من المؤكد أن كل 

هذا يخلق جوا يمكن لكل تعفن أن يؤثر فيه، وهذا هو مفهوم التخذير الذي وجهته للمثقفين في بلادي عندما قلت لهم:

انتقدوا طبعا،

 إن كل شيء في مملكتي لا يسير على الوجه الأكمل، ولكن أين هو ذلك البلد الذي يسير فيه كل على الوجه الأكمل، أظهروا

 الجوانب الإيجابية، وهكذا ستساعدوننا على خلق رأي عام يتوفر على روح النقد وليس على روح الهدم.

وبالإضافة إلى ذلك لاحظتم أن رد الفعل الأول كان ضد ضيوفنا الذين جلهم من المثقفين سواء منهم السياسيين أو رجال التعليم 

أو رجال الطب، إن هذا هو مفهوم التحدير الذي أردت أن أوجهه الى مثقفي هذه البلاد.

وسئل صاحب الجلالة مرة أخرى عن الطريقة التي سينهجها لتغيير سياسته أو الطريقة التي سيعتمدها في الحكم فأجاب:

إنه من المؤكد أنني لن أغير سياستي، لأنها سياسة تعتمد على عدم الانحياز كما تهدف إلى قيام تضامن مع عدد من المنظمات 

الدولية، وأضاف جلالته أن هذه السياسة تقوم أيضا على أساس الاستثمار والاستصلاح ونشر التعليم والعناية الصحية وتعميم 

وسائل العيش الاقتصادية والاهتمام بالفلاحة والصناعة، فإذا ما غيرت هذه السياسة فستكون عاقبتها وخيمة.

وعن سؤال حول معرفة الشروط التي يمكن للمغرب أن يبني على أساسها علاقاته مع ليبيا قال جلالته:

إنه من المؤسف قبل كل شيء القول أننا نحن الذين هوجمنا من طرف ليبيا وإن ليبيا هي التي بادرت إلى قطع علاقاتها

 الديبلوماسية مع المغرب، ولذا فإنني أعتقد أن هذا السؤال يجب أن يوجه إليها

وسئل جلالته عما إذا كان قد تحدث شخصيا إلى الضباط الذين حكم عليه بالإعدام وماذا قال لهم فأجاب جلالته:

إنني لم أتحدث معهم، بالإضافة إلى ذلك لم يكن علي أن أتحدث إليهم ويجب وضع حد نهائي لجدل لا أريد خوضه والذي شرعت 

فيه جريدة فرنسية كبرى في افتتاحيتها وعلى عكس ما يمكن التفكير فيه فإن جميع الضباط الذين أعدموا شرعيا، وهذا سر 

حرصت على أن أحتفظ به لنفسي، ذلك أن مجلسا حزبيا انعقد في الصخيرات في نفس المساء وحكم عليهم في ميدان المعركة

 بالإعدام كما تقضي بذلك الأعراف، ولكن هذا يدخل في نطاق مسائلنا الداخلية التي لم يكن إلزاما علي أن أعرضها.

وسئل جلالته هل كان الجنرال محمد المذبوح ينوي إقامة ديكتاتورية يمينية تعتمد فيما بعد على السند الأمريكي على غرار

 النظام اليوناني فأجاب جلالته:

إن أقل ما يمكن أن يقال هو أن كولونيلات اليونان لم يستعملوا أساليب المذبوح وبصراحة فإن أولئك الذين استخدموا المذبوح 

قد ركبوا أقبح مطية يمكن استعمالها لأنه كان مجنونا.

وطُلب من جلالته أن يتحدث عن المستقبل السياسي في المغرب بعد الأحداث الأخيرة فقال جلالته:

آمل أن تكون العبرة لنا جميعا مما حدث، إلا أنني آمل كذلك أن نستمر جميعا في تطبيق المبادئ التي ميزت سياستنا حتى الآن،

 وأؤكد من جديد أنه في حالة ما إذا وقع تغير فإن ذلك سيكون في الوسائل لا في المبادئ الديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية

 التي تبناها المغرب منذ إعلان استقلاله.

وعن سؤال حول ما إذا كان هناك معتقلون غير الذين قاموا بتنفيذ مؤامرة السبت الماضي أجاب جلالته:

باستثناء التلاميذ الضباط بهرمومو لم تقع أية اعتقالات أخرى، وإني سعيد لعدم وجود اعتقالات أخرى، لأن عكس ذلك يعطي

 البرهان على أنه كانت بالفعل للمتآمرين قوات أخرى تساندهم، حقا أننا لم نلق القبض على أي أحد باستثناء التلاميذ الضباط 

المعتقلين والذين ينيف عددهم على تسع مئة  والذين يجري حاليا استنطاقهم.

وطلب من جلالته ما إذا كان يعتقد في الوقت الراهن أن هناك علاقة بين مؤامرة مراكش ومؤامرة الصخيرات، فأجاب جلالته:

يبدو أن لا علاقة بين المؤامرتين، ذلك أن المؤامرة الأولى وأعني بها مؤامرة مراكش ونقول مؤامرة ولا أريد التدخل في 

مجرى العدالة، وبعبارة أخرى أقول إن المؤامرة الأولى تبدو عملا حركته دول أجنبية مع استخدام الطرق الكلاسيكية للشغب

 كالاعتداءاتوالاغتيالات الفردية في إطار تخذير ايديولوجي، فقد عثر حسب ما بلغني على كتيبات محررة بلغات معينة، 

وعلى تعليمات حول كيفية استخدام قنابل مولوطوف مكتوبة هي الأخرى بلغات معينة، وعلى عكس ذلك فإن المحاولة الثانية

 قد أعدت بسرعة، وإذا كانت قد نشأت في عقول مدبريها منذ سنتين على الأقل فإن إعدادها التقني وتحديد تفاصيلها الدقيقة 

لا يمكن حسب ما أعتقد أن يكون قد استغرق أكثر من بضعة أسابيع لكي يبقى السر مكتوما.

الأربعاء 4 غشت 1971­ 12 جمادى الثانية 1391

خطاب جلالة الملك

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

شعبي العزيز.

لقد أتيح لي أن خاطبتك مرات بعد مرات، ولكنني أعتقد أن الظرف الذي أوجه فيه خطابي هذا إليك، ظرف حاسم بالنسبة لحالنا 

ولمستقبلنا، ذلك أن في الشهر الماضي وفي العشرة الأيام الأولى منه كنا قاب قوسين أو أدنا من الكارثة، ومن المصيبة، بل كنا 

أقرب إلى الفناء والاتعدام.

ومن ذلك اليوم إلى اليوم، والناس تفكر، بل أقول إن كل مغربي كان يفكر، لأن الأحداث التي جرت، والكيفية التي جرت بها هي

 التي جعلتني أتيقن أن لا يوجد أي مغربي يمكن أن يقول إن تلك الأحداث لو تمت بالكيفية التي كان يظنها مرتكبوها، لم تكن 

لتمس أي فرد من أفراد المجتمع المغربي.

ولكن أنا حللت من الناحية الفلسفية لأرى هل الشعب المغربي، هل الدولة المغربية وهل الأمة المغربية كانت حقيقة في مأمن أم لا ؟

 حقيقة وصلت إلى نتيجة وهي أن الشعب المغربي، الدولة المغربية، والأمة المغربية و في الحقيقة هم ناس سالمون.

ذلك أنه إذا كان، جنائيا، يمكن أن يطلق على الشيء الذي ارتكبه أولئك الناس، لفظ مؤامرة، سياسيا، فلا يمكن في التعريف الحديث

 ولا في التعريف القديم، أن نقول عنها إلا أنها محاولة اختلاس واغتصاب، لأن المؤامرة عادة يكون لها ما يسبقها، ويكون لهاما

 يتبعها، ما يسبقها من تجهيز وما يتبعها من برنامج وما لها من حلفاء، وما لها من أصدقاء، وما لها من قوات ترتكز عليها.

ولما نرى العملية التي قام بها أولئك الناس نرى أنها عملية تشبه السرقة، ناس لا برنامج لهم، ولا مبدأ، لا خطة ولا برنامج 

لا حلفاء لا مساعدون، لا قوات سياسية ولا نقابية من ورائهم أو أمامهم يمكنهم أن يعتمدوا عليها، فإذ ذاك عرفوا سلامة الشعب

 المغربي، عرفوا وحدانية الأمة ووحدة البلاد، عرفوا أنه كيفما كانت الاختلافات في النظر، في البرامج، في المذاهب، فإنه لا يجدون مع من يتآمرون، ولن يجدوا مع من يطبقون المؤامرة أو البرنامج وحتى في أفعالهم الهوجاء أظهروا هذا الذي قلته لكم.

من ذهب ضحية؟ عسكريون، مدنيون، علماء، أساتذة، شعراء، موظفون، عمال صغار، مسخرون، سواقة، طباخون، جنود، ضباط.

وهذا مما يجعلني أؤكد مرة أخرى أن الجيش نفسه جيش سليم، والدليل على هذا أنهم نادوا بأسماء بعض الضباط واغتالوهم.

فكيف يمكن أن يعقل أن هؤلاء الناس يمكنهم أن يلموا شتات الدولة، ويجمعوا الشمل بعد ما قتلوا العسكري والمدني، العالم، 

والجاهل، الفقير، والغني، الشاب، والكهل، من هو موصوف باليمين، ومن هو منعوت باليسار، لذا إذا كان هناك شيء زيادة 

على السلامةسلامة الدولة، وسلامتنا جميعا والتي يجب أن نحمد الله عليها ونشكره جميعا، فإننا نحمد الله على أننا نعتز 

بمغربيتنا، وكل واحد فينا ليس له الحق ليحتشم من مغربيته كان مدنيا أو عسكريا وليس له الحق أن يحتشم من البذلة التي

 يرتديها.

نقول إن هذه بمثابة خزينة، خزينة كان حراسها في سبات عميق، أساسه الطمأنينة أساسه عدة أسباب تعرضت إلى مجموعة

 من المغتصبين الذين حاولوا اغتصاب السلطة ولا أقول المشروعية، ولا الحق القانوني، بل حاولوا أن يختلسوا السلطة ويغتصبوا

 الأموال والأرواح، والله سبحانه وتعالى رد كيدهم في نحورهم.

أنا كملك لهذه البلاد، ومسؤول عن مقوماتها ووحدتها، يمكنني أن أقول لك شعبي العزيز إن هذه النتيجة التي وصلت إليها، هي 

أحسن نتيجة، بل هي أقوى نتيجة يمكن أن تشجعني على العمل، على أنني أعرف أن صفوف الأمة لا يمكن أن تتفرق، وعلى

 أن أولئك  الناس الذين قاموا بالعملية لم يكن لهم ظهير في الماضي ولن يكون لهم حلفاء في المستقبل.

والآن هذه أحداث عاشر يوليوز، وأريد هنا كذلك بالنسبة للشعب، لشعبي الذي هو أسرتي الكبيرة، أريد أن أخاطبه كذلك بلغة

 الطبيب النفساني فأقول له:للمثقفين وغير المثقفين ، السياسيين وغير السياسيين.

أقول لهم إياكم ثم إياكم أن تعيشوا دائما وأبدا في جو عاشر يوليوز 1971، وإلا ستكونون بمثابة ذلك السائق، الذي عوض أن

 يرى أمامه، يسوق سيارته وهو يرى في المرآة التي تنظر إلى الوراء، فلا بد أن تقعوا في حادث سير، وبالطبع علينا أن نرى

 إلى عاشر يوليوز بمثابة الذكرى التي ستنفع المومنين، بمثابة امتحان لابد أن نستنتج منه نتائج، بمثابة موعظة نتعظ بها، 

ولكن علينا أن لا نقف هنا أنظارنا ونظرياتنا.

يجب أن نكون مثل ذلك السائق، إذا كنا نريد سياقة السيارة، ونقودها إلى الأمام، وإلى شاطئ النجاة، علينا أن نرى من حين 

لآخر إلى تلك المرآة لكي لا ننسى، ولكي تتجه أنظارنا إلى المستقبل، زيادة على أن الرجل الحقيقي الذي يتمتع بتوازنه 

العصبي والفكري والروحي والعاطفي هو الذي كيفما كانت الهزة التي وقعت له في أعصابه، وفي نفسه، هو الذي يرى أنه 

إذا بقي على قيد الحياة، عليه أن يعمل لأن الذي يعيش ولا يعمل من الأفضل أن يموت.

إذن مهما بقي على قيد الحياة فلابد له منطقيا أن يمارس واجبات الحياة، ومهام الحياة.

كلنا صدمنا، والذي خفف من صدمتي هو كما قلت لكم، أن وحدانية الدولة، ووحدة الأمة خرجت من هذاالامتحان وهي 

بيضاء لا لطخة فيها.

طيب، علينا أن نتجه إلى الأمام، وننظر إلى الأمام وفي اليوم الثاني، بل في اليوم الأول صرحت أنني قمت بنقد ذاتي وسأقوم 

بنقد ذاتي، ولن أغير مبادئ سياستي، لأنني أعتقد أنه في الميدان الداخلي، أو الميدان الخارجي، المبادئ كل المبادئ التي 

هي مبنية على سياسة، مبادئ واضحة لم تثر إلا إعجاب الجميع في الداخل والخارج.

ولكن قلنا أننا سنغير وسائل العمل ووسائل الشغل هنا وسائل العمل.وسائل العمل كما تعلم شعبي العزيز أنها تقسم السلطة 

إلى ثلاثة أقسام:

سلط الملك.

وسلط الحكومة.

وسلط البرلمان.

ونجد فيما بين البرلمان والملك حكومة لها سلطات متعلقة بنفسها، ولها سلطات يمكن أن تفوض لها، ومما يدل على هذا

 هو الفصل التاسع والعشرين من الدستور حيث يقول في الفقرة الأولى من هذا الفصل : يمارس الملك السلطة التنظيمية، وتحدد ظهائر شريفة الميادين التي يفوض فيها الملك هذه السلطة للوزير الأول.

قررت أنني سأضع حكومتي جماعة وفرادى أمام مسؤوليتها، لا أتهرب من المسؤولية، لأن أكبر مسؤولية دستورية لي هي

 تسمية أولئك الوزراء، وعلى رأسهم الوزير الأول، أو إعفاؤهم إذا لم يعملوا، ولكن مع الأسف، عدم وجود الفرد والبشر 

مجابها لنفسه، ومجابها لمسؤوليته بدون أي واسطة فإن هذا ينقص من الفعالية، فلهذا قررت أن أفوض لا أن أتنازل، 

ولكن أفوض بما في الكلمة من المعنى.

من المسؤولية، أفوض للوزير الأول وللحكومة السلطة التنظيمية حتى يمكن لكل واحد أن يظهر بمظهره الحقيقي.

ومن باب التبعية والمنصب، فمهام المدير العام للديوان الملكي لم يبق لها أي مبرر، وحقيقة يصعب علي في هذا الظرف 

الوجيز، وفي كلمات محدودة في حروفها محدودة في منطوقها أن أحاول أن أعبر عمايربطني بالمدير العام للديوان الملكي 

السيد إدريس السلاوي من روابط قديمة وحديثة، روابط صداقة وروابط تقدير، وروابط يمكن أن أقول عنها إنها أكثر من

 روابط أخوية، ولكنني أريد أن أقول على هذه التجربة بكل ما في الموضوعية من معنى،  ضحيت بهذا المنصب، منصب 

المدير العام، ولم أضح  حتى فهمني، وتفاهمنا، مازلت موقنا أنه كيفما كان منصب الذي سيشغله سأجد فيه الجندي، سأجد فيه

 الراعي للأمانة، سأجد فيه الناصح النصوح.

وحينما استدعيت الوزير الأول، لأعطيه البرنامج سواء فيما يخص الوسائل، أو فيما يخص العمل، طلب مني أن أعفيه من 

المهام التي كانت مناطة به، ولو لم أكن أعلم ما في مولاي أحمد العراقي من النزاهة والإستقامة والإخلاص، لاعتقدت أن 

هذا تهرب من المسؤولية، ولكنه قال لي : أطلب من سيدنا ونصيحتي لسيدنا وحيث سيقدم سيدنا على تجربة جديدة أن يجدد ما أمكن من الناس، ويبدأ بي أنا شخصيا.

وكما قلت لو لم أكن أعلم ما في مولاي أحمد من شجاعة ونزاهة وتعلق لكنت أظن، ولكن حاشا لله، ما رأيت منه إلا الخير،

 وفي أصعب الظروف التي اجتازتها الحكومة، وبالأخص في شهري يبراير ومارس الماضيين، ما رأيت منه إلا الرجل المستقيم 

الذي كان يموت كمدا لما يسمعه ويقرأه ويراه، وأنني لأعتمد عليه بصفته برلمانيا في ذلك المكان الذي فيه سلطة منظمة 

أن يبقى معاوننا، ويكون بجانبنا، وعندي اليقين أنه سيبقى بجانبنا يعيننا ويشير علينا بما يعتقد فيه الخير لهذه البلاد.

ومن باب التبعية قبولنا لملتمس الوزير الأول يقتضي دستوريا أن الحكومة الحالية قد أقلناها من مهامها، لنأتي برجال 

يكونون أقل عددا ويكونون بمقتضى هدا التفويض أكثر سلطة إذن أكثر مواجهة للمسؤوليات جماعة وفرادى.

ولكن على الجميع أن يتساءل : ماهو برنامجهذه الحكومة ؟ أقول لكم، نعم، كل حكومة ليست إلا حكومة مؤقتة، لأنه لا 

توجد حكومة ما دائمة، ولكن هذه الحكومة سأعطيها سنتين أو سنة ونصف لكي تضع برنامجا في النقط الآتية.

التعليم، الثروة المغربية، الإدارة المغربية، العدالة بمعنى العدالة القضائية.

لا يمكن في القرن الذي نعيشه أن نبقى كآباء أو كمستهلكين للأطر أو كشباب جاهلين، ماهو المستقبل ؟

وماهو المنفذ؟ وماهو المستوى؟ وماهي وسائل التعليم ؟

إذن، عليها أن تضع في هذا الظرف على أقل تقدير برنامجا واسعا، ظاهرا، لا غبار عليه للمنافذ، للأطر، للمستقبل الاقتصادي

 لكل فرد مغربي.

وكنا دائما نقول أن سياستنا واشتراكيتنا ترمي إلى إغناء الفقير لا إفقار الغني، ولكن،مع الأسف الشديد، ولأسباب، لا أريد 

أن أرجع إليها رأينا أن الفقير لم يغتن ولكن الغني زاد غنى، فكبرت الهوة والشقة بين الفقير والغني ولا يمكن هذا في بلد

 دستوره هو القرآن ودستور القرآن هي التعادلية والمساواة تلك المساواة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم إنها 

كأسنان المشط، لذا، على الحكومة في الظرف الذي سأتيحه لها أنها تمشي في سياسة توزيع الثروة المغربية وهو توزيع 

الثروة المغربية توزيعا يغني بيوتا هي الأكثرية، بل الأغلبية من الشعب المغربي، علينا أن ننظر في الأراضي المسترجعة، 

وفي الأراضي السقوية، وفي توزيع الأراضي، وفي كيفية توزيع الأراضي ، وفي كمية الهكتارات التي ستوزع.هذه كلها سياسة 

الثروة الفلاحية

علينا أن ننظر إلى خيراتنا، وإمكانياتنا، وننظم تجارتنا،  وننظم صناعتنا، حتى تصير الثروة المغربية مقسمة على مجموع 

المغاربة، وحتى يكون مجالها ليس مغربيا فقط، بلجهويا في هذه الناحية من العالم.

وتنظيم الإدارة ليس في مطمحي ولا في إمكاني، أن أغير الطبيعة البشرية، بل من واجبي أن أغير السلوك الإداري.

حقيقة، جاء وقت في هذه المدة التي كنا نجتازها على أنه كيفما كانت الجريمة المرتكبة فيما يخص الرشوة أو استعمال 

النفوذ، وكيفما كان المستوى الذي ارتكبت فيه، حتى إذا لم يكونوا يشيرون مباشرة إلى من بيده مقاليد الأمور في هذه الأمة، 

كانوا يشيرون ويقولون على كل حال، فلان أو فلان أو فلان يعملون في ظل كذا، وأصبحت في يوم من الأيام أنا الذي من شعاراتي المظل والصولجان ، أنا بقيت 

في الشمس وعدد من الناس في الظل وفي الظل، استظلوا به للسرقة، للنهب، للرشوة، للفتك بأعراض الناس وأموالهم. 

و كيف يمكن لنا أن نخرج ؟

أولا : أقول للناس الذين يستمعون إلي أو يروني في شاشة التلفزيون أنني سأعتبر كل من تدخل في قضية فلان أو فلان، 

راشيا أو مرتشيا فلكل من تدخل في قضية فلاحية أو رشوة إدارية أو رشوة هنا وهناك، أقول له الآن،إذا مارست بعد هذا

 اليوم تدخلا لدى المحاكم أو لدى المحاكم أو لدى الوزراء فاعتبر نفسك راشيا أو مرتشيا.

أقول ثانيا:إن المجالس التأديبية الموجودة في الإدارات يجب أن يعاد فيها النظر.

يوجد إنسان سارق سبعة أو ثمانية عشر مليونا يحيلونه على المجلس التأديبي، ويكتفي في المجلس التأديبي أن يقولوا له:

سنوجه لك لوما، بل يمكن توقيفه، وهذا الإنسان لا ينتظر إلا التوقيف لكي يتسنى له العمل في القطاع الخاص بعدما سرق

 السرقة، أنا أعتبر شخصيا أنه من باب الإصلاح الإداري يجب على كل مجلس تأديبي أن يكون له ما يتبعه قانونيا فإذا كان 

القضاء قد برأه فذاك وإذا لم يبرئه يعاقب ولكن بكيفية أوتوماتيكية، فكل إنسان مر أمام مجلس تأديبي له أو عليه ما يتبعه

 من بحث قضائي.

ثالثا:على الجهاز الإداري أن يتحرر قليلا، حقيقة كل شيء كان يحتاج إلى إذن، فنجد الرشوة في الحالة المدنية إلى جواز سفر

 إلى رخصة تجارية إلى وإلى، وإلى.

على الإدارة أن تعيد النظر في نصوصها التنظيمية والإدارية لأنه كلما كان عنبوب الأذن كان شلال من الرشوة، وكلما قلت 

عنابيب الأذن انتهت شلالات الرشوة.

وأخيرا العدل، العدل ليس أساس الملك من الناحية الدستورية، هو أساس التوازن لأن الله سبحانه وتعالى ليس ملكا كالملوك

 دستوريا ولا سياسيا، فهو المالك ولكن وصف نفسه بالعدل، ذلك لأن العدل هو أساس كل مجتمع يريد أن يعيش في توازن 

لا طغيان فيه، ولا ديكتاتورية ولا غصب، ما أريده هو إعادة النظر في النظام القضائي، |أريد إعادة النظر في القضاة، أريد 

عدلا دقيقا مستقيما، وأريد عدالة نزيهة سريعة، أريد أن يعيش الشعب المغربي في الظل الوارف للعدل، وفي ظل العدالة، 

أريد للأسرة الكبرى أن تعيش في أحضان إدارة نزيهة نقية طاهرة، أريد لأسرتي الكبيرة أن تعيش في بلد ثرواته 

ولله الحمد كثيرة، ولكن ثرواته ليست مقصورة على طائفة دون طائفة بل في إمكان كل مغربي وثاب ذكي نشيط عامل 

أن يصل إلى أقصى مستوى، أريد لأسرتي الكبيرة التي تعيش في القرن العشرين أن تشارك في غزو الفضاء في آخر هذا 

القرن، أريد لأبنائنا أن لا يكونوا ركابا لا بولو فقط، ولكن أريد أن يكونوا روادا لا بولو، ولا يمكننا أن نصل إلى هذا إلا أحكمنا 

مستقبل أبنائنا، وطرق التلقين ووسائل التعليم.

شعبي العزيز

أعتقد بعد هذا لا يمكنني أن أقول بكيفية موجزة أكثر مما قلت، وأنى أتذكر أنني يوم ثامن يوليوز حينما خاطبتك بمناسبة 

عيد الشباب، وفي الدعاء الذي ختمت به خطابي، كنت أدعوا الله أن كان يعلم أن في نفسي وفي روحي وفي قلبي ما يعود 

على هذا البلد بالخير أن يبارك في عمري، وأسرتي، وذريتي، وعكست دعائي وزدت  اللهم إن كنت تعلم أن في قلبي ولو 

مضغة غير صالحة لا تحمل لهذا البلد الحب، ذلك الحل، كما كنت أقول، الذي يقرب من الثنية، اللهم لا تبارك لي في عمري

 ولا في أسرتي ولا في ذريتي.

وقلت هذا القول لا تجازفا، ولا تحت تأثير العاطفة، قلته لأنني كنت في حالة ارتياح مع ضميري، وحينما دعوت ربي كنت 

أعلم أن في قلبي ما أقوله.

والله سبحانه وتعالى الذي قال : إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتيكم خيرا، أتانى من خيراته أكبر حجة، وأكبر دليل في

 مدة أقل من يوم، ومن بعد ذلك اليوم نجاني ونجى أسرتي الصغيرة وأسرتي الكبيرة مما كان سيخيم علينا من مصيبة، ومن الفناء.

والآن أدعو الله سبحانه وتعالى الذي لم يخيب لي دعاء، ولن يخيب لي دعاء أن يعيننا جميعا، شعبي العزيز، إن الطريق التي 

سنسلكها طريق طويل، فيها متاعب، لابد لقاطرة الدولة أن تسير، وستستأنف قاطرة الدولة مسيرتها في أقرب وقت ممكن.

وسأعود لأكرر ما قلته في الأول، كل مغربي مغربي كان يوم عاشر يوليوز في يوم مصيبة لا فرق بين هذا وذاك، بحيث من

 باب التبعية، ومن باب المنطق فإن كل مغربي مغربي من واجبه أن يعمل يده في الدلو وينهض ليعين على القيام بالواجب، 

فقطار الدولة سيسير، وساعة ساعة سيتوقف عسى أن يركب في القطار كل ذوي النيات الحسنة، دون استثناء ودون ميز

 سياسي، أو نقابي، دون ميز بين هذا وذاك، علينا أن نعلم أننا كلنا سنكون في“التنور”علينا إذن أن نفتح للجميع الباب ليعمل 

الجميع على نجاة الجميع.

وأنا أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطينا حسن التدبير وأن يرزقنا حسن التمييز، علينا أن نميز بين الأنانية وبين روح 

التضحية، علينا أن نميز بين ما ديماكوجي وبين ماهو أساسي، علينا أن نميز بين ما نقوله للجماهير، وبين ما علينا أن نعمله بأنفسنا، ونعمل عليه ونسير عليه، علينا إذن أن نغير نظاراتنا، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان بمجهود من الجميع، ولا يمكن أن 

لا يكون هذا المجهود من الجميع، حيث أن الجميع كان سيذهب ضحية لهذه الكارثة.

اللهم أصلح أحوالنا وثبت أقدامنا، وأنر قلوبنا، ووضح سبيلنا، وألهمنا حسن التدبير، إنك مجيب الدعاء، وإنك بالحمد 

والشكر جدير.

والسلام عليكم ورحمة الله.

 

 

التعليقات مغلقة.