الخطاب الملكي .. فاصل بين “تحقيق اغراض حزبية ضيقة” و”تغيير الفساد خارج إطار القانون” – حدث كم

الخطاب الملكي .. فاصل بين “تحقيق اغراض حزبية ضيقة” و”تغيير الفساد خارج إطار القانون”

منذ اعتلائه عرش اسلافه المنعمين، وجلالة الملك حفظه الله ، ينبه ويرشد وينصح من يهمهم الامر!،  من خلال خطبه السامية ، سواء كانت بمناسبة عيد العرش او اعياد اخرى ، وكذلك الشأن امام البرلمان، لاستحضار مصلحة البلاد والعباد بدل المصالح الشخصية   والحسابات السياسة الضيقة ، التي لا تخدم في شموليتها البعد المستقبلي ، لمن ينهج الشخصنة في تصرفاته وتصريحاته وغيرها من الامور،  التي اكل عليها الدهر وشرب، وطواها الزمن والتاريخ مع القرن الماضي.

فمن خلال ما اصبح يتداول في الصالونات، وفي بعض اللقاءات سواء منها الحزبية او غيرها، والتي لا تمت بصلة للواقع من خلال نهج سياسة الهروب الى الامام، وتأويلات يراد منها دغدغة شعور المواطنين، لكسب عواطفهم واستمالتهم مرة اخرى للاستمرار في الجلوس على الكراسي الوثيرة دون مراعاة ما لهم وما عليهم، اكد جلالة الملك مرة اخرى ما اشار اليه في السابق ، في خطابه هذا بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يخلد الذكرى السابعة عشرة، قائلا: “ما أريده لكل المغاربة أينما كانوا في القرى والمدن ، وفي المناطق المعزولة والبعيدة ، هو تمكينهم من العيش الكريم في الحاضر ، وراحة البال والاطمئنان على المستقبل ، والأمن والاستقرار على الدوام ، في تلازم بين  التمتع بالحقوق ، و اداء ا لواجبا ت” مضيفا حفظه الله بانه يتمنى القيام بالكثير مما يجب القيام به خاصة ونحن على أبوا ب مرحلة جديد ة ستنطلق مع ا لانتخابات التشريعية المقبلة.

وبصفتي ـ يقول جلالته ـ “الساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وعلى صيانة الاختيا ر الديمقراطي ، فإنني لا أشارك في أي انتخا ب ، ولا أنتمي لأي حزب . فأنا ملك لجميع المغاربة مرشحين ، وناخبين ، وكذلك الذين لا يصوتون .كما أنني ملك لكل الهيآت السياسية دون تمييز أو استثناء . وكما قلت في خطا ب سابق ، فالحزب الوحيد الذي أعتز بالانتماء إليه هو المغر ب.

وبهذا يكون جلالة الملك نصره الله قد قطع الشك باليقين، مع كل من يريد البكاء على الاطلال ، وتوزيع الذرائع التي لا تنفع في شئ مع الواقع المعاش، مؤكدا على ان شخص الملك ، يحظى بمكانة خاصة في النظام السياسي وعلى جميع الفاعلين مرشحين وأحزابا تفادي استخدامه في أي صراعا ت ا نتخابية أو حزبية.

وقال جلالته : “إننا أمام مناسبة فاصلة لإعادة الأمور إلى نصابها ، من مرحلة كانت فيها الأحزاب تجعل من الانتخاب آلية للوصول لممارسة السلطة ، إلى مرحلة تكون فيها الكلمة للمواطن، الذي عليه أن يتحمل مسؤو ليته، في اختيار ومحا سبة المنتخبين.
فالمواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين . وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم . وله أيضا سلطة محاسبتهم أو تغييرهم ، بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم”.

موجها نصره الله النداء لكل الناخبين ، بضرورة تحكيم ضمائرهم ، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين ، خلال عملية التصويت بعيدا عن أي اعتبا رات كيفما كان نوعها ، مع دعوة الأحزا ب لتقديم مرشحين ، تتوفر فيهم شرو ط الكفاءة والنزاهة ، وروح المسؤولية والحرص على خدمة المواطن .

واكد جلالة الملك على ان “احزاب الأغلبية مطالبة بالدفاع عن حصيلة عملها خلال ممارستها للسلطة ، وعلى أحزاب المعارضة تقديم النقد البناء واقتراح البدا ئل المعقولة في إطار تنافس مسؤو ل من أجل إيجاد حلول ملموسة ، للقضايا والمشاكل الحقيقية للمواطنين”.

مذكرا مرة اخرى بالمسؤولية الملقاة على رئيس الحكومة وزير الداخلية ووزير العدل والحريات، اتجاه  ضمان نز اهة وشفافية المسار الانتخابي، مع معالجة بعض التجاوزات، كما هو الحال في أي انتخابا ت طبقا للقانون، من طرف المؤسسات القضائية المختصة .

غير أن ما يبعث على الاستغراب، ـ يقول جلالته ـ ” أن البعض يقوم بممارسات تتنافى مع مبادئ وأخلاقيا ت العمل السياسي، ويطلق تصريحات ومفاهيم تسي ء لسمعة ا لوطن، وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات، في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين ، ولا يفوتني هنا أيضا، أن أنبه لبعض التصرفات والتجاوزات الخطيرة، التي تعرفها فترة الانتخابات، والتي يتعين محاربتها، ومعاقبة مرتكبيها، وان لا يكون موعد الانتخابات، وكأنها القيامة، لا أحد يعرف الآخر. والجميع حكومة وأحزابا، مر شحين وناخبين، يفقدون صوابهم، ويدخلون في فوضى وصراعات، لا علاقة لها بحرية الاختيار، التي يمثلها الانتخاب،  وهنا أقو ل للجميع، أغلبية ومعارضة : كفى من الركوب على الوطن، لتصفية حسابات شخصية، أو لتحقيق أغراض حزبية ضيقة”. كلام جلالة الملك.

اما الشق المتعلق بالخريطة السياسية التي رسمها جلالته منذ اعتلاء العرش ، فيكمن في المفهوم الجديد للسلطة ، حيث قال: “أكدنا ذلك عدة مرات، فإن القيام بالمسؤولية، يتطلب من الجميع الالتزام بالمفهوم الجديد للسلطة، الذي أطلقناه منذ أن تولينا العرش، ومفهومنا للسلطة هو مذهب في الحكم، لا يقتصر، كما يعتقد البعض، على الولاة والعمال والإدارة الترابية. وإنما يهم كل من له سلطة، سواء كان منتخبا، أو يمارس مسؤولية عمومية، كيفما كان نوعها.
والمفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة، التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة، وتطبيق القا نون. وبالنسبة للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا، عن طريق الانتخاب، وكسب ثقة المواطنين .

كما أن مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله : في الانتخابات والإدارة والقضاء، وغيرها. وعدم القيام بالواجب، هو نوع من أنواع الفساد، والفساد ليس قدرا محتوما. ولم يكن يوما من طبع المغاربة. غير أنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع”.

والواقع ـ يضيف حفظه الله ـ “أنه لا يوجد أي أحد معصوم منه، سوى الأنبياء والرسل والملائكة، وهنا يجب التأكيد أن محاربة الفساد لا ينبغي أن تكون موضوع مزايدات، ولا أحد يستطيع ذلك بمفرده، سواء كان شخصا، أو حزبا، أو منظمة جمعوية. بل أ كثر من ذلك، ليس من حق أي أحد تغيير الفساد أو المنكر بيده، خا رج إطار القا نون”.

وبهذا الشطرين من الخطاب الملكي السامي ، يكون جلالته قد وضع اصبعه على مكامن الخلل، في السياسة .. الفساد .. والسلطة، واعطى اشارات قوية لمن يتخيل نفسه بانه قادر على المراوغة، او فوق القانون ، بان ذاك الزمن قد ولى بدون رجعة ، والحاضر الآتي “اللي فرط ايكرط”. والدوام للاصلح.

وهذا ما حدث، وفي انتظار ما سيحدث، نغتنم المناسبة لنتقدم باحر التهاني والولاء لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، راجين من العلي القدير ان يديم على جلالته الصحة وطول العمر، ويحفظه والاسرة الملكية الشريفة، بما حفظ به الذكر الحكيم، وان يقر عينه بصاحب السمو الملكي ولي العهد الامير مولاي الحسن، ويؤازر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الامير مولاي رشيد، انه سميع مجيب.

 

 

التعليقات مغلقة.