جزر الكناري: أعمال التخريب المتواترة التي تطال الموروث الطبيعي والأركيولوجي بالأرخبيل تشغل بال المنظمات غير الحكومية | حدث كم

جزر الكناري: أعمال التخريب المتواترة التي تطال الموروث الطبيعي والأركيولوجي بالأرخبيل تشغل بال المنظمات غير الحكومية

28/06/2019

تشتهر جزر الكناري في جميع أنحاء العالم بثراء موروثها الطبيعي والأركيولوجي والثقافي الذي يستقطب سنويا ملايين السياح من جميع أنحاء العالم غير أن هذه الفضاءات والمواقع التراثية المصنفة كتراث طبيعي وأثري بالأرخبيل أضحت تتعرض خلال السنوات الأخيرة لهجمات وعمليات تخريب متواترة مما أثار انزعاج العديد من المهتمين والمتخصصين خاصة لدى جمعيات وهيئات المجتمع المدني المعنية بالحفاظ على هذه الفضاءات ذات القيمة العلمية والمادية التي لا تقدر بثمن .

وتعتبر العديد من الأصوات والجهات بجزر الكناري المهتمة بحماية وصيانة المواقع الطبيعة والمآثر الأركيولوجية والحضارية عمليات التخريب التي ما فتئت تمس بصورة متكررة هذه المواقع بأنها ” هجمات تخريبية ” مقصودة ستؤدي لا محالة إذا لم تضع لها السلطات المعنية حدا إلى اندثار هذه المواقع الطبيعية ونهايتها .

وبالنظر لتواتر عمليات التخريب التي تطال الموروث الطبيعي والأركيولوجي الذي يميز أرخبيل الكناري فإن وسائل الإعلام المحلية خاصة منها الصحافة المكتوبة ما انفكت تندد بهذه الممارسات التي تصفها ب ” الهجمات التخريبية ” وتعمد إلى إثارة انتباه السلطات المعنية وتحفيزها على التدخل ووضع حد لهذه الظاهرة التي تهدد هذا الثراء والتنوع الذي يميز جزر الكناري التي تصنف ما يقرب من 55 في المائة من أراضيها كتراث طبيعي وطني محمي .

وتعد مؤسسة ” تيليسفورو برافو خوان كويلو ” التي يوجد مقرها ب ( سانتا كروز دي تينيريفي ) واحدة من بين الجمعيات التي تواصل نضالها من أجل محاربة هذه الظاهرة ووضع حد لها من خلال العديد من المبادرات التي تقوم بها في المجال خاصة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وكذا من خلال تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية ولقاءات وندوات تستهدف الزيادة في مستوى وعي المواطن والمسؤولين بأهمية المحافظة على هذا التراث الطبيعي والأركيولوجي وتحفيز تلاميذ المؤسسات التعلمية وتشجيعهم على الانخراط في الجهود المبذولة لحماية وصيانة هذه المواقع والمنتزهات إلى جانب التحذير من مخاطر الاندثار التي تهددها .

وقال خايمي كويلو مدير مؤسسة ” تيليسفورو برافو ” إن أعمال التخريب التي تطال مختلف المواقع الطبيعية والأركيولوجية بالأرخبيل أضحت ” تتواتر بصورة غير طبيعية ” خلال السنوات الأخيرة وذلك جراء الأعداد المتزايدة من السياح والزوار الذين يتوافدون على هذه الفضاءات والمنتزهات الموزعة بمختلف الجزر المشكلة للأرخبيل والذين تستقطبهم المناظر الطبيعية الخلابة والعرض السياحي المتنوع الذي يميز جزر الكناري في مناخ معتدل على مدار العام .

ويبرز ثراء الموروث الطبيعي بجزر الكناري من خلال العدد الكبير من السياح والزوار الذين تستقطبهم سنويا الحدائق والمنتزهات الطبيعية وعلى رأسها فضاء ( تيد ) الذي هو من أصل بركاني والمصنف من طرف منظمة ( اليونسكو ) ضمن قوائم التراث الإنساني العالمي .

وقد استقبل هذا الموقع خلال الفترة ما بين 1996 و 2017 أزيد من 73 مليون من الزوار بمعدل يقدر ب 3 ر 3 مليون شخص في السنة .

كما أن المنتزه الوطني الثاني ( تيمانفايا ) بجزيرة لانزاروتي الذي يعد من الفضاءات البركانية الأكثر حداثة بجزر الكناري لأنه نتج عن الانفجار البركاني الذي عرفته المنطقة في القرن 18 استقطب بدوره خلال نفس الفترة ما مجموعه 5 ر 36 مليون من الزوار .

وبرأي خايمي كويلو فإن قلة الوعي الثقافي لدى عامة الناس يعرض مثل هذه الفضاءات التراثية والمنتزهات ذات الغنى والثراء المتنوع للضرر ” الذي غالبا ما لا يمكن إصلاحه ” مؤكدا أنه مع توالي وتعاقب عمليات التخريب التي تطال هذه المنتزهات الطبيعية والتي تبرز بشكل خاص في النقوش والتماثيل والرسومات تفقد هذه المواقع قيمتها التراثية دون الحديث عن عدم اهتمام الزوار الذي ينعكس في فقدان موارد اقتصادية جد مهمة .

ولمواجهة هذه الظاهرة وتداعياتها الاقتصادية الخطيرة أقدمت ” مؤسسة تيليسفورو برافو خوان كويلو” على إطلاق حملة توعية على الشبكات الاجتماعية ومنصات التواصل تحت شعار ” مروا دون أن تتركوا أي أثر ” تهدف من بين أمور أخرى إلى إثارة انتباه الجمهور للمخاطر المحدقة بمثل هذا الموروث الطبيعي والأركيولوجي وكذا تحسيس السلطات المحلية والجهوية بخطورة الظاهرة وما قد تسببه من أضرار ومخاطر بهذا التراث الطبيعي.

كما تعتزم هذه المنظمة غير الحكومية إحداث شبكة من المتطوعين للرفع من مستوى الوعي لدى السكان والزوار وإحصاء عمليات التخريب التي تتعرض لها هذه الفضاءات مع تنبيه السلطات المحلية وتحفيزها على اتخاذ مبادرات وإجراءات لمواجهة الظاهرة وذلك في ( تينيريفي ) التي توجد بها مناطق تصل مساحتها الإجمالية إلى أكثر من 1000 كلم مربع هي عبارة عن مناطق محمية تشكل جزء مهما من التراث الطبيعي الوطني .

وأكد السيد خايمي كويلو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه على الرغم من شساعة وثراء وتنوع هذا الموروث الطبيعي في تينيريفي فإن السلطات المحلية لا تخصص سوى القليل من الموارد البشرية والمادية من أجل حمايته وصيانته من التدهور والاندثار مضيفا أن تينيريفي لا تتوفر سوى على 40 من الأشخاص المكلفين بمراقبة هذه المساحات الشاسعة من المنتزهات الطبيعية والأثرية التي تتجاوز مساحتها الإجمالية 1000 كلم مربع.

وشدد على أن هذا العدد القليل من الأشخاص المكلفين بمهام المراقبة والتتبع يجسد بحق الخصاص الكبير في الموارد البشرية والمادية الموجهة لحماية وصيانة هذا الموروث الطبيعي والأركيولوجي الذي تشتهر به جزر الكناري والمعروف على مستوى العالم .

وتقترح مؤسسة ” تيليسفورو برافو ” تخصيص جزء من إيرادات السياحة من أجل تمويل عمليات ومبادرات دعم وحماية الموروث الطبيعي والأركيولوجي بجزر الكناري خاصة في ما يتعلق بتقوية وتعزيز الموارد البشرية المكلفة بعمليات المراقبة والتتبع وذلك من أجل مواجهة هذه الظاهرة السلبية التي لا تقتصر فقط على الموروث الطبيعي والأركيولوجي بأرخبيل الكناري بل تمس مختلف مناطق العالم .

كما تدعو المؤسسة السلطات المعنية بالأرخبيل إلى القيام بردة فعل فورية اتجاه هذه الظاهرة لمحاصرتها وبالتالي التقليص من تداعياتها على هذا الموروث الوطني المعروف عالميا بثرائه وتنوعه .

إدريس التكي / و.م.ع

التعليقات مغلقة.