“القوافل الطبية متعددة التخصصات” .. تكريس لثقافة العمل الإنساني وإحياء لقيم التضامن والتعاون داخل المجتمع المغربي – حدث كم

“القوافل الطبية متعددة التخصصات” .. تكريس لثقافة العمل الإنساني وإحياء لقيم التضامن والتعاون داخل المجتمع المغربي

إدريس اكديرة:  تعتبر القوافل الطبية متعددة التخصصات، التي يتم تنظيمها في المناطق النائية من أجل تمكين ساكنتها من الولوج للخدمات الطبية المختلفة لاسيما في مجال التخصصات، مظهرا جليا من مظاهر العمل الإنساني، ومبادرات لإحياء قيم التضامن والتعاون داخل المجتمع المغربي.

ومن ثمة تبرز أهمية هذه القوافل الطبية العلاجية المتخصصة التي تجوب القرى والبوادي، لتلبية احتياجات المواطنين وتقديم الخدمة الصحية في المناطق النائية والأكثر احتياجا،فضلا عن سد العجز في بعض التخصصات بالمراكز الصحية.

ويؤكد العديد من الفاعلين الجمعويين أنه إذا كان هدف هاته القوافل الطبية المتخصصة هو تقديم مختلف الخدمات العلاجية والإنسانية والاجتماعية للمواطنين العاجزين عن توفير موارد العلاج أو التطبيب، فإن هذا الرهان لن يتحقق دون تكاثف الجهود وانخراط مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية للاهتمام أكثر بهذه الشريحة المجتمعية.

 وفي هذا الصدد، أوضح السيد عبد الله الطالب، الطبيب الإطار بمديرية السكان بوزارة الصحة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه القوافل، التي هي تدخل صحي محدود في الزمان والمكان يتم في إطاره رصد مجموعة من الإمكانيات البشرية والمادية واللوجيستيكية، تقدم، بالأساس، خدمات صحية علاجية ووقائية لساكنة مستهدفة تعاني من صعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية المتخصصة، مضيفا أن هذه القوافل تشكل جزءا من العمل الذي تقوم به وزارة الصحة في مجال الولوج لهذه الخدمات، خصوصا في المناطق صعبة الولوج، والتي تعاني من الخصاص وقلة الأطر والتجهيزات والخدمات الصحية بصفة عامة.

 وأبرز أن وزارة الصحة تتوفر، في هذا الإطار، على نمطين اثنين لتقديم هذه الخدمات: النمط القار الذي يوجد في العديد من المؤسسات الصحية بصفة عامة، ثم النمط المتنقل الذي تفرضه طبيعة الساكنة بالعالم القروي، بالنظر إلى كونها تكون في الغالب مشتتة ومعزولة وبعيدة عن المراكز الصحية، موضحا أن هناك العديد من هذه الخدمات منها كشوفات الطب العام والطب الاختصاصي، وخدمات التشخيص، وتوفير الأدوية عند الحاجة، وعلاجات الفم والأسنان، والعمليات الجراحية حسب الإمكانيات، وخدمات التوعية والتحسيس.

وأضاف أن من ضمن وسائل وطرق النمط المتنقل هناك الزيارات التي يقوم بها أطر الصحة، من أطباء وممرضين، لحالات داخل البيوت خاصة للنساء الحوامل، علاوة على الوحدات الطبية المتنقلة التي تتوفر على طاقم يضم أطباء وممرضين وتقنيين يقومون بزيارة المداشر والنقط والمراكز التي تكون عادة مسطرة ضمن برنامج خاص، حيث يتم في إطارها تقديم الفحوصات والعلاجات الضرورية، يضاف إلى ذلك المستشفى المتنقل الذي يندرج أيضا ضمن الخدمات المتنقلة.

وقال إن هناك ثلاثة أهداف خاصة لهذه القوافل، يتعلق الأول منها بملاءمة رزمانة الخدمات الصحية لحاجيات الساكنة، حيث يجب أن تشمل هذه الرزمانة الخدمات المقدمة من قبيل الخدمات العلاجية، الوقائية كالكشف عن بعض الأمراض والتوعية الصحية، وأن تستجيب لحاجيات الساكنة المستهدفة المحددة من قبل، وثانيا إشراك الأطباء الأخصائيين في البرامج الطبية سواء الأخصائيين التابعين للوزارة في القطاع العام، أو في القطاع الخاص والمراكز الجامعية، وثالثا المساهمة في تعزيز الخدمات الصحية المحلية.

وبخصوص الإطار القانوني الذي ينظم هذه القوافل الطبية متعددة التخصصات، والصلاحيات الممنوحة لها، ذكر السيد عبد الله الطالب بأنه صدر في 24 يوليوز 2015 مرسوم وزاري رقم 562 / 14 / 2 ينظم القوافل الطبية، ويوضح طرق تنظيمها وصلاحياتها على جميع المستويات، سواء على صعيد المندوبيات الإقليمية لوزارة الصحة، أو المديرية الجهوية والمدير الجهوي، وكذا صلاحياتها المركزية، مبرزا أن هذا المرسوم الوزاري يأتي تنفيذا للقانون الإطار 34 / 9 المتعلق بالعرض الصحي عامة وبالخريطة الصحية، ويعطي الصلاحية للمؤسسات التي تقدم خدمات صحية ثابتة، وكذلك خدمات صحية متنقلة، ومنها القوافل الطبية.

وأوضح السيد الطالب أن الصلاحيات حسب مستوى المسؤولية تشمل على المستوى المركزي، بالخصوص، منح الرخص لتنظيم القوافل، ومنح رخص استيراد الأدوية والتجهيزات المعفاة من الرسوم الجمركية، ورخص الاستيراد المؤقت للتجهيزات والمعدات، والدعم التقني واللوجستيكي للمديريات الجهوية والمندوبيات الإقليمية، وعلى المستوى الجهوي منح رخص التنظيم، وبرمجة القوافل المتخصصة على صعيد الجهة، والدعم التقني واللوجستيكي لمندوبيات الصحة التابعة لها، والمراقبة والتتبع والتقييم الدوري لتطبيق البرنامج الجهوي المسطر للقوافل، وعلى المستوى الإقليمي منح الرخص لتنظيم القوافل الطبية والمساهمة في تسطير البرنامج الجهوي للقوافل الطبية.

وفيما يتعلق بأنواع القوافل الطبية متعددة التخصصات ومعايير برمجتها والخدمات التي تقدمها، أكد السيد الطالب أنه يجب أن تنظم جميع القوافل الطبية داخل مؤسسات صحية، حيث تكون الخدمات الصحية عادية بمؤسسات الرعاية الصحية والمراكز الصحية (نوع أ) أو استشفائية بالمستشفيات (نوع ب)، وقد تكون متعددة الاختصاصات أو ذات اختصاص واحد للحد من مشكل صحي بمنطقة ما، وتنظم من طرف وزارة الصحة أو من طرف أحد الشركاء أو هما معا، وذلك في إطار احترام البرنامج المسطر والقوانين الجاري بها العمل.

وبخصوص معايير التنظيم، الذي ينبغي، في رأيه، أن يكون عقلانيا وموجها، أكد السيد الطالب أن هذه القوافل، التي تعمل عادة من يوم إلى ثلاثة أيام، وتبقى المدة رهينة بطبيعة وهدف القافلة الطبية، التي يشارك فيها أطر الوزارة ومجموعة من الأساتذة، بشكل تطوعي، تستهدف المناطق التي تعاني من بعد المواعيد الطبية، وتلك التي تعاني من نقص في بعض الاختصاصات، والنقاط ذات الكثافة السكانية المرتفعة (تفوق 20 ألف شخص)، والبعيدة عن المؤسسات الاستشفائية.

وأشار إلى أن وزارة الصحة تعمل على تسطير برنامج سنوي للقوافل الطبية، يشمل تلك التي تنظمها الوزارة والتي تنظم بطلب من الشركاء والفاعلين في المجال الصحي، مضيفا أن هذا البرنامج يسطر من خلال البرامج الجهوية التي تعد وترسل إلى مديرية السكان قبل 20 دجنبر من كل سنة، لتحديد الحاجيات من القوافل الطبية من طرف المندوبيات الإقليمية مع الحرص على احترام المعايير المنصوص عليها، والمصادقة على البرامج الإقليمية والبرنامج الجهوي من طرف المديرية الجهوية للصحة، ودعوة الشركاء للتعبير عن رغبة المشاركة والمساهمة في القوافل المبرمجة، وتجميع رغبات واقتراحات الشركاء ثم وضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الجهوي، والتسطير النهائي للبرنامج الوطني وإعلانه على البوابة الالكترونية للوزارة.

 

 

التعليقات مغلقة.