إسبانيا .. شبح إعادة الانتخابات التشريعية يخيم على المشهد السياسي بالبلاد | حدث كم

إسبانيا .. شبح إعادة الانتخابات التشريعية يخيم على المشهد السياسي بالبلاد

03/09/2019

ــ سناء الوهابي ــ

يبدو أن شبح إعادة الانتخابات التشريعية في إسبانيا قد بدأ يلوح في الأفق إذ لم يبق أمام الاشتراكيين سوى أقل من ثلاثة أسابيع من أجل التوصل إلى اتفاق برلماني لتشكيل حكومة جديدة خاصة في ظل استمرار الانسداد والجمود السياسي لأكثر من أربعة أشهر .

فبعد رفض مجلس النواب ( الغرفة السفلى للبرلمان الإسباني ) في يوليوز الماضي تنصيب بيدرو سانشيز مرشح الحزب العمالي الاشتراكي رئيسا للحكومة خلال جلستين بدأت إسبانيا تتجه نحو إعادة الانتخابات التشريعية ستكون في حالة إجرائها هي الرابعة خلال أربع سنوات ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحزب العمالي الاشتراكي وحزب ( بوديموس ) الذي يمثل أقصى اليسار من أجل تشكيل حكومة جديدة بحلول يوم 23 شتنبر الجاري الموعد النهائي لتحقيق ذلك .

وعلى الرغم من تعهده ببذل قصارى جهده لتشكيل حكومة جديدة وبالتالي تجنب العودة إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية مبكرة يوم 10 نونبر المقبل فإن بيدرو سانشز رئيس الحكومة الإسبانية المنتهية ولايتها لم يتمكن حتى الآن من إقناع باقي الأحزاب السياسية الأخرى خاصة حليفه الرئيسي حزب ( بوديموس ) بدعم تنصيبه على رأس حكومة جديدة لها برنامج تقدمي وتتشكل أساسا من الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات خلال الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 28 أبريل الماضي وهو الحزب العمالي الاشتراكي .

ولتحقيق طموحه لإعادة انتخابه على رأس السلطة التنفيذية في إسبانيا شرع بيدرو سانشيز منذ بداية شهر غشت الماضي في إجراء سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع بعض المجموعات والتنظيمات الاجتماعية ومنظمات وهيئات المجتمع المدني بهدف وضع ” برنامج منفتح يتضمن مقترحات وتدابير تقدمية ” سيتم تقديمه إلى بقية الأحزاب السياسية ومن ضمنها حزب ( بوديموس ) في محاولة لتجاوز الانسداد وحلحلة الوضع السياسي وبالتالي تجنب إعادة تنظيم انتخابات تشريعية لا أحد من الفرقاء السياسيين وكذا الأوساط الاقتصادية يرغب في إجرائها .

وجاء الرد سريعا من حزب ( بوديموس ) على هذا المقترح حين طالب قياديوه من الحزب العمالي الاشتراكي باستئناف المفاوضات ” في أقرب وقت ممكن ” من أجل التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية وهو المطلب الذي تم رفضه بسرعة من قبل الحزب العمالي الاشتراكي الذي يرى أن فشل تنصيب مرشحه سانشيز شهر يوليوز الماضي تسبب في تكريس الشعور بعدم الثقة بين الحزبين وأظهر أن التحالف مع ( بوديموس ) كان “غير عملي وغير واقعي ” .

وشدد قياديو الحزب على أن مواقف الحزبين كانت ولا تزال متباعدة بشأن مجموعة من القضايا التي تهم الدولة ومن بينها الأزمة السياسية في جهة كتالونيا قبل أن يوجهون الدعوة إلى حزب ( بوديموس ) لاستكشاف آفاق وخيارات أخرى قابلة للتحقق على أرض الواقع من أجل تجاوز هذا الانسداد والتوجه إلى تشكيل حكومة جديدة يكون لها ” برنامج تقدمي واضح وقابل للتنفيذ ” .

وحسب وسائل الإعلام الإسبانية فإن رد الحزب العمالي الاشتراكي على مقترح حزب ( بوديموس ) زاد من تأزيم الوضع وفاقم من حالة عدم الثقة المتبادلة بين الطرفين مع تعزيز الشعور بانقسام كتلة اليسار خاصة وأن كلا الطرفين يصران على مواقفها ولا يبديان أي استعداد للتخلي عن مطالبهما .

وكانت كارمن كالفو نائبة رئيس الحكومة الإسبانية المنتهية ولايتها قد أكدت في تصريحات لوسائل الإعلام أن ” انعدام الثقة المتزايدة بين الحزبين يعني أن تشكيل حكومة ائتلافية جديدة يبدو يوما بعد آخر أمرا مستحيلا ” .

من جهتها قالت نويليا فيرا المتحدثة باسم مجلس التنسيق في حزب ( بوديموس ) إن ” أسوأ سيناريو ممكن سيكون هو إعادة الانتخابات التشريعية ” مؤكدة على أن تشكيل حكومة ائتلافية هو الذي يمكنه أن يضع حدا لحالة الانسداد والجمود الذي تعيشه إسبانيا بعد فشل تنصيب الاشتراكي بيدرو سانشيز رئيسا للحكومة .

أما بالنسبة لباقي أحزاب المعارضة الأخرى خاصة الحزب الشعبي ( يمين ) وحزب ( سيودادانوس ) الذي يمثل يمين الوسط فلا يملان من التأكيد في تصريحات قادتهما على رفضهما المطلق دعم تنصيب سانشيز على رأس الحكومة بل إن الحزب الشعبي ذهب إلى أبعد من ذلك حين طالب بيدرو سانشيز بالانسحاب من السباق نحو تشكيل حكومة إسبانية جديدة إذا لم يكن يتوفر على الدعم اللازم ودعا إلى ” اقتراح مرشح بديل ” يكون نتاج توافق بين القوى السياسية الدستورية .

ولا يختلف موقف رجال المال والأعمال الممثلين في منظمات أرباب العمل عن مختلف الفرقاء السياسيين بخصوص إعادة تنظيم الانتخابات التشريعية حيث تؤكد هذه الهيئة على أن إعادة الانتخابات ” لن تكون في صالح البلاد ولا الاقتصاد الإسباني ” بسبب الظرفية العالمية الموسومة بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي واستمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين والتي ستكون لها انعكاسات سلبية على اقتصاديات البلدان الأوربية ومن ضمنها إسبانيا .

وقال أنطونيو غرامندي رئيس الاتحاد الإسباني لمنظمات أرباب العمل إن إسبانيا ” مطالبة بأن تكون لها حكومة متوازنة ومستقرة لديها رؤية بعيدة وتكون لها القدرة على المساهمة في بناء مستقبل أوربا في سياق اقتصادي غير ملائم ” .

وبالنسبة للعديد من المراقبين فإن هامش المفاوضات بين الحزبين ( العمالي الاشتراكي وبوديموس ) لا يزال يتقلص يوما بعد آخر خاصة وأن الأمين العام للحزب العمالي الاشتراكي بيدرو سانشيز الذي سيقدم اليوم الثلاثاء برنامج حكومته الذي يتضمن 300 تدبير وإجراء من ضمنها مقترحات حزب ( بوديموس ) لا ينوي حسب وسائل الإعلام الاجتماع مع بابلو إغليسياس زعيم الحزب إلا في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري أي على بعد أقل من 15 يوما عن الموعد النهائي المحدد في يوم 23 شتنبر .

كما أن قادة حزب ( بوديموس ) الذين يظل دعمهم ضروريا لتجاوز الانسداد السياسي يصرون على أن هذا الدعم لن يكون “مجانيا ” وأن الاشتراكيين سيخسرون أكثر منهم في حالة إجراء انتخابات مبكرة .

وأمام هذا الوضع تبقى هناك ثلاث سيناريوهات مطروحة إما تشكيل حكومة ائتلافية من اليسار أو تشكيل حكومة من الحزب العمالي الاشتراكي بمفرده تتوفر على برنامج تقدمي بمساهمة حزب ( بوديموس ) أو التوجه إلى إعادة الانتخابات التشريعية بتاريخ 10 نونبر وهو الأمر الذي يفرض على المرشح الاشتراكي الذي فاز في الانتخابات التشريعية ليوم 28 أبريل ب 123 من أصل 350 مقعدا في مجلس النواب التوصل إلى اتفاق لتشكيل ائتلاف مع حزب ( بوديموس ) أو إقناع الحزب الشعبي وحزب ( سيودادانوس ) بالامتناع عن التصويت من أجل تسهيل عملية تنصيبه على رأس الحكومة الجديدة .

و.م.ع/ح.ك

التعليقات مغلقة.