بعد أن تنكرالنظام الجزائري لموقف المغرب المعارض للمشروع الاستعماري في الصحراء الكبرى :”الجزائر حاولت إقامة كيان صحراوى على الأرض المغربية”
عبدالسلام البوسرغيني : نشرت يوم ٢٤ أكتوبرالماضي مقالا أعالج فيه ما عرفته وتعرفه العلاقات المغربية الجزائرية ، وكان للحديث بقية ظل معلقا نظرا لإصابتي بوعكة صحية خطيرة ألزمتني الفراش .
وبعد مراجعة ماكتبت رأيت أن ما تناولته في حديثي مايزال صالحا للنشر رغم مرور قرابة شهرين لان المقال يكشف عن وقائع تاريخية لتنوير الرأي العام فأقول :
خرج المفكرالمغربي الدكتور عبد الله العروي بخلاصة لما حصل لنا مع الجزايريين ،ضمنه في أحد فصول مؤلف له صدرسنة ١٩٧٦ باللغة الفرنسية يقول فيه : ” إن من كان من أحسن الظن بالجزائريين كان على خطأ ، ومن كان قد أساء الظن بهم كان على صواب ” .
ومضمن هذا القول أن الذين أخطأوا أضاعواعلينا كثيرا من أراضينا كان من الممكن ان لا يحتفظ بها الاستعمارالفرنسي لو استجبنا للدعوة للمفاوضات معه على الحدود وأن لا تظل فرنسية لتسلم الى الجزائريين الذين رفضوا الوفاء بتعهدهم بتسوية الحدود بعد حصولهم على الاستقلال .
بيد أن أخطر ما حدث بعد ذلك هوأن اتساع الخريطة الجغرافية التي ورثها الجزائريون فتح شهية ذوي النوايا السيئة لمزيد من الابتلاع ، فحصل ما حصل من صراع ونزاع .
واليوم يمكن لنا أن نقول وبصدق ، لقد كان المغرب والجزائر في غنى عما حصل سنة ١٩٧٥ ومابعدها لو كانت نوايا حكام الجزائر سليمة بعد اتفاق ١٩٧٢ التي أعلن البلدان بواصطتها إنهاء مشكل الحدود والاتفاق على الاستغلال المشترك لما تختزنه منطقة تندوف من ثروات معدنية .
ولقد حرص الملك الحسن الثاني رحمه الله على أن يقدم لشعبه المبررات التي دفعته الى محاولة طي مشكل الحدود مع الجزائر وقال في تصريح لجلالته إن إقدامه على التعهد بتسوية مشكل الحدود الشائك يرجع لكونه المسؤول المغربي الوحيد الذي تؤهله صفاته المتمثلة في الشرعية الوراثية والشرعية الدستورية والشرعية النضالية ، وهي صفات لن تجتمع في رجل واحد ، ولم يفته رحمه الله أن يعلن عن ذلك على الملأ ويعرب عن أيمانه بالمستقبل .
وإنه ليأبى القدر إلا أن يكشف لنا أنه بالقدرالذي استطاع الحسن الثاني بحكمته ودهائه أن يعمل على إنهاء نزاع الحدود المرير ، استطاع أن يحبط التآمرالذي تجرأ عليه نظام الرئيس هواري بومدين من أجل الحيلولة دون استرجاع المغرب لما كان قد بقي من أراضيه تحت الإستعمار الإسباني جنوب البلاد .ولقد تذرع المسؤولون الجزائريون بمبررات كانت في الواقع تخفي أطماعهم في مزيد من التوسع على حساب المغرب ولم يكن ذلك ليخفى على المسؤولين المغاربة .
ولقد كان ذلك بمثابة أول انتصار أعقبته انتصارات كسبها في المعارك الضارية العسكرية التي ابتدأت بوجه مكشوف في أمغالا، واستمرت بواسطة فلول الانفصاليين عل شكل حرب عصابات ، وعلى مدى ست عشرة سنة . ويمكن القول بأن الذين فتحوا تلك المعارك قد خرجوا منهزمين ، بل أنهم كانوا خاسرين من الأساس لأنها كانت م معركة ظالمة ، لاتستهدف فقط حرمان المغرب مما استرجعه من ترابه ، بل كانت ترمي إلى فرض الهيمنة على المغرب وعلى محيط الشمال الافريقي .
صحيح أننا لا نستبعد في الوقت الحاضرتجدد القتال مع فلول الانفصاليين المسلحين ما دام رجال النظام في الجزائرمصرين على استمرار نزاع الصحراء وما دوما يتوهمون الوصول الى أهدافهم الهيمنية والتوسعية ويساومون بالساخنة الصحراوية الذين يحاصرونهم في مخيمات تندوف لاستعمالهم كمبرر لوجود شعب صحراوي ، مع أن الأغلبية الساحقة من الصحراويين. المنحدرين من الأقاليم الصحراوية المغربية يعيشون في ديارهم وعلى أرضهم وفي وطنهم المغرب كباقي المواطنين ويعملون ويجتهدون من أجل عزته وكرامته.
للحديث بقية
هذا المقال كتب ونشر الجزء الأول منه في آخراكتوبر الماضي ، ومن ذلك التاريخ شهدنا أحداثا جساما لها اتصال بقضية الصحراء تستحق التحليل من كل المهتمين بهذه القضية ، سأحاول أن أدلى بدلوي لما لي من تعلق بوطني وقضاياه.
مراكش ١٩ دجنبر ٢٠٢٠
التعليقات مغلقة.