المغرب سيد قراره..! | حدث كم

المغرب سيد قراره..!

26/12/2020

أثار قرار اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بسيادة المملكة المغربية  بكافة أراضيه الترابية، من طنجة الى الكويرة، بمرسوم رئاسي،بكل ماله من قوة قانونية،وبأثر فوري، وفتح قنصلية أمريكية في الداخلة، وتجديد التأكيد لأهمية مبادرة الحكم الذاتي ،الذي اقترحه المغرب، لانهاء النزاع المفتعل ضد الصحراء المغربية،الذي عمر اكثر من أربعة عقود، وهو حلا واقعيا لتسوية هذا النزاع ،الى جانب اعادة فتح مكتب الاتصال الاسرائيلي بالمغرب،واخر مغربي في تل ابيب، دون التخلي عن الموقف المغربي الثابت ،والداعم للقضية الفلسطينية، تأسيسا على حل الدولتين، جنبا الى جنب، وعلى التشبت بالمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، طبقا لما تقره الشرعية الدولية، للوصول الى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع .

هاذين القرارين، اثارا جدلا بين بعض القوى السياسية والعواصم العربية،ومواقع التواصل الاجتماعي ،التي انتقذت هذا الاتفاق، وأبخسته لقضايا أخرى قومية أو دينية ،استجابة  لأيديولوجية أجنبية على السياق المغربي،وعن تاريخه وعمقه الأمازيغي والافريقي والمتوسطي، والمغاربة يرونها فرصة تاريخية لا يمكن اضاعتها،كما ضيع الفلسطينيون فرصة التقسيم،التي لن ينفعهم الندم ولا حتى معارك النضال لاستدراكها،وعلينا أن نكون واعون،أن خطاب التأمر والخيانة والمقايضة، الذي يردده الرافضون لربط العلاقة مع اسرائيل، الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية،من أبنائها أو من غيرهم، هو الذي أضاع على الفلسطينيين كل الفرص لأقامة دولتهم المستقلة.

واختلط الأمر على كثير من الجهات ، وزايدت على ذلك،كما تزايد الأن على حق  المغرب العادل والمشروع في سيادته الكاملة على جميع وحدته الترابية ،الى حد فقدان التمييز بين الصحراء المغربية،كقضية وطنية عادلة، ومشروعة، وبين الاعتراف الامريكي بهذا الحق،الذي يستحق الشكر والتقدير، وبين اعادة فتح مكتب الاتصال الاسرائيلي في المغرب، في اطار توجه استراتيجي، تراعى فيه مصالح المملكة المغربية والقضية الفلسطينية، وهذا  يعد خيانة للقضية الفلسطينة،حسب المعارضين للقرار المغربي، وان كان ليس الأول في هذا الشأن ، فهناك دول عربية لها علاقة مع دولة اسرائيل،وتركيا مثلا لها سفارة لاسرائيل في اسطنبول، في حين اعتبرته قوى سياسية متفتحة ومتنورة،ضرورة سياسية،تمليها مصلحة الدولة والحفاظ على وحدتها السيادية.

الأمر الذي يعد بتغيير وجه المنطقة من الناحية الاقتصادية،الى جانب تشجيع العديد من الدول، الى اتخاذ قرارات مماثلة،لأن الديبلوماسية المغربية، لن تتوقف عن اقناع الدول بعدالة القضية الوطنية،فضلا عن كون المغرب أرض سلام وأمن واستقرار.

هاذين القرارين التي رحبت بهما السلطات المغربية،وينبغي تثمينهما ودعمهما، وطنيا ودوليا ،ضمانا لسيادتنا ووحدتنا الترابية ، والحفاظ على حقوق الجالية المغربية في اسرائيل،جاءا بعد فتح

عدة دول افريقية وعربية وأمريكية لاتينية،قنصليات عامة لها في كل من العيون والداخلة، فضلا عن سحب العديد من الدول اعترافها بالجمهورية الوهمية،فضلا على أن اقامة العلاقة الديبلوماسية بين المغرب ودولة اسرائيل، هي استئناف وتمتين تلك العلاقة،والروابط التي كانت دائما موجودة بين المغرب وأبنائه اليهود،رغم هجرتهم، فهم أكثر المواطنين ،تشبثا بمغربيتهم، وحنينا الى زيارة أرض أبائهم وأجدادهم ،كما يحدث خلال موسم الهيلولة،ومقدرين ومعتزين بالمبادرة الشجاعة التي سبق واتخذها المشمول بعفوه وغفرانه الملك محمد الخامس،طيب الله ثراه ، الذي رفض تسليم المواطنين اليهود لحكومة فيشي الفرنسية.

ومعلوم ان القرارات السيادية، تتخذ وفقا لمعايير بالغة الدقة والحسابات،وبعد دراسة معمقة لحساب الربح والخسارة، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى ارتباط الدول وتحالفاتها والعلاقات التاريخية،التي تربطها مع الدول الاخرى.

وهذه حالة مع الاسف، تغيب مطلقا،عن أي قرار أو حراك سياسي،يحدث في منطقتنا العربية الاسلامية، فاستقطاب الاراء هو أبرز الظواهر التي تشهدها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي العربية،بغض النظر عن أي اعتبار موضوعي أوحسابات عقلانية في هذا الموضوع أو ذاك،حتى وان كان ذا صبغة استراتيجية بالغة الاهمية، ويدخل ضمن سيادة الدولة،فضلا عن كونه شان داخلي محض،لا يجوز لأي طرف خارجي، دولة كان أو فردا أو هيئة أو كيان، التدخل فيه،ومحاولة التأثير عليه،بأي شكل من

الأشكال، ومثل هذه القرارات،هي أحد تجليات استقلال القرار الوطني.

وهناك من يصر على الخلط بين الاوراق،بدوافع ايديولوجية، وحتى انعقاد مجلس الأمن ، بعد اعتراف الرئيس رونالد ترامب  بسيادة المغرب على كافة أراضيه الجنوبية،الذي انعقد بطلب من ألمانيا، بهدف حفظ ماء وجه جنوب افريقيا، المؤيدة للموقف الجزائر، بشكل مباشر،وجانب أوروبي بشكل غير مباشر،خاصة اسبانيا، التي عبرت عن امتعاضها الشديد من الموقف الأمريكي، فان هذا الاجتماع الذي راهنت عليه جبهة الوليساريو والجزائر لاحراج المغرب بمطلب الانفصال،لم ياتي بجديد، ولم يغير من الوضع السياسي والجيواستراتيجي في الصحراء شيئا، كما لم يتم الاشارة الى أي تجاوزات أو نشوب حرب كما يدعي أعداء وحدتنا الترابية، الأمر الذي يفرض على المغاربة،تحدي الهجوم الايديولوجي،الذي تصاعد بعد اتخاذ سلطات المغرب هاذين القرارين ، ورص صفوفهم،وتعزيز مناعتهم،والتصدي لكل محاولات التشويش والتبخيس ،التي تحاول جهات معادية لمصلحة المغرب،زرعها وسط الرأي العام الوطني، وكشف الحقيقة التاريخية، لموجهة الأكاذيب التي  يروجها دعاة المقاطعة،المعارضين للقرار الحكيم الذي اتخذته السلطات المغربية.

لأن اعتراف الولايات المتحدة الامريكية ،بسيادة المغرب على كافة أراضيه الترابية،بما فيها الصحراء المغريية، كشف حقيقة العديد من أعداء وحدتنا الوطنية الترابية، ومن يعتقد أن قضية الصحراء،قضية نظام سياسي، فهو مخطئ في حق المملكة المغربية، بكل مكوناتها السيولوجية،من أرض وشعب وسلطة سياسية، ويجهل أنه ليس عبثا أن نص الدستور المغربي على أن الحساسيات المكونة للهوية المغربية، من امازيغية وعربية وصحراوية وعبرية،هي ما يتميز به تاريخ المغرب الضارب في عمق التاريخ،واليهود المهاجرين محتفظين بجنسيتهم المغربية ، ولو تجنسوا بجنسيات الدول التي يقيمون بها،والحكومة الاسرائيلية الحالية تضم عشرة وزراء من أصل مغربي.

الأمر الذي يستوجب على المغاربة ، القيام بمراجعة شاملة لمرجياتهم الفكرية والايديولوجية، وطريقة تعاملهم، وممارستهم السياسية، وانتهاج الوسطية، والاعتدال،والتسامح، والتعايش، بدلامن  الانغلاق،والانعزال، والتعصب ، والكراهية، والتطرف

،والتمترس خلف  الافكار التي أكل الدهر عليها وشرب،ولم تعد تصلح لعصرنا الحالي، لأننا اليوم في أمس الحاجة الى فكر جامع،بين التجذر العميق، والوعي المتقد، لبناء ثقافة السلام المشترك ،وربط الأواصر التاريخية، بين مختلف الديانات التوحيدية،ببعد النظر، واستشراف الخطوات المستقبلية،ومعالم التأثيرات القادمة،ومفاهيم تحول الصراعات نحو خلق السلام،وترسيخ مبدأ التعايش والسلم والامن،وضرورة تحمل جميع الأطراف مسؤوليتها،مع الأخذ في الحسبان المواقف الجديدة المعبر عنها في الساحة الدولية،لأن العلاقات الدولية،وعالم السياسية، بالخصوص،لا تغيب عنه لغة المصالح، ولا تطغى عليه العواطف والمشاعر.

والشعب المغربي في شخص،أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس،رئيس لجنة القدس، لا يمن على الشعب الفلسطيني،بما قدمه ويقدمه لخدمة القضية الفلسطينية، وجدانيا وسياسيا وديبلوماسيا،مسترخصا في ذلك كل غالي ونفيس،ولا يتاجر بالقضية، ومتعاليا على المزايدات،التي لم  يثبت أصحابها أبدا أولويات الحق الفلسطيني، في اقامة دولته الفلسطينة المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، في مبادراتهم ومعاركم التي قادتهم الى الخزي الأخلاقي والسياسي، والتعاون مع الجهات المشبوهة.

والمغرب والحمد لله، أرض سلام،وأمن ،و تعايش بين مختلف الاديان،ويتوفر على نخب واعية ومتنور وهيئات سياسية ومدنية ونقابية، تستجيب لراهنية الوقت،وتحترم القرارات السيادية لبلادهم، وبأن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار،وليس هيئات ومنظمات أصحاب مصالح،تختفي وقت الشدائد والملمات، وتظهر وقت تحقيق المصالح.

علال المراكشي

التعليقات مغلقة.