يعتبر التراث المعماري المغربي من بين الأغنى في العالم، ويتميز بتنوع مؤثراته الفنية، بما في ذلك الفنين الأندلسي والإسلامي، مما يجعله مصدر إلهام للجيل الجديد من المهندسين المعماريين.
وهكذا شك ل المغرب عبر التاريخ طابعه المعماري الخاص، غير أن هذا القطاع يواجه اليوم مجموعة من الإشكاليات التي تتطلب التفكير في نموذج معماري جديد يحافظ، من جهة، على التراث الحضري الوطني، ومن جهة أخرى، يتجه نحو الحداثة والتقدم والتطور.
ويشكل اليوم الوطني للمهندس المعماري، الذي ي حتفى به يوم 14 يناير من كل سنة، مناسبة لتسليط الضوء على جوانب متعددة في هذه المهنة والتفكير في “مدينة الغد”، في إطار مقاربة تزاوج بين متطلبات الحداثة وضرورة الحفاظ على الأصالة والهوية الخاصة لكل منطقة من مناطق المملكة. ويهدف تخليد هذا اليوم الوطني، كذلك، إلى إذكاء الوعي بالرهانات والتحديات التي تواجه مدننا، لا سيما ضغوط التعمير التي تنجم عنها حاليا العديد من الإشكاليات المتعلقة بحركة المرور والتدهور البيئي وجودة إطار العيش، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة تدبير الفضاءات الحضرية.
وتفرض هذه التحديات، التي تتزايد يوما بعد يوم، على المهندسين المعماريين الإسراع ببلورة تصورات جديدة في مجال التعمير من أجل مواجهة تحديات ورهانات مدينة الغد.
ويجب أن تأخذ هذه التصورات الجديدة بعين الاعتبار الأبعاد الإنسانية وغير المادية والثقافية، من أجل ضمان رخاء السكان وأمنهم، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة والاستدامة الاقتصادية. ولذلك، فإن البحث عن حلول لـ “مدينة الغد” يتطلب الانخراط الكامل لهيئة المهندسين المعماريين في الطموح لتطوير مهنتهم وجعلها شريكا أساسيا في مسلسل التنمية السوسيو- اقتصادية والعمرانية للمملكة.
ويتم في هذا اليوم استحضار الخطاب السامي الذي وجهه جلالة المغفور له الحسن الثاني في 14 يناير 1986 لهيئة المهندسين المعماريين، باعتباره مرجعا عميقا لمجال يعتبر حجر الزاوية في أي تنمية. ويجسد هذا الخطاب الملكي العلاقة التي يجب أن تكون بين المهندس المعماري ومختلف مكونات المجتمع المدني، ليشكل تاريخ 14 يناير منعطفا في المجال على الصعيد الوطني.
وعبر جلالة المغفور له الحسن الثاني في خطابه السامي، عن الاهتمام الذي يوليه لإنجاز المدن، موضحا أن مختلف الملوك الذين تعاقبوا على عرش المغرب أولوا أهمية لقطاع البناء والتعمير، ومعلنا ، بالمناسبة ، عن إحداث هيئة المهندسين المعماريين وظهير يخصها.
وفضلا عن تخليد ذكرى الخطاب الملكي لسنة 1986، تحتفي هيئة المهندسين المعماريين كذلك بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 18 يناير 2006 ، والتي أكد فيها جلالته على العناية التي يوليها لهذه المهنة، وعلى المكانة الرئيسية التي يحتلها المهندسون المعماريون في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.
ومنذ سنة 2016، ومن أجل ضخ نفس جديد في الفعاليات المخلدة لهذه الذكرى، قررت الوزارة الوصية والمجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين تنظيم مهرجان الهندسة المعمارية، الذي تعطى انطلاقته يوم 14 يناير ويخص إحدى جهات المغرب بشرف الاحتفال به.
ح/م
التعليقات مغلقة.