مدونة الأسرة : “من أجل تحصين مؤسسة الزواج وضمان المساواة بين أطرافها في الحقوق والواجبات” – حدث كم

مدونة الأسرة : “من أجل تحصين مؤسسة الزواج وضمان المساواة بين أطرافها في الحقوق والواجبات”

شكلت مدونة الأسرة التي رأت النور في 2005 ثورة اجتماعية وتشريعية بالنظر لطابعها التقدمي وللمكاسب التي جاءت بها لفائدة حقوق المرأة والأسرة عموما. كما استوعبت مدونة الأسرة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفها المجتمع المغربي.

وقد حظيت مؤسسة الزواج بالنصيب الأكبر في مقتضيات مدونة الأسرة الجديدة على اعتبار أن الزواج هو عماد الأسرة التي تلتقي فيها الحقوق والواجبات. وهكذا، عمل قانون الأسرة على تفعيل مبدأ المساواة بين الزوجين، إذ أصبحت الزوجة، متساوية مع زوجها في رعاية الأسرة وذلك على عكس مدونة الأحوال الشخصية (المدونة السابقة) التي كانت تضع رعاية الأسرة بيد الزوج.

ومن أجل رد الاعتبار للمرأة، واعترافا بمكانتها داخل المجتمع وبالأدوار الاقتصادية الاجتماعية التي أصبحت تضطلع بها في مختلف المجالات، أصبحت الولاية في الزواج حق تمارسه المرأة الرشيدة، حيث استبعدت المدونة الجديدة مفهوم الولاية في الزواج بالنسبة للمرأة، بعد أن كان شرطا لا محيد عنه في المدونة السابقة.

ومن أجل تكريس التساكن وحسن والمعاشرة بين الأزواج، تخلت مدونة الأسرة على مفهوم واجب طاعة الزوجة لزوجها وحصر وظيفة المرأة في رعاية شؤون البيت وتربية الأطفال، حيث أصبحت الحقوق والواجبات متساوية ومتبادلة.

ووضعت مدونة الأسرة حدا لإشكالية زواج القاصرات التي أثارت نقاشا واسعا خاصة في صفوف الحركات النسائية وهيئات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الطفل، حيث اعتمدت المدونة سن ثمانية عشر سنة كحد أدنى للزواج وذلك بالنسبة للذكر والأنثى على حد سواء بدل خمسة عشرة سنة للأنثى وثمانية عشرة سنة للذكر في المدونة السابقة.

وفي موضوع تعدد الزوجات، والذي عرف جدلا واسعا بين الفقهاء والجمعيات النسائية، بالنظر أحيانا للمشاكل الاجتماعية الناجمة عن التعدد، لم تمنع مدونة الأسرة مبدأ التعدد لكونه يستند على أسس شرعية واضحة، لكن بالمقابل وضعت قيودا وشروطا صارمة تجعله شبه مستحيل. وفي هذا الإطار، يمنع التعدد في حالة الخوف من عدم إقامة العدل بين الزوجات، كما أصبح للمرأة الحق في أن تشترط على زوجها عدم التزوج بامرأة ثانية، وأعطى للمرأة المتزوج عليها الحق في طلب التطليق للضرر.

ومكنت مدونة الأسرة المرأة من تقرير مصيرها في حالة استحالة العشرة أو فشل الزواج، حيث تم توسيع حق المرأة في طلب التطليق نظرا للإخلال بشروط عقد الزواج، أو للإضرار بالزوجة مثل عدم الإنفاق أو الهجر أو العنف.

واليوم، وبعد مرور عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة، يجمع عدد من الفاعلين على أن تفعيل مقتضيات المدونة لا زالت تعترضه بعض العوائق متعلقة على الخصوص بتفسير بنودها، وكذا منها ما هو مرتبط بضرورة تأهيل قضاء الأسرة وتكوين قضاة متخصصين في هذا المجال.

كما أن ضمان تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة يقع على عاتق مختلف الفاعلين في هذا المجال كالمجالس العلمية والمؤسسات الجامعية والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام التي تضطلع بدور هام في التوعية والتحسيس بمضامين المدونة.

إعداد : سمير هلال (و.م.ع)

صورة من الارشيف

 

التعليقات مغلقة.