بقلم : محمد حسيكي: يعيش الانسان حياته الكونية من دورة زمنية داخل الحياة الحية ومن الفضاء الكوني، الذي يدور حول نفسه دورة حياة، تنتهي من الأحياء ولا تنتهي من الفضاء الكوني .
ومن حياة الاجتماع اكتسب الانسان في العصر الدولي حياة الكائن الاجتماعي الذي تطور من حياة البيئة الجماعية، الى حياة الانسان المجتمعي من حاضرة الوسط الدولي، الذي يفسح المجال أمام الفرد والمجتمع بالانخراط في الحياة الدولية بالاحتكاك والسير نحو التطور، لكسب وتبادل المعارف التي ترفع من الشأن البشري بالمحيط الانساني .
ومن تم تسود بالمجتمع الحياة التي تقوم على بناء الذات، ثم تكوين الاسرة من الزواج بين الذكر والانثى، اللذين يكونان نواة الخلية الاجتماعية، التي تحمل مشعل استمرارية الحياة الكونية، من دورة زمنية إحيائية من الانسان ومن الفضاء الكوني، والتي تلتم في وحدة من الأصل وتتواصل من الفصل .
الولادة الطبيعية :
حين يكتمل الانسان نمو حياته من البطن، يخرج إلى الفضاء الكوني من الحياة الطبيعية، التي يطلق من بدايتها صرخة الفصل بانقطاع حبل البطن من الأصل، حيث يعلن من الصراخ بداية حياة عن أخرى من مفارقة البطن ببطن فارغ والحاجة إلى الغداء من بداية الحياة الجديدة التي تصرخ من معدة فارغة الامعاء، إذ توقظ صرخته الحاجة إلى الغذاء وهو أول ما يحتاج اليه الانسان للحفاظ على استمرارية البقاء من بداية حياته الجديدة .
وهكذا يصل الانسان من الحياة الأولية إلى الحياة الجديدة، من تحول جديد من النفس والغذاء والصوت والتكيف مع الفضاء من خارج البطن، إلى حياة النمو داخل دائرة الزمن المستمر بالحياة الكونية دون زمنها .
الحياة من الطبيعة البشرية :
تقوم الحياة البشرية على الغذاء وهو مصدر استغاثة من بداية حياة المواليد التي تدعو من صرخة الاحتياج اليه، أو إلى الاستيفاء منه والتعبير عن الفرح من وفرته .
ومن تم ينمو جسم الانسان من الصغر على طلب الغذاء، والمرح حين توفره وإشباع البطن منه، إلى أن يصبح قادرا على العمل لإعالة نفسه، وتقاسم الغذاء مع غيره، مما يجعل الحياة قائمة على الثنائية من البنية الاجتماعية والحياة المشتركة .
وفي ظل الحياة الاجتماعية نشأت الحياة الانسانية وتطورت بالمجموعة الدولية، التي يفضي التعاون بينها الى الحياة الكريمة بالمجتمع، الذي ينشد الحياة الايجابية للفرد سواء بالعمل داخله من محيطه الاجتماعي، أو خارجه من المحيط الدولي .
أسرة المجتمع :
هي الأسرة التي يتخذ فيها تفكير الفرد وجهة اجتماعية متفتحة من تربية مدنية تنهض بالأرضية الاجتماعية من الاهتمام بالفرد .
ومن تم تتكون الحياة الاسرية من الاقتران بين رجل وامرأة، سالمين جسميا وعقليا وقادرين على الشغل وتحمل المسؤولية نحو بعضهما والآخر بغاية فك العزلة عن الذات، وبناء عش الحياة الزوجية على أسس نظام الاسرة وقيم المجتمع .
ووقت الانجاب يشاطر المجتمع الزوجين ماديا وتربويا في إعداد حياة الناشئة التي تحتاج إلى الغذاء والدواء، والتربية التعليمية على الحياة الاجتماعية، التي تؤهلها إلى تولي زمام الحياة بالوسط البشري من مجالها المجتمعي أو محيطها الدولي .
الانسان والمرح :
يمر الانسان في حالة الصبا بفترة من المرح لا يدرك فيها الا لحظة الحاضر الذي يعيش فيه، حين تتوفر له الحاجيات الأساسية للحياة من المتطلبات التي توفرها له الأسرة من البيت، والمجتمع من الفضاء العام خارج البيت .
وعهد حياة الاسرة الصغيرة في كنف العائلة التي يعيلها رب الأسرة، كانت الأم والجدة هي معلمة اللسانيات إلى الطفولة، وتنظيم الأوقات اليومية للتغذية والمرح المضحك لها، والمتمثل في القفزات التي تنشط الجسم وتمرح بالنفس، إلى جانب التربية المسلية واللائقة بأجواء تحضير حياة العرائس وسط ادوات الطبخ التي تؤثث حيز اللعب من ركن البيت زمن الطفولة، فضلا عن تقويم النطق اللساني، وحبك لمحاكاة من قصص وهزليات، تحاكي بالتشخيص والحركة الرسوم المتحركة التي تفيد ذاكرة الصغار من حكي الكبار .
وحين تطور بناء الاسرة من الحياة الاجتماعية، إلى الاستقلالية عن التركيبة العائلية، وجدت الاسرة في الساحة الاجتماعية وفرة الشغل، ومشارب نوعية على التربية العمومية من الخدمات التفاعلية، عن طريق الوصلات الاشهارية، عبر وسائط الاتصال السمعي البصري، والمحمول من شبكات التواصل بالحلقات الاجتماعية، التي رفعت الغبار عن حياة الفرد من داخل المجتمع وخارجه، وأصبحت الحياة أوفر حظا من جوانب التسلية، وإن تعددت مشاكلها اليومية من الساحة، عما كانت عليه قبلا من التعب والعزلة .
الانسان والضجر :
لعل حياة الانسان داخل محيطه الاجتماعي، قد تطورت من السكينة التي كانت تخيم على الحياة الطبيعية، إلى حياة الصخب والضجر التي تعج بها الحواضر المدنية من العلاقات البشرية، والتي أبعدت الانسان، من عامل الحركة الاجتماعية النشيطة عن محيط الاسرة الهادئة، الى الحياة العامة الصاخبة .
ومن تمة أصبح الانسان يعيش ويكون أسرته خارج دائرة محيط العائلة، لعوامل الشغل والانفتاح على الحياة العامة التي أصبحت تسود من الساحة الاجتماعية، بدل الاشتغال والعمل الجماعي في إطار عائلي، متسم بالمروءة الشخصية والأخلاقيات العائلية .
وإن كان وقتها صخب العائلة يتمثل داخليا في التعدد الذي كان يسود من الحياة الجماعية، من شنآن الكبار، وتشابك الصغار .
فإن ضجر العصر الاجتماعي من الوسط العائلي أضحى ينجلي من وسط الاسرة، حين يقدم أفراد الأسرة لزيارة العائلة مرفقين بصغارهم الذين لا يعرفون من مبادئ الحياة الا المرح حين الحلول وسط العائلة والالتقاء مع إخوتهم من خارج البيت، حيث يلعبون من وسط السكن ويتصارعون على لعبة من اللعب، إذ يضجون من الجمع ويتشاجرون ويصرخون وينقلون الصراخ إلى أمهاتهم، ثم سرعان ما يتصالحون بعد حين وينسون الصراخ والتشكي من بعضهم حين يولون إلى العودة والتواصل من شوط لعب آخر بينهم .
وكثيرا ما يعجب الصغار قضاء الوقت مع بعضهم، وإن يتشاجرون فيما بينهم ويشتكون من تصرفات عابرة تغضبهم من بعضهم، والتي غالبا ما تدخل الكبار في لجاج عائلي وتنافر شخصي، يلقي باللوم الذي يلوح بالغضب من الاجواء الرحبة التي تضيق بالمشادة من الصغار والثرثرة من الكبار، والتي يخلقها الصغار من المرح بينهم، بالصراع حول للعبة أو كسرها من غضب لا يرضي آخر .
ويغلب على سلوكيات الصغار اقتداؤهم من أجواء المعاملة اليومية مع أمهاتهم، التي تجري بين لغة المخاطبة، والانذار من المخاطرة، أو العتاب، والمخاصمة، أو المصالحة، والتشجيع على المفاهمة، إذ العلاقة الجارية بين الامومة والطفولة تربوية، فيها أخذ وعطاء يجمع بين المرح والغضب، بعيدة عن المشاحنات النفسانية القائمة على القطيعة دون مراجعة .
ومن تمة ترى التربية الاجتماعية والريادية السليمة من الحياة القويمة تنهل من علاقة المعاملة التي تربي بها الأمومة طفولتها، التي تنبذ القطيعة بإصلاح ذات الشيء، الذي يقوم على كسر حدة الغضب النفسي والسير بالعلاقة على النحو السليم من المعاملة والتربية الخلقية، وإن تعمل الام نحو الطفل بممارسة اخلاقية خاصة بالبيت، والمجتمع بمناهج تربوية عامة، وإيجابية لمن يشتغل داخل البيت أو خارجه .
وفي كل الحالات يظهر إلى جانب مرح الصغار وتشابكهم الذي يندفعون نحوه بالتلقائية والعفوية التي تسود من حياة الصغار، الضجر البين من حياة الكبار الذين ينحو بهم عامل السن نحو طلب الهدوء والسكينة التي يفتقدونها حين حضور الصغار بفرحهم واستمرارية مرحهم، وإن تشب تلك الأجواء مشادة من اللعب تتطور بين كبار الأمهات إلى صبيانية عاطفية ولغط عام، يحمل من الغضب والتشكي ما يعكر أجواء الود داخل البيت، مما يعيد أجواء الحياة العائلية إلى مجرى الماضي، الذي كان من تعدد ساد من حياة رب الأسرة، إلى أجواء الحفدة عهد استقلالية الأسرة، وجمعها من وقت الزيارة العائلية، مما يستدعي الموازنة والبرمجة الخاصة بتنظيم مواقيت الزيارة، حرصا على جبر خواطر الكبار من تشنج العلاقة البنية من صخب اللعب والمشادة بين الصغار .
وهكذا تمر حياة الانسان بين الضجر من الفضاء الذي يتواجد به والمرح من الذات التي يحيا بها، من فرح ومرح يسود من حياة الصغر، المتطلعة من النشأة والتطور نحو الكبر، ثم الوصول من عامل الزمن إلى حياة الضجر من سن الكبر، التي تشتكي من صخب المرح الذي يصاحب تواجد الأطفال، ويخلق أجواء إزعاج وضجر لدى الكبار .
أما حين ينتهي إزعاج الصغار، من عامل السن فإنهم ينتفضون عن الكبار ويتطلعون إلى كسب علاقات ودية مع بعضهم، منفصلة عن الأهل ومتصلة فيما بينهم، في منأى من الاختلاط وملازمة الكبار، بل وخلق أجواء ترفيهية أو مشاحنات كلامية من وسائط شبكات التواصل الاجتماعي جعلت الفرد بعيدا عن القرب، من بناء علاقات عن بعد، من داخل البيت أو من الساحة العامة بالمجتمع، مما جعل الانسان مغمورا أمام الآلة، من عقل اصطناعي ساد واستحوذ على العقل الطبيعي .
وحين يصبح الانسان راشدا عاقلا واجتماعيا صادقا يقارن حياته مع شريك له لأخذ مكانه في بناء الأسرة والمجتمع، سعيا لبدء مسار حياة جديدة كما درج منها، وتربى عليها غنية بالحاجيات والماديات التي تتنافس أمامها الرغبات، وتتزايد حولها المزايدات بين الأخذ والعطاء الذي يغري ولا يغني، يلعب على الأرباح التي تغرق النفس في الحلم إلى طلعة الصباح، إلى أن تنتهي دورة الزمن بالحياة من التعب والضجر إلى مدار السكون وهروب النفس إلى مدار سكينتها من الكون، من مدار الارض من خط الطول وخط العرض، الذي ينفض مدار الزمن من الغياب والاستهلال، كغياب خط الطول عند خط العرض من يومه، وغياب مدار خط العرض عند خط الطول من عامه . مصداقا لقوله تعالى : هو الذي أدخل السكينة في قلوب المؤمنين، وقوله عز من قائل : يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية .
التعليقات مغلقة.