الجزائر في مواجهة كارثة الحرائق :قادة البلاد حرموا شعبهم من المساعدة المغربية لتجنيب البلاد مزيدا من الضحايا والخسائر !
في الخطاب الذي خصصه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لكارثة الحرائق التي اصابت الجزائر، تحدث عن لجوء السلطات الجزائرية إلى طلب العون من الأروبيون الذين لم يستجيبوا لذلك الطلب ، كما صرح بذلك، معربا عن خيبة أمله .
ولقد تعمد الرئيس الجزائري، عدم الإشارة الى العرض الذي قدمه المسؤولون المغاربة، لإسداء العون للجزائر تنفيذا للتعليمات التي وجهها جلالة الملك محمد السادس، إلى كل من وزير الداخلية، ووزير الشؤون الخارجية، من أجل الاتصال بالمسؤولين الجزائريين، قصد وضع ما يتوفر عليه المغرب من إمكانيات لإخماد الحرائق رهن إشارة الجزائر ، وفي مقدمتها طائرات كندير ذات الصنع الكندي التي يملك المغرب خمس طائرات منها ، ولا يملك مثيلاتها سوى قليل من الدول لا يصل عددهم الى عشرة . ولقد قدم المغرب عرضه لمساعدة الجزائر وفي أحرج الاوقات ، اَي يوم 11 غشت غداة نشوب تلك السلسلة المهولة من الحرائق التي عمت عددا كبيرا من الولايات الجزائرية، والتي ضاعفت من انتشارها حرارة الطقس المرتفعة .
فكيف يمكن تفسير الصمت الذي التزمه المسؤولون الجزايريون، وتجنب الرئيس تبون الحديث عن العرض المغربي؟ ، إنه إذا ما إعتمدنا على مارواه المعارض الجزائري المعتدل أنور مالك فإن الجنرال السعيد شنقريحة رئيس اركان الجيش الجزائري، هو الذي أعطى أوامره للرئيس تبون بعدم قبول المساعدة المغربية.
ومن المؤسف والمؤلم أن يصل رجال الحكم في الجزائر إلى هذا الحضيض ، في تعاملهم مع الإلتفاتة التي قدمها جلالة الملك محمد السادس ، والتي لم يمنعه رفضها من أن يبعث للرئيس الجزائري، رسالة معزيا في ضحايا الحرائق ومواسيا الشعب الجزائري فيما أصابه في هذه الكارثة التي حلت بالبلد الشقيق ، مدفوعا بالعواطف الأخوية والإنسانية ، وانه بقطع النظر عما يمكن أن يوجد بين الأخوة من خلاف أونزاع ، فإن المساعدة التي تفرض الكوارث تقديمها يجب أن لا ترفض ، خصوصا بالنسبة لمن تجمعهم الأخوة والجوار، وأنه ليحق للمغرب أن يعتز بالالتفاتة التي خص بها جلالة الملك محمد السادس، إخواننا الجزائريين ، حتى ولو لم تلق ما تستحقه من تقدير ، من جانب أشخاص يبدو انهم فقدوا الشعور بالمسؤولية .
وفي إمكاننا القول بأنهم أرتكبوا جريمة مزدوجة :
أولاهما ، حرمان الجزائر من مساعدة كان في الإمكان أن تجنب الجزائر بعضا من الضحايا ومن الخسائر المادية .
وثانيهما ، حرمان المغرب من القيام بواجب تقديم المساعدة للشعب الجزائري الشقيق.
وهكذا، لوحظ ان الجزائر التي تعرضت اليوم لأحد أخطر الكوارث، وجد شعبها نفسه محكوما برجال ليسوا أهلا لقيادة بلادهم ، لكونهم تركوها محرومة من وسائل الوقاية ، ولأنهم أبانوا على أنهم لا يقدرون المسؤولية التي تفرض عليهم أن يستشرفوا ما يمكن أن تتعرض له البلاد من كوارث طبيعية .
فعوض أن يفعلوا ذلك، ظلوا موجهين إهتمامهم أكثر ما يكون للتسليح، والاستعداد للحرب في محيط لا تسعى دوله وفي مقدمتهم المغرب، إلا إلى استتباب الأمن والسلام ، فأي وصف يمكن للمرء أن يطلقه على رجال الحكم في الجزائر ، أبلغ من عمى البصيرة الذي حرمهم من التمييز ؟
الدار البيضاء 13 غشت 2021
عبد السلام البوسرغيني
التعليقات مغلقة.