الزربية من الأرضية إلى الجدارية – حدث كم

الزربية من الأرضية إلى الجدارية

بقلم : محمد حسيكي : الزربية بساط صوفي ذو نسيج متين ينسب من الأثاث الخاص الذي يزين أرضية البيت، والذي يتكون من أفرشة وأغطية، كانت تتم تهيئة نسجها عهد الاشغال اليدوية، من رباة البيوت على أيدي المرأة، راعية البيت وأطفاله .  

وتنسب الزربية من فرش البيت، التي تختلف في نسجها عن نسج الملابس الصوفية والأغطية الخاصة بأهل البيت والوافدين عليه، والذين يحظون بالمعمار المغربي، من بيت خاص باستقبال الضيوف حين حلولهم وإقامتهم . 

والزربية المغربية ذات مكانة خاصة من البيت، والساحة الاجتماعية، من وقت الأفراح والمناسبات العائلية والوطنية، تزين المكان، منهم من يتأدب من خطاه عليها حافيا أو منتعلا، ومنهم من يتخذها لوحة فنية جدارية، لمتعة النظر ورفعتها من الاعتبار . 

ومن وجهة عامة، عرفها المغاربة من عدة أنواع وأشكال مختلفة، وأحجام تنسب إلى حقب تاريخية من الحياة الاجتماعية، نجملها في ثلاثة أشكال محلية . 

الزربية التقليدية : 

هي زربية ذات نسيج محلي، تنسج على يد ربة البيت المغربي، وهي على نوعين : منها ذات العقدة والزركشة بالألوان البهية، أو الخدمة بالخيط الطويل من النسج على منوال الأغطية .  

ويعرف النوعان من التسمية بالزربية السباعية، والحنبل العربي . 

الزربية السباعية :  

تنسب من الزرابي المحلية التي تشتهر بها جل المناطق المغربية، وهي نسيج تقليدي من يد البيوت العتيقة، وحياكة المرأة المغربية، ذات سدو من شعر الماعز، وخيوط أصواف الأغنام، عاصرت حياة المقيمين بالخيام المتنقلة، والبيوت الحضرية، يحدد طولها في سبع أدرع، وعرضها في قامة ونصف، تنسج بالعقدة والألوان المختارة من الأصباغ النباتية، تزينها أشكال من الأبراج المعمارية، ورسوم لأنواع من حيوان الابل، أو ألوان مرصوصة النسيج متوازية الامتداد . 

وتستعمل الزربية بصفة خاصة للفرش، وهي من أثاث البيت التي تحملها المرأة لبيتها من وقت الزفاف، تستقبل على أرضيتها المدعوين والمهنئين .  

الحنبل العربي : 

ينسب من اللسان المغربي، إلى الإمام الجليل ابن حنبل، وهو ما عرف من أوله بالسجاد، خاص بفرش الرجل من البيت، يجلس عليه حين حضور الجماعة . 

وهو نسيج مزركش مميز بالألوان النباتية على شكل الزربية، سدوه من شعر الماعز وصوف الغنم، رقيق النسج خفيف الطوية، يتميز بالحياكة الجيدة والخدمة الخاصة من النسج بالخيط الصوفي، بديلا عن العقدة الخاصة بالزربية . 

والانسان المغربي المتخلق بالأخلاق الاسلامية، لا يطأ فرش البيت من نعل رجليه، بل يتعامل بخلع النعل أمام الفرش، كالدخول إلى المسجد . 

الزربية العصرية :  

عرفها المغاربة عهد علاقتهم مع الاوربيين، وهي زربية خاصة بالمعمار الحديث، خرجت بالحياكة النسوية من البيت إلى الأسواق التجارية، تعاطت المرأة المغربية الاشتغال بها من البيت، ثم تطورت في خدمتها من الطلبيات والاقبال المتزايد إلى معامل إنتاج وتشغيل الأيدي العاملة، وتخضع قبل عرضها بالسوق إلى التوضيب وتقديمها في حلة خاصة من الخدمة والاتقان، إلى الرقابة والفحص والخاتم، الذي يصنفها بالدرجة المرتبة من الجودة . 

والزربية العصرية هي نوع من الفرش المتين الرطب، الخاص بأرضية البيت أو قاعات الاستقبال، وتتم تهيئتها بالمواد النسيجية المستوردة، والمفتوحة الفرش على خطى الراجلين المنتعلين من قاعات الاستقبال وأماكن الحفل والرسميات . 

وهي ذات أرضية ملونة تتخذ شكل هندسي مستطيل، يتوسط بساطه شكل معين من رسوم الزينة، كما يزين حاشيتها إطار جانبي بتوشية من الأشكال المتناسقة والألوان المتكاملة .  

وتحظى الزربية العصرية بمكانة من التصدير نحو السوق الدولية، مما جعلها سوقا رائجة من وجهة الصناعة التقليدية، الخاصة بمنتوج أيدي المرأة المغربية، التي تطورت من الاشتغال بالبيت، إلى المعامل التقليدية . 

الزربية الجدارية :  

هي زربية ظهرت بالسوق من ارتباطه بالخدمات السياحية، وطلبات السياح المعجبين بالمنتوجات المحلية، ورؤيتها في شكل مغاير لما هو تقليدي وعصري، إلى فني . 

وهكذا جاءت الزربية السياحية في شكل لوحة جدارية، لا تصلح إلا للجدارية والزينة الحائطية بالإبداع الفني، من التشكيل الذي يرفع النظرة من المعمار الحديث، الخاص بصالونات العرض والملتقيات الفنية التي تمتع النظر، وتلامس ما توطئ الأقدام، إلى خدمة من مستوى فني يحل بأشكال وأحجام جديدة، لائقة بالتشكيل والخدمة المميزة بالجدارية، الموازية فنيا إلى اللوحة التشكيلية .  

ومن هذا الباب نرى أن الزربية المغربية، قد مرت من نوعية الصناعة اليدوية، إلى ذوقية الصناعة الفنية، والتي أعطت الدفع لفنانات تشكيليات بالمجتمع، تشبعن فنيا وانطلقن من فن الزربية نحو التشكيل، من طينة الفنانة الفطرية الشعيبية، والفنانة فاطمة الفروج، وغيرهن ممن رفعن من قيمة عطاء المرأة، وما أنجزته من فن تشكيلي من لوحة الصباغة أو الزربية الجدارية . 

وهكذا نرى الزربية المغربية، من قيمة تاريخية تطورت محليا واجتماعيا من البيت كهدية يدوية، إلى السوق من صفقة تجارية، ثم على مستوى العرض، في أشكال تقليدية، وعصرية، وسياحية، نوعية من زمانها وخدمتها وصلاحية استخدامها . 

 

التعليقات مغلقة.