التعليم اللغوي بالمغرب | حدث كم

التعليم اللغوي بالمغرب

11/02/2022

 بقلم : محمد حسيكي : اللغة لسان المجتمع من النطق، وعقله من العلم، واللغة في عهد جلالة الملك محمد السادس، لسان المغرب من شقين العربية، والأمازيغية .  

وبالأمازيغية انتهت عثرة اللسان وعهد اجتماعي من الأمية اللسانية، التي تطورت إلى لغة وطنية، مبنية على القواعد العلمية، وأصبحت معتمدة من النظام التعليمي، لتأخذ مسارها التربوي والعلمي من الأجيال اللاحقة، كما تعايش بها اجتماعيا الأولون من الأجيال السابقة . 

ومن اللغة أضحى التعليم مجال مستقبلي من الحياة العلمية لتكوين الاجيال الاجتماعية، والمساهمة في بناء الحضارة الانسانية، تلك هي منطلقات التعليم، كما عشنا تجربته من الحقبة العمرية، بين شيء من التعليم والتربية والتهذيب الوطني، وشيء من الحياة الأهلية بالوسط العام من الساحة الاجتماعية .  

والتعليم من وجه عام، دراسة اللغة قراءة وكتابة على نحو من قواعد النطق، وشكل من الكتابة، عبر أطوار تعليمية . 

التعليم من أطواره : 

التعليم في سن التربية مررنا به عموميا من ثلاثة أطوار وعبر ثلاثة لغات، قبل الالتحاق بالتعليم العالي المختص والجامعي من التخرج .  

والتعليم بالمغرب كان مقسما بحكم العلاقة مع أوربا من الوجهة اللغوية إلى تعليم فرنسي بالمنطقة الفرنسية، وإسباني بالمنطقة الاسبانية، ناهيك عن لغات مساعدة من الانجليزية، والايطالية، والألمانية . 

الطور الأول :  

ينبني هذا الطور على جهود المعلم التربوية من المدرسة، وهو من يعلم التلاميذ القراءة والكتابة والنطق الصحيح بالحروف والكلمات والتعبير السليم من اللغة قراءة وكتابة، كما أنه يعلم كل المواد من لغة وعدد، من مستوى واحد بالمدينة، ومن مستويين بالضاحية الجماعية . 

ومن ثمة يكون هذا الطور هو الطور الأساسي من التعليم الابتدائي، ويتكون التعليم المدرسي بالمغرب من التعليم الفرنسي، والاسباني والعربي، والمعرب، ويضم لغتين العربية والفرنسية، أو العربية والاسبانية بالمنطقة الشمالية الغربية، ويتابع التلميذ التعلم والتحصيل من الطور  مدة خمس سنوات دون رسوب . 

وبالفصل الذي يتناوب عليه مدرسان، عربي فرنسي، تضم الطاولة أربعة تلاميذ ومحبرتين، ويمر التلميذ خلال الطور من نجاحات سنوية على يد عشرة مدرسين، يقومون بواجب المعلم والمربي، يتحلون بواجب الرسالة العلمية بروح الوطنية والحياة النظامية . 

وينتهي التلميذ من الطور التعليمي بإحرازه على شهادة الطور الابتدائي، وهي الشهادة التأهيلية للمرحلة الاعدادية بالطور الأول من سلك التعليم الثانوي .  

والتعليم من الطور الأساسي يتميز بمجهود المعلم الأدبية والتربوية، ونباهة المتعلم  من حس إدراكي لتلقي المعرفة، وقواعد العمل بها نموذجا وتحصيلا، إذ القراءة بمثابة الرسوم المسلية فيها ما تنفتح عليه الرؤية من جميل الصور وأساليب التعبير المحضر، واختيار المواضيع الطريفة التي تتفتح بالفكر، والهادفة إلى الحياة المنشودة التي تتطلع إليها النفس، فضلا عن لغة العدد من الحساب وشكلياته من الصحيح والكسور، والاشكال الهندسية وقواعدها التطبيقية . 

لكن من وجهة اللغة الفرنسية، كان المعلم مغربيا أنيقا، وجادا في إعداده من كل شيء، إلا في موضوع القراءة الفرنسية، إذ كانت لمؤلفين فرنسيين، عاصروا الحقبة الاستعمارية، وحياة مجتمعات ما وراء البحار، ومنها قدموا من القراءة المقررة صورة مدمرة للقروي المغربي الذي يعيش وسط الدواجن البرية والحيوانات الأليفة، بجلباب تقليدي وحياة محطمة من الادمان على التدخين المحظور تجاريا ومنتشر من الوسط الزراعي بطرق خارجة عن قواعد المنظومة التسويقية، وتكتنفها المتابعات الأمنية والقضائية. 

وهو ما يجعل الفلاح المغربي من تعاطيها منهك القوى غير قادر على العمل، منحل في سلوكه ومظهره، من تبعات تعاطي الممنوعات المحبطة للحياة والأعمال .  

الطور الثاني :  

يعرف بالسلك الاعدادي من التعليم الثانوي، وهو تعليم يمارس فيه الاستاذ المتخصص في المادة اللغوية ادبي – شرعي، أو العلمية علوم تجريبية أو علوم الرياضيات النظرية، والهندسة البيانية، إلى جانب مادة الرياضة البدنية . 

والاستاذ بالإعدادي أقل حصصا دراسية من المعلم صاحب الارضية العلمية بالمنهجية والممارسة، إذ الاستاذ يجد التلاميذ مهيئين للقراءة والكتابة لوحدهم، دون عناء إلا من نظرة عابرة بالملاحظة، خلال السرديات بين طاولات الفصل من وقت الكتابة الاملائية للدرس، بعد التفرغ من مغزى الدرس بالشرح والتحليل، وطرح الأسئلة من أي إشكالية بالدرس .  

والتعليم الاعدادي يقضي به التلميذ ثلاث سنوات، دون ملاحظة أو رسوب، حيث يحصل على الشهادة الثانوية، التي تسمح له بالمتابعة الدراسية من السلك الثاني بالتعليم الثانوي .  

واغلب المواد تدرس باللغة الفرنسية أو الاسبانية، أو العربية بالتعليم المعرب، ويسهر على شؤون الدراسة أستاذ المادة، والموعد المساعد على التنظيم من البوابة إلى الفصل الدراسي من المؤسسة التعلمية، فضلا عن استاذ مراقب للدروس من دفتر الملاحظات الخاص بالحضور  والغياب من الاستاذ (ة ) أو التلميذ(ة) . 

وبالتعليم الاعدادي تختلف طريقة المعاملة مع التلميذ، حيث يصبح في مرحلة من الاعتماد الذاتي، حيث يتخلص التلميذ من الرقابة المباشرة للمعلم، التي لازمته من الطور الأول، إذ تحل محلها الرقابة الادارية، وتعتمد على الملاحظة والتوجيه التربوي المحفز على العمل الجاد، والسلوك المنضبط من الدرس والتحصيل . 

ومن الوجهة اللغوية كان السلك الاعدادي منفتح على اللغة والحضارة الفرنسية المشبعة بالتقاليد الأوربية من البيت والشارع العام والادارة ومؤسسات العمل والترفيه، وكل ما يتمناه المغترب من الفكر والحضارة الأوربية، إذ من القراءة يتشبع الانسان برؤية مستقبله من الحياة بالبيت والساحة الاجتماعية، وتنظيم الوقت من العطلة الأسبوعية بين الرياضة والسينما أو المسرح، والعطل الموسمية من السفر والقراءة العابرة من يوميات الرصيف، أو القصص الماتعة من الوقت والسير على نحوها، من سجل الذكريات لزمن كتابة المذكرات ولو بالمرحلة الثالثة من العمر . 

الطور الثالث :  

هو التعليم الثانوي لما بعد الاعدادي، تعليم توجيهي ينحو بالتلميذ من استعداداته الدراسية نحو التخصص، من إحدى الشعب الأدبية أو العلمية أو علوم رياضيات أو تعليم تقني . 

وفي التعليم الثانوي يخرج التلميذ من تعليم العموميات، إلى التخصص في شعبة معينة، وإن وجد صعوبة في المتابعة أمكنه تغيير الشعبة أو التوجه نحو التكوين المهني، أو الانخراط بالأندية الرياضية، أو الجمعيات المسرحية، حيث يصبح التلميذ في مستوى من البحث عن الذات، إلى جانب متابعة الدراسة أو التفرغ إلى الهواية والانخراط في الممارسة . 

وخلال المرحلة النهائية من التعليم الثانوي تنضاف إلى التعليم لغة ثالثة، انجليزية، أو إسبانية، أو إيطالية، أو ألمانية، حسب التخصص الأدبي أو العلمي .  

والتعليم اللغوي ينصب بصفة أساسية على التعريف بالمجتمع الذي تنسب اليه اللغة، بدءا من حياة ساكنته وأدوات عيشه وكيفية التعامل التربوي بين طبقاته، فضلا عن العمران الحديث الذي تتميز به المدن ووسائل النقل الحضري ومحطات الراحة والترفيه والرياضة والفنون الجميلة، وما إلى ذلك من سبل الرقي بالحياة، والسياحة المتحضرة من فضاءات القراءة المتفتحة، على العالم والانسان من بوابة الفكر واللغة التي تقرب بني الانسان . 

وما يميز التعليم الثانوي من فصول السنة، الحفلات الموسمية من نهاية الموسم الدراسي التي تقيمها المؤسسة التعليمية بالمشاركة الفعلية، للتلاميذ بمختلف هواياتهم وميولتهم الفنية، والرياضية من البطولة المدرسية . 

الاستنتاج اللغوي :  

يجد التلميذ في تعلم اللغة متعة فكرية من النطق والتعبير اللغوي، يرقى باللغة والانسان نحو مدارج المعرفة، والمحيط الخارجي من الحياة الاجتماعية . 

ومن خلال اللغات الثلاثة أو أكثر يمكن تصنيف الصورة الاجتماعية، من الحياة الدولية العامة عبر المسار التعليمي، في صورة عالم ثالث يعتمد على الزراعة، وصورة العالم الصناعي من أوروبا، الذي ينشر العلم والحضارة، ويجعلها محجا للبشرية، ونبراس طريق للحياة الهادئة من الشخصية والتربية الاجتماعية .  

التعليم العالي والجامعي :  

هو التعليم النهائي المختص، عبر مراكز علمية ومدارس عليا ومعاهد مختصة، وكليات متعددة الشعب الجامعية، حيث المغرب وقتها من عهد الاستقلال، عزز جامعة القرويين للتعليم الأصيل، بجامعة محمد الخامس ملك الاستقلال والسيادة الاجتماعية، عن عهد الحماية من الحقبة الاستعمارية . 

وكان حينها عدد الطلبة الجامعيين، من داخل البلاد وخارجها في حدود أربعة آلاف طالب جامعي، مطلع السبعينات من القرن العشرين .  

وعهد الملك الحسن الثاني، اتسع المجال الجامعي من الأحياء الطلابية والاقامات الجامعية، فضلا عن تعدد الجامعات واتخاذها بعدا جهويا، ومحطة قارية للطلاب  من أفارقة وبلدان اسلامية، كما ارتفعت أعداد البعثات العلمية المغربية نحو الخارج، واكتساب الأجيال المغربية للمعارف من عدة لغات دولية، من الجهات الروسية والصينية والكورية، وما إلى ذلك من الجهات التي وصلتها الجالية المغربية، التي تعد بالملايين من العاملين والمقيمين بالخارج .  

وبعد تولي جلالة الملك محمد السادس، سدة الحكم، نهج بالبلاد نهج المصالحة الاجتماعية، وبناء دولة المؤسسات من معايير دولية، والانفتاح القاري وعلى المحيط الدولي والاقليمي، كما اتخذ من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعدا اجتماعيا، قفز منه المغرب إلى نموذج تنموي جديد يواكب التطورات التي تعرفها المملكة من أرضية اجتماعية، ومؤسساتية بمشاركة مختلف الفعاليات الوطنية، مما أعطى لمخططات التنمية قاعدة اجتماعية مبنية على الخيارات الجهوية وتكافؤ الفرص لمحو الفوارق بين الجهات انطلاقا من التعليم رافعة التنمية وسند الأجيال المستقبلية . 

التعليقات مغلقة.