د.الحسن عبيابة: ذكرى 11يناير .. الذاكرة السياسة لإستلهام للمستقبل | حدث كم

د.الحسن عبيابة: ذكرى 11يناير .. الذاكرة السياسة لإستلهام للمستقبل

يحتفل الشعب المغربي كل سنة بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في يوم 11 يناير 1944، ويشكل هذا الحدث فرصة لإحياء الذاكرة السياسية قبل الإستقلال، وربطها بالحاضر والمستقبل، لأن هذه الذكرى ليست هي يوم عطلة للجميع فقط، ولكنها تذكير لماض كان فيه المغرب محتلا من طرف الإستعمار، وتذكير بأن الشعوب مهما أستعمرت فإنها ستنهض في يوم ما، وتتحرر بكل الوسائل، وتعتبر هذه الذكرى من أقدم  الأعياد الوطنية وأهمها، وبالرغم من إختلاف المؤرخين حول هذه الوثيقة وأهميتها في زمنها،

إلا أنها شكلت إحدى المحطات الرئيسية في تاريخ الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله، من أجل الحرية والكرامة والحصول على الاستقلال، وتمثل عملية تقديم الوثيقة للمطالبة بالإستقلال تحولا دبلوماسيا في المطالبة بإستقلال المغرب، حيث تم تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية الفرنسية، وإلى المقيم العام غابرييل بيو وإلى القنصلين العامين لبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وإلى الجنرال ديغول وسفير الاتحاد السوفيتي بالجزائر الفرنسية، مما يعني أنها لم تقدم إلى فرنسا فقط، وإنما قدمت للقوى العظمى كلها آنذاك،

كما أن حركة المقاومة المغربية تحولت بعد تقديم الوثيقة من الإنتفاضات الشعبية إلى خوض النضال السياسي، حيث تضمنت وثيقة المطالبة بالاستقلال عددا من المطالب السياسية والتي تتعلق بالسياسة العامة للبلاد، منها المطالبة باستقلال المغرب كاملا تحت قيادة ملك البلاد الشرعي محمد بن يوسف، وكان رد الإحتلال الفرنسي عنيفا حينها، حيث شن حملة اعتقالات واسعة بعد أيام من تقديم الوثيقة، وإلقاء القبض على أغلب الموقعين عليها والذي بلغ عددهم 66 شخصا، لكن الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك محمد الخامس بطنجة، والذي أكد على أن المطالبة بالاستقلال إتخذت صبغة رسمية وأنه لا تراجع عنها سنة 1947، حيث أصبحت الوثيقة للمطالبة بالإستقلال لها معنى خاص وأعطت الوثيقة قوة سياسية ونضالية، حيث تجند الشعب كله للنضال من أجل الاستقلال، ورغم قدوم المستعمر الغاشم على نفى قائد الأمة جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله إلى الخارج سنة 1953, إلا أن ملامح ثورة الملك والشعب بدأت تتشكل على جميع المستويات، حيث إندلاعت تظاهرات في جميع ربوع المغرب سميت بـ “ثورة الملك والشعب” والتي عمت المدن المغربية، وفرضت على المستعمر التعجيل بإستقلال المغرب، وأمام صمود المقاومة المغربية إضطرت فرنسا إلى إرجاع السلطان الشرعي إلى بلده في عام 1955، ليعلن عن نهاية العهد الاستعماري وبداية استقلال المغرب، والذي تم بشكل رسمي في 2 مارس 1956، هذه الأحداث ستبقى راسخة وملهمة للشعب المغربي في كل زمان ومكان، ويجب تلقينها إلى الأجيال الحالية والمستقبلية، لأن ثورة الملك والشعب مستمرة، لكنها إنتقلت من تحرير الوطن إلى خلق تنمية إجتماعية واقتصادية تجعل المغرب مستقبلا مستقلا في كل شيىء، كما أن الذاكرة التاريخية لاتموت ولا تتقادم، لكنها تبقى ملهمة للمستقبل وفي كل الظروف.

 

د.الحسن عبيابة أستاذ التعليم العالي

 

 

التعليقات مغلقة.