مغاربة العالم: كيف يمكن استثمار هذا المؤهل التنموي الهام؟ – حدث كم

مغاربة العالم: كيف يمكن استثمار هذا المؤهل التنموي الهام؟

يتمتع مغاربة العالم بمؤهلات قوية تمكنهم من المساهمة في تنمية وإشعاع المملكة على الصعيد العالمي، إلا أن عدة تحديات ما تزال تقف عائقا أمام ذلك. وإذا كان مغاربة العالم، الذين يشكلون نحو 15 في المائة من مجموع ساكنة المملكة، قد حققوا نجاحات باهرة بفضل كفاءات ذات مستوى عالمي في العديد من القطاعات والبلدان، فإنهم مع ذلك يواجهون عدة تحديات متعلقة، على الخصوص، باستدامة هذا المؤهل التنموي.
وبالفعل، فإن الطابع الهيكلي لمساهمة المهاجرين المغاربة في الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية والتوازنات الماكرو-اقتصادية للبلاد يمثل فرصة وتحديا في آن واحد.
وعلى هذا الأساس، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في الرأي الذي أصدره مؤخرا، إلى التعبئة الاقتصادية لمغاربة العالم، لاسيما من خلال تشجيع الفاعلين المغاربة في القطاع المالي على تطوير منتجات تكميلية ذات جاذبية في مجالي الادخار والتقاعد مخصصة لمغاربة العالم.

وفي هذا الرأي، الذي يسلط الضوء على الطابع متعدد الأبعاد للرابط بين مغاربة العالم والمملكة، والسبل والوسائل الكفيلة بتمتينه وضمان ديمومته، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإرساء تكامل متعدد القنوات لاستيعاب تحويلات مغاربة العالم وتسريع رقمنة الخدمات البنكية الموجهة إليهم.

كما يتعلق الأمر بتخفيض الأسعار المطبقة على التحويلات عند الإرسال والاستلام، بالإضافة إلى فتح صندوق محمد السادس للاستثمار أمام مساهمة مغاربة العالم و/أو إحداث صندوق استثمار مخصص لمغاربة العالم بهدف توجيه بعض الموارد نحو الأنشطة ذات الانعكاسات الاجتماعية والبيئية الإيجابية، والاستثمار في أسهم الشركات وأنشطة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وبخصوص الحماية الاجتماعية، اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن تنوع مسارات الهجرة يعد عاملا من عوامل الهشاشة التي تنعكس سلبا على التغطية الاجتماعية لمغاربة العالم. وفي هذا الصدد، أوصى بالانخراط في حوار مع بلدان الاستقبال بهدف تحيين و توسيع نطاق الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالضمان الاجتماعي من أجل تبسيط الشروط التي تعيق استفادة مغاربة العالم من حقوقهم المرتبطة بالتقاعد والرعاية الصحية عند عودتهم بشكل نهائي أو مؤقت إلى المغرب.
كما أوصى بإعداد دلائل ومحتويات تواصلية وتنظيم دورات تكوينية حول حقوق المهاجرين في مجال الضمان الاجتماعي، لفائدة مغاربة العالم والأجانب المقيمين بالمغرب، وكذا موظفي القنصليات والفاعلين الجمعويين، بالإضافة إلى العمل، بشراكة مع الأبناك وشركات التأمين، على إعداد عرض للتأمين عن المرض لفائدة الأصول العائدين بصفة مؤقتة أو دائمة، وعرض للتأمين الاختياري على التقاعد لفائدة مغاربة العالم يكون مرفقا بتحفيزات ضريبية.
وفي هذا الرأي، توقف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أيضا عند جودة الخدمات المقدمة من لدن الإدارة وباقي الفاعلين المعنيين لفائدة المرتفقين من مغاربة العالم، مقترحا في هذا الصدد إحداث منصة رقمية وحيدة لتيسير العمليات والتفاعل بين كل الفاعلين في المنظومة الموجهة لمغاربة العالم.

ويتعين أن تخول هذه المنصة لمغاربة العالم إمكانية الولوج إلى مختلف الخدمات والمعلومات والمساطر التي تهمهم، ولاسيما الوثائق القنصلية، وتقديم الدعم في مجال الاستثمار، والمعلومات الثقافية، وتدريس اللغة العربية. ويتمثل الهدف أيضا في تعزيز الموارد البشرية العاملة في البعثات القنصلية من حيث العدد والكفاءة وتنوع القدرات والتدخلات، وكذا تعزيز الوحدات القنصلية المتنقلة في البلدان التي تسجل ضعفا في الخدمات الرقمية.
يمثل مغاربة العالم نحو 15 في المائة من مجموع ساكنة المملكة، ويساهمون بأزيد من 7 في المائة من ناتجها الداخلي الإجمالي، ويعد شعورهم القوي بالانتماء إلى الوطن والطابع الهيكلي لمساهمتهم في الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية وفي إقامة التوازنات الماكرو-اقتصادية للبلاد، في الوقت نفسه، فرصة وتحديا يتعين رفعه وفق استراتيجية محددة الأهداف.

م/ح/ا

التعليقات مغلقة.