انعقدت يوم الجمعة 16 يونيو 2023 بمراكش، ندوة لمقاربة واقع وآفاق التوازن القائم بين المنعش العقاري كمنتج ومشتري العقار كزبون ومستهلك، بمبادرة من مؤسسة “كلامكم” ومؤسسة “مراكش الإخبارية”، بهدف مناقشة مجموعة من المحاور ذات الصلة بالموضوع عبر إشراك مجموعة من المتدخلين في المنظومة العقارية.
عبد الصادق لفراوي:”مجموعة من الحالات لا تمت للقانون بصلة”
قال رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، عبد الصادق لفراوي أن العلاقة بين المنعش العقاري والباحث عن السكن تبقى علاقة جدلية تترنح بين المد والجزر، وأن الجمعية هي أول من يحس بآثارها على الطرفين.
وأشار أن هذه العلاقة من المفروض أن تربطها مجموعة من الالتزامات من الجانبين معا، المنصوص عليها بموجب نصوص قانونية، وخص بالذكر القانون 107/12 الذي غير وتمم القانون 44/00 المتعلق بالالتزامات والعقود، والذي يتضمن مجموعة من الحقوق والواجبات التي من الواجب توفرها سواء في العقود المبدئية أو العقود النهائية وكذا عقود التخصيص.
واستفسر المتحدث عما إذا كان المنعش العقاري يحترم هذه الالتزامات والواجبات، بحكم أن مجموعة من الحالات في الواقع المعاش والتي تمر عبر الجمعية لا تمت للقانون بصلة نهائيا.
عبد العزيز بوستة:” تفعيل قانون بيع العقار في طور الإنجاز فيه مصلحة للطرفين وللاقتصاد الوطني”
قال عبد العزيز بوستة رئيس القسم القانوني بوزارة الإسكان والتعمير، من جانبه، في رد على ما يتعلق بالشق القانوني، أن العمل بقانون بيع العقار في طور الإنجاز بدأ منذ سنة 2002، لكنه للأسف لم يعرف طريقه إلى التفعيل رغم أنه تضمن مجموعة من الضمانات في صالح الطرفين، بهدف خلق سيولة كافية للمنعش العقاري تغنيه شيئا ما عن تحمل الفوائد البنكية،
من جهة، ومن جهة أخرى تعطي كذلك إمكانية للمشتري لتملك مسكنه بطريقة ميسرة ومناسبة.وأضاف بوستة أن هذا القانون عرف في البداية بعض التعثر ليتم تعديله في سنة 2016 لكي يأتي بضمانات أكثر، لكن دون أن يتم تفعيله مرة أخرى، داعيا لتفعيل النص لما فيه مصلحة للطرفين وللاقتصاد الوطني أيضا.وبخصوص العراقيل التي حالت دون تفعيل هذا القانون، أوضح المتحدث أنها ترتبط أساسا بمشكل الضمان الذي يتم فرضه على المنعش العقاري مقابل المبالغ المالية التي يدفعها يدفعها المشتري،
مؤكدا أن المناقشات لا تزال جارية في أفق الوصول إلى توافق بين جميع الأطراف من أجل إخراج هذا النص التنظيمي المتعلق بتفعيل الضمانة، الأمر الذي من شأنه إنعاش القطاع العقاري بصفة عامة لتكثيف وتنويع السكن وتلبية الطلب لمتلف الفئات الاجتماعية.
عادل بوحاجة: “القانون يتضمن شروط تعجيزية”
وصف عادل بوحاجة رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين بجهة مراكش-آسفي، القانون المؤطر لبيع العقار في طور الإنجاز بأنه قانون “جميل”، لكنه اعتبر أن الجمال وحده لا يكفي في ظل وجود عدة مشاكل نابعة من كون أنه نقل بحذافيره من القانون الفرنسي، إضافة إلى الشروط التعجيزية التي يتضمنها، وبالتالي فإن لا أحد يطبقه، لا شركات الدولة ولا المنعشين العقاريين، وأثار بدوره مشكل الضمانة، موضحا أن المنعش العقاري الذي يتوفر على 300 شقة أو أكثر لا يمكنه إعطاء ضمانة على كل عملية بيع.
وأشار بوحاجة أيضا إلى نقطة أخرى تتمثل في عدم التوازن في الشكل القانوني بين المشتري والمستثمر، وأعطى بالمثال بالحالة التي يرغب فيها المشتري التنازل على العقار، وهي حالة لا تصب في صالح المنعش العقاري، لكون هذا الأخير يستثمر في دفوعات الزبائن، وهو ما يصعب عملية إرجاع المبالغ المتحصل عليها، وتحدث كذلك عن مسألة ضمانة نهاية الورش التي لا يزال فيها بعض اللبس.
ممثل شركة العمران: “القطاع العام غير معني بقانون البيع قبل الإنجاز”
قال سعد بوحاميدي. رئيس قسم التواصل بشركة العمران أن العديد من الأشخاص يخلطون بين القطاع العام والخاص في مجال العقار، موضحا أن مؤسسة العمران بصفتها مؤسسة عمومية يناط لها تحقيق انجاز السياسة العمومية في مجال السكن، ومن هذا المنطلق يكون هدفها هو تدبير حاجيات السكن وسد الخصاص، وذلك عبر وسيلتين متاحتين، أولاهما هي الشراكة مع القطاع الخاص عن طريق انجاز المشاريع السكنية استجابة لطلب المواطنين والثانية عبر انجاز المشاريع بآليات شركة العمران.
وفيما يخص قانون البيع قبل الإنجاز، قال ممثل شركة العمران، أن المؤسسة غير معنية بهذا القانون، لأن دورها يتجلى في تأطير القطاع الخاص في مجال الإنعاش العقاري أولا، وثانيا لكونها مؤسسة تابعة للدولة فهي تمتلك جميع الضمانات المطلوبة من أجل تدبير حاجيات المواطنين في السكن، وبالتالي فإن المشرع المغربي لم يدرج مؤسسات القطاع العام.
محمد المكاوي: “الوزارة تتوصل بعديد الشكايات”
قال محمد المكاوي ممثل مديرية الإنعاش العقاري بوزارة الإسكان، أن الوزارة كانت منذ البداية شريكا أساسيا في وضع تصور عام لمختلف القوانين التأطيرية التي همت الموضوع في شقا الأولي، قبل أن ينفتح النقاش على باقي الشركاء، كما أنها تعمل على دراسة مجال الإنعاش العقاري عبر مجموعة من الأرقام والإحصاءات من أجل التعرف على الوضع العام في حلقة متكاملة تشمل العقار والقدرة الشرائية للمواطن ومواد البناء وأسعار السوق، وكلها معطيات مهمة في قراءة السوق العقاري في المغرب.
وأضاف المتحدث أن الوزارة قامت بمجموعة من المبادرات فيما يتعلق بدعم السكن الاجتماعي ومنح تسهيلات للمنعشين العقاريين بهدف إيجاد منتوج ملائم ومحفز لمختلف الطبقات الاجتماعية.
وأكد مكاوي أن الوزارة تتوصل بعديد الشكايات فيما يتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، وتعمل من جهتها دراسة الإشكالات المطروحة ومحاولة فهم مكامن الخلل من أجل تصحيحها في المستقبل لخلق جو عام من الثقة بين المواطن والقطاع الخاص، تلعب فيه الدولة دور المؤطر والمنظم للعلاقة التعاقدية بين الطرفين.
بلمجاد محمد: “عامل المهنية ضروري لدى المنعش العقاري”
شدد محمد بلمجاد مهندس معماري وعضو مركز تنمية تانسيفت على ضرورة توفر عامل المهنية في مجال العقار لدى المنعشين العقاريين، فهي مهنة تتطلب معرفة بإنجاز المشروع، وفي حال عدم امتلاك هذه المعرفة، من الضروري الاعتماد على رئيس ورش، والعديد يستعين بمؤسسة العمران لأنه يعلم أنها تتوفر على مهنيين وأطر من المستوى العالي.
أما المسألة الثانية التي تطرق لها بلمجاد فهي تتعلق بالتمويل، مشيرا أن المنعش العقاري اذا كان على علم من البداية بعدم قدرته على إكمال المشروع فسيجد صعوبة كبيرة، وأول من يتورط معه هو المهندس، بحيث أن هذا الأخير مطالب بتوقيع بيان قبل أن يتسلم المقاول الأموال، وهذا البيان يرتكز على معيارين هامين، الأول كمية العمل أي كل ما يتعلق بحجم الإسمنت والخرسانة ومساحة التبليط وغيرها، والثاني جودة الأشغال، وفي حال عدم احترام المعياريين لا يتم توقيع البيان، الذي يشارك فيه أيضا مختبر الدراسات ومكتب المراقبة.
وأكد المتحدث أن في حالات كثيرة المقاول يجد نفسه دون مستحقات بسبب ضعف السيولة المادية للمنعش العقاري غير المهني، وهو ما يخلق مشكلا في الجودة وحتى في المدة الزمنية للتسليم، خاصة اذا كان المقاول بدوره يوكل شركات فرعية، كما نبه إلى مشكل آخر يتعلق بأتعاب المهندسين التي تختلف بشكل ملحوظ بين القطاع العام والقطاع الخاص، موضحا أنها تتراوح بين 4 بالمائة و5 بالمائة في القطاع العام، لكن في القطاع الخاص تنزل إلى ما هو أدنى من 1 بالمائة.
وأثار بلمجاد قضية الغرامة التي فرضها مجلس المنافسة على هيئة المهندسين التي قررت وضع مقياس أدنى للأسعار للحد من الفوضى في القطاع، وهو ما جعل الباب مفتوح على مصراعيه للاشتغال بأي ثمن كان.
الحبيب جلال: “هاجس مصنعي مواد البناء هو سلامة وجودة البنايات”
اكد الحبيب جلال مدير التواصل بمجموعة منارة قابضة، على أن الدور الأساسي لمصنعي مواد البناء هو إنتاج مواد البناء للاستجابة لمتطلبات وحاجيات السوق، لكن الهاجس الداخلي يبقى دائما هو سلامة وجودة البنايات التي سيسكن فيه المستهلك الأخير، لأن شركات التصنيع تبيع موادها للمقاول الذي يبيعها بدوره للمنعش العقاري قبل أن تصل إلى المستهلك في نهاية المطاف.
إضافة إلى ذلك، يقول الحبيب جلال، إن شركات تصنيع مواد البناء تسعى دائما لتطوير منتوجات جديدة تكون صديقة للبيئة وتستجيب للكفاءة الطاقية وغير ذلك، مشيرا في المقابل إلى وجود عدة إكراهات من بينها التضخم الذي أثر على مواد البناء كسائر المواد الأخرى.
وقال جلال أن مجموعة من المقاولين ذوي الخبرة المتوسطة يقتصر تفكيرهم على سعر الوحدة في بعض المواد الجديدة التي يكون سعرها مرتفعا، ولا يعيرون اهتماما للورش أو المتر مربع منتهي، لأن تلك الوحدة تدخل في البناية كاملة، كمية الإسمنت والرمل، وكذا تقليص المدة الزمنية في اليد العاملة، وهي عملية حسابية لا يستعملونها حاليا، ولو كان كذلك كانت ستدخل مواد أخرى جديدة للسوق، ستساعد في ربح الوقت ونقص التكلفة الإجمالية للمشروع، مما سينعكس على المنعش العقاري والمستهلك معا.
وأوضح المتحدث أن السياسة الحالية للشركة تتمثل في عدم الاستجابة للمواد الكلاسيكية المطلوبة لدى كافة الناس، من خلال تكوين المقاولين حول استعمال مواد جديدة تقنيا، لا تحتاج دراية لدى عامل البناء، لأنها بسيطة ويمكن لأي شخص عادي استعمالها.
زكريا ايت علي اومنصور: “مرافق التمويل توفر كل التسهيلات”
دعا زكريا ايت علي اومنصور كاتب عام جهوي لقطاع البنوك إلى ضرورة تقنين وتخليق مهنة الإنعاش العقاري من أجل وضع حد لكل الأمور التي تسيء لهذه المهنة، خاصة مع توالي الشكايات والاحتجاجات في الآونة الأخيرة ضد مجموعة من المقاولات التي أخلت بالتزاماتها، وهو ما يطرح علامة استفهام حول السلطة الوصية التي من دزرها ضمان السكن للمواطن البسيط منذ البداية حتى النهاية، بمعنى انطلاقا من المقاول مرورا بالمسائل الإدارية ومؤسسة الموثق التي لها دور أساسي في العملية والوكالة العقارية والمرفق المالي الذي يسهل التمويل.
وفيما يخص مرافق التمويل، أكد ايت علي اومنصور أن هناك مجموعة من التسهيلات والمبادرات لتوفير كل الآليات لتمكين المواطنين من الحصول على سكن لائق.
وطالب الكاتب الجهوي من الوزارة الوصية إلى التفكير في مناظرة وطنية بحضور جميع المتدخلين في هذه العملية، من بنوك وموثقين ومهندسين ومقاولين وغيرهم، لخوض نقاش عميق تتمخض عنه توصيات تمكن من تجويد العمل وتحسين ظروف حصول المواطن على السكن اللائق وكذا اشتغال المنعش العقاري في أريحية.
د.و
التعليقات مغلقة.