جرى، امس الثلاثاء، في ندوة احتضنها قصر أوروبا بستراسبورغ، تسليط الضوء على السياسة المغربية للهجرة واللجوء، التي وضعها المغرب بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وشكل هذا اللقاء، المنظم بمبادرة من الوفد البرلماني للمملكة المغربية لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بالتعاون مع لجنة الهجرة واللاجئين والنازحين، والقنصلية المغربية بستراسبورغ، حول موضوع ”الدفاع عن حقوق الإنسان ما وراء البحار”، مناسبة لإبراز الجهود التي تبذلها المملكة في مجال الهجرة واللجوء ومناقشة القضايا والتحديات المرتبطة بقضية الهجرة في بعدها الحقوقي، لا سيما في مواجهة المآسي الناجمة عن الهجرة غير النظامية.
وفي كلمة له بمناسبة افتتاح هذا الحدث، المنظم على هامش الفقرة الثالثة من الدورة العادية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (19 – 23 يونيو الجاري)، أشار القنصل العام للمملكة في ستراسبورغ، إدريس القيسي، إلى أنه بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، اعتمد المغرب في عام 2013 استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء، قائمة على مقاربة استباقية وشاملة، ونهج متوازن وإنساني، انعكس تنفيذها من خلال بلورة إطار قانوني ومؤسساتي واندماج سوسيو اقتصادي للمهاجرين.
وأكد القنصل على أن المغرب حاضر في مختلف عمليات التشاور الإقليمية والدولية حول الهجرة، معتبرا أن ديناميات التقارب المعياري للمغرب مع مجلس أوروبا في مجالات خبرته، مقرونة بالتزام المملكة كدولة شريكة للديمقراطية، سمحت لسنوات عديدة بوجود فضاء للتبادل حول سبل النهوض بحقوق الإنسان، وفقا للقيم المشتركة والمعايير المتقاربة. من جانبها، أشارت إيمان لماوي، عضو الوفد البرلماني المغربي لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، إلى أن المغرب في سياسته الوطنية للهجرة يعمل بطريقة مسؤولة ومستدامة في إطار التعاون الدولي والإقليمي، من خلال اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي ودول إفريقية أخرى تروم تعزيز التعاون في مجالات مراقبة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية وشبكات الاتجار بالبشر، فضلا عن تسهيل الهجرة القانونية.
وأكدت النائبة، وهي أيضا عضو لجنة الهجرة واللاجئين والنازحين، على أن المغرب يولي اهتماما خاصا لإدماج المهاجرين على أراضيه، لا سيما من خلال إطلاق العملية الاستثنائية عامي 2014 و2017 لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في المغرب، ما مكن من تسوية أوضاع حوالي 50 ألف مهاجر، معظمهم من إفريقيا جنوب الصحراء.
وذكرت في هذا الصدد بأن المغرب كان شهر دجنبر 2018 البلد المضيف لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، وهو ميثاق يستند إلى 23 هدفا يغطي مختلف جوانب الهجرة.
من جهته، أشار رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، والذي توقف بإسهاب عند تاريخ الهجرات المغربية، إلى أنه قبل فترة طويلة من عملية التسوية التي أطلقها المغرب، كرس دستور 2011 المساواة في الحقوق للأجانب الذين يوجدون في وضع قانوني في المغرب، بما في ذلك الحق في المشاركة في الانتخابات المحلية.
كما سلط السيد اليزمي الضوء على مكانة المغرب كرائد للاتحاد الإفريقي فيما يتعلق بقضية الهجرة في شخص صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مسجلا أن خارطة الطريق التي وضعها المغرب واعتمدتها قمة الاتحاد الإفريقي يجب أن تكون جزءا من المناقشات بين المؤسسات الأوروبية والاتحاد الإفريقي.
وركز أيضا على الحكامة الدولية في مجال حقوق الإنسان للمهاجرين وصكوكها الدولية، وهما اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
بدوره، أشاد جوليان باهلك، عضو لجنة الهجرة واللاجئين والنازحين، والمقرر المعني بموضوع ‘الهجرة واللاجئين وطالبي اللجوء المفقودين: دعوة لتوضيح مصيرهم”، باستراتيجية الهجرة المغربية، مؤكدا أن “قلة من البلدان لديها سياسة محددة في هذا المجال”.
كما شجب المخطط الأوروبي بتعهيد معالجة طلبات اللجوء، وهي سياسة، حسب قوله، ت قوض الحقوق الأساسية لجميع طالبي اللجوء.
وأكد باهلك أن دول الجنوب لا يجب أن تتحمل هذه المسؤولية، داعيا إلى ضرورة الإنصات لصوت هاته الدول في مجال سياسة وإدارة تدفقات الهجرة.
من جهتها، تطرقت الممثلة الخاصة للأمين العام لمجلس أوروبا المعني بالهجرة واللاجئين، ليلى كاياجيك، إلى الركائز الثلاث لولاية مجلس أوروبا، وهي بعثات تقصي الحقائق والتنسيق داخل مجلس أوروبا والتعاون مع الدول الأعضاء وخارجها.
وأشارت في هذا السياق إلى أن مجلس أوروبا يعمل مع المغرب في إطار مخطط العمل المتعلق بحماية الأطفال، مسجلة كذلك وجود مخطط عمل خماسي يركز على حماية الأشخاص المستضعفين في إطار الهجرة.
وأكدت السيدة كاياجيك استعداد مجلس أوروبا للعمل مع المغرب بشأن قضايا أخرى تتعلق بالهجرة وحماية اللاجئين.
وفي ختام هذه الندوة، التي عقدت بحضور أعضاء البرلمان الأوروبي والوفد البرلماني المغربي لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وشخصيات من مختلف المشارب، تم افتتاح معرض بعنوان (Bleu Clandestin) والذي جمع أعمال الفنان اليزيد خرباش، على شكل منحوتات ولوحات مزينة بقصائد تحكي المآسي التي عاشها مرشحو الهجرة غير النظامية.
ح/م/ا
التعليقات مغلقة.