ناقش المشاركون في ندوة وطنية افتتحت أشغالها، اليوم الخميس بالرباط، الإشكالات القانونية ورهانات الإصلاح المتعلقة بكفالة الأطفال المهملين.
وأوضح المشاركون في هذه الندوة، التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن بسط الإشكالية المتعلقة بكفالة الأطفال المهملين ودراسة سبل الإصلاح في هذا المجال، أضحى يكتسي طابع الراهنية، لاسيما إذا تم ربطه بالنقاشات الحالية حول تعديل مدونة الأسرة، و القانون المتعلق بالكفالة والالتزامات المفروضة على الكفيل أو الكفيلة والمكفول.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، منير بن صالح، إن موضوع الندوة يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى كونه يهم شريحة مهمة من المجتمع، هي الأطفال.
وأوضح السيد بن صالح أن أهمية موضوع كفالة الأطفال تشمل ثلاثة مستويات رئيسية، تتمثل في راهنية النقاش “إذا ما ربطناه بزلزال الحوز الذي طرحت معه مسألة الكفالة بالنسبة للأطفال الذين فقدوا ذويهم، فأعطيت لهم بموجب القانون صفة مكفولي الأمة”، بالإضافة إلى المستوى المتعلق بالنقاش الحالي حول تعديل مدونة الأسرة، وكذا القانون المتعلق بالكفالة والالتزامات المفروضة على الكفيل أو الكفيلة والمكفول انطلاقا من هذا النص القانوني المهيكل.
وأضاف أن المستوى الثالث يهم مجموع التطورات المجتمعية التي ما فتئ المجلس يشتغل عليها من موقعه كمؤسسة وطنية ذات ولاية شاملة، كما هو الشأن بالنسبة لحقوق الطفل وحقوق المرأة، بما فيها الصحة الإنجابية، التي تشكل موضوعا مهما تطرح معه كذلك الكفالة بفعل التطورات السوسيولوجية والديموغرافية التي شهدها المغرب.
كما ذكر السيد بن صالح بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أقر، بموجب القانون رقم 15-76 المتعلق بإعادة تنظيمه، إحداث ثلاث آليات وطنية حمائية، منها الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، مبرزا أن المجلس يستعد لإصدار تقريره السنوي الخامس بناء على العمل الذي تقوم بها هذه الآلية في إطار مهمتها المتعلقة بالأطفال، عبر تلقي شكايات مباشرة أو غير مباشرة، والرصد التلقائي، والتتبع الرقمي، فضلا عن أصداء الصحافة.
وشدد الأمين العام للمجلس على أن الإشكالات القانونية لا تطرح فقط داخل سياقها القانوني الصرف “بقدر ما نطرح إشكالية كفالة الأطفال في مختلف أبعادها الاقتصادية والقانونية والاجتماعية”، مسجلا أن هذه الإشكالات هي أيضا تكريس للشعار الأساسي للمجلس في الولاية الحالية المتمثل في “فعلية الحقوق والحريات في المغرب”.
من جهته، أكد منسق الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، عبد الكريم الأعزاني، أن أهم إشكال يطرح نفسه بقوة هو حجم الامتيازات والحقوق التي يكفلها قانون كفالة الأطفال المهملين، بالشكل الذي تتحقق معه المساواة بين الأطفال في وضعية عادية مع نظرائهم المشمولين بنظام الكفالة.
وأبرز السيد الأعزاني، في كلمة مماثلة، أنه في وقت الأزمات المتمثلة في الزلازل والفيضانات يتم الإشارة إلى الأطفال بمكفولي الأمة، “مما يطرح التساؤل حول المقتضيات القانونية المنظمة لوضعية هؤلاء الأطفال، وكذا نوع وفئة الأطفال المستفيدين من هذا المركز القانوني”.
ولفت إلى أن استقبال قانون الكفالة المغربي من طرف الأنظمة القانونية الأجنبية، خاصة تلك التي تقر التبني ولا تعترف بنظام الكفالة المعمول به في جل الدول الإسلامية، “يطرح إشكالات جد معقدة تتعلق بتنازع القوانين، خاصة أن اتفاقية حقوق الطفل لا توضح العلاقة القانونية بين الكفالة والتبني ومدى ملائمته، الشيء الذي ينتج عنه انتهاكات حقوق الطفل المكفول (..)”.
يذكر أن الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل هي عبارة عن آلية تظلم خاصة بحماية الأطفال من انتهاكات حقوقهم، وتتميز بسهولة الولوج مع التلاؤم مع جميع فئات الأطفال دون أي تمييز.
وتعمل هذه الآلية، التي يحتضنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره مؤسسة دستورية، وفق المبادئ التوجيهية للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل وخاصة منها الواردة في التعليقين العامين رقم 2 و5.
وتهدف هذه الندوة إلى تسليط الضوء على مجموعة من المواضيع الراهنة مثل قانون الكفالة المغربي والإشكالات الواقعية المطروحة، ووضعية الأطفال المهملين مكفولي الأمة ضحايا الكوارث الطبيعية، واستقبال قانون الكفالة المغربي من طرف الأنظمة القانونية الأجنبية، بالإضافة إلى كفالة الأطفال المهملين من طرف القاطنين بالخارج بين التشريع والواقع.
التعليقات مغلقة.