الذكرى الـ67 لتأسيس التعاون الوطني مناسبة لتسليط الضوء على مؤسسة انخرطت في محاربة الهشاشة وورش الحماية الاجتماعية
يشكل الاحتفاء بذكرى تأسيس التعاون الوطني مناسبة للوقوف عند إسهام هذه المؤسسة في بلورة البرامج والاستراتيجيات الرامية إلى النهوض بأوضاع مختلف الشرائح الاجتماعية، والتي تعاني منها من الهشاشة بشكل خاص ، وانخراطها في تنزيل الأوراش الاجتماعية الكبرى، لا سيما ورش الحماية الاجتماعية.
وتعتبر مؤسسة التعاون الوطني، التي أسسها جلالة المغفور له الملك محمد الخامس يوم 27 أبريل 1957، أول مرفق اجتماعي أسس في مغرب الاستقلال.
وقد اعتمدت على الخدمة الاجتماعية كما هو متعارف عليها في ثقافة وتقاليد الشعب المغربي، والمرتكزة أساسا على التكافل والتضامن المستمدين من الدين الإسلامي. وقد عمل التعاون الوطني منذ السنوات الأولى للاستقلال على تكريس قيم التضامن بالتركيز على المهام الإنسانية المرتبطة بالتكوين ومحو الأمية، وتثمين الحرف النسائية ودعم الأسرة بكل مكوناتها، وغيرها من المبادرات التي جعلت من هذه المؤسسة ذراعا وطنيا تاريخيا فاعلا في المجال الاجتماعي.
وتقدم المؤسسة خدمات في شتى الميادين لفائدة النساء والأطفال في وضعية صعبة، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وهي تتمثل أساسا في دعم إحداث مؤسسات للرعاية الاجتماعية في إطار برنامج حماية القاصرين، ومنح مساعدات على شكل مواد غذائية لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة حركية وبصرية، وتقديم مساعدات على شكل إعفاءات أو من المحجوزات الجمركية لفائدة الأشخاص في وضعية صعبة، وغيرها.
فضلا عن ذلك، كانت هذه المؤسسة الاجتماعية دائمة الحضور للتخفيف من وقع التحديات الاجتماعية التي شهدتها المملكة، حيث سجل التاريخ التواجد القوي والانخراط الكلي لأطر وأعوان التعاون الوطني في دعم المتضررين، وقيامهم بمهام انسانية كالمساعدة الاجتماعية والإسعاف الاجتماعي .
وعلى مدى السنوات الماضية تمكن التعاون الوطني من تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية المحددة ، خاصة تلك المتعلقة بتوسيع دائرة المستفيدين من مختلف الخدمات والبرامج الاجتماعية، وإحداث مجموعة من المراكز والفضاءات، وكذا المساهمة في دعم ومواكبة مؤسسات الرعاية الاجتماعية الموجهة للأشخاص في وضعية صعبة.
ومواكبة للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ، بلورت المؤسسة تصورات جديدة للخدمات الاجتماعية، تجسدت في الانتقال من مرحلة تقديم العون والمساعدة، إلى مرحلة العمل الاجتماعي الوقائي والتأهيلي، ثم إلى مرحلة المساعدة الاجتماعية بمفهومها الشامل استجابة لمتطلبات الفئات التي تعيش وضعية هشاشة.
كما باتت المؤسسة تعتمد في تدخلاتها على سياسة اللا-تمركز من خلال تمثيليات جهوية وإقليمية وشبكة واسعة من المراكز الاجتماعية، وأيضا عبر وعاء شراكاتي متنوع هم الجمعيات التنموية الوطنية والشركاء الدوليين.
وقد اقترنت أدوار المؤسسة بالأوراش الاجتماعية الكبرى التي أطلقتها المملكة خلال السنوات الأخيرة، والرامية إلى تقليص الفقر ومحاربة كل أشكال الهشاشة ودعم القدرة الشرائية للأسر.
وفي هذا الصدد، تنخرط مؤسسة التعاون الوطني بقوة في التنزيل الترابي للأوراش الاجتماعية بصفة عامة، وللحماية الاجتماعية بصفة خاصة، باعتبارها إحدى ركائز تنزيل السياسات العمومية في المجال الاجتماعي والتضامني. وتنكب المؤسسة، ضمن شبكة المؤسسات التابعة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، على المساهمة في تطوير اقتصاد الرعاية والذي تجسد بالخصوص في بلورة مرسوم لاعتماد العاملين الاجتماعيين.
ويأتي هذا المرسوم في إطار تنزيل ورش الحماية الاجتماعية وضمن مجال التكوين، حيث وقعت الوزارة سلسلة من الشراكات مع عدد من المؤسسات والفاعلين منهم بالأساس وزارة التعليم العالي من أجل تكوين 10 ألف مساعد ومساعدة اجتماعية في أفق 2030، وهو ما يفتح آفاقا جديدة للشباب والشابات.
ويتم العمل أيضا على توسيع قاعدة استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من خدمات منظومة الحماية الاجتماعية الموجهة لهذه الفئة ، وذلك من خلال مقترح “سلة صحية وشبه طبية إضافية”. من جهة أخرى، تسهم مؤسسة التعاون الوطني في التعزيز الترابي لآليات الصمود ، خاصة أمام الكوارث الطبيعية كما كان الحال إثر الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز يوم ثامن شتنبر من السنة الماضية.
وقد أغاث القطب الاجتماعي، في إطار خلية لتتبع تداعيات الزلزال فور حدوثه، ضمت 193 إطارا تابعا للتعاون الوطني، إضافة إلى 203 أطر تابعة للشركاء من مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، أزيد من 36 ألف شخص من المتضررين.
إن مسار التعاون الوطني منذ تأسيسه يؤكد أن الأمر يتعلق بمؤسسة اجتماعية عريقة واكبت تطور أوراش التنمية الاجتماعية في المملكة منذ 67 سنة، وتنخرط بقوة في الطفرة الاجتماعية الراهنة، خاصة عبر اعتمادها مخططا جديدا يروم تمكينها من الطرق والمساطر والمؤهلات ووسائل العمل التي تسمح ببلوغ النجاعة والفعالية في تدخلاتها في مجال المساعدة الاجتماعية، وذلك في انسجام وتكامل مع تدخلات باقي الفاعلين في المجال الاجتماعي.
التعليقات مغلقة.