كيف يصبح حل البرلمان حلا سياسيا.. في الدول الديموقراطية ؟ ! | حدث كم

كيف يصبح حل البرلمان حلا سياسيا.. في الدول الديموقراطية ؟ !

11/06/2024

+ د.الحسن عبيابة: إن المتتبع لبنود الدساتير في العديد من الدول إن لم تكن كلها ، يجد بالضرورة بندا واضحا في كل دستور ، يكون فيه إمكانية حل البرلمان ومتى وفي أي ظروف يتم ذلك ؟، وهذا البند أصبح هو المنقذ في العديد من الدول الديموقراطية في حالة حصول أزمات سياسية أو إخفاق سياسي لأي حزب يقود حكومة سياسية في أي دولة ديموقراطية ، بل أصبح هذا البند وقاية استباقية أحيانا في أي نوع من الإنتخابات الجهوية أو المحلية أو القارية .

 هذا الحديث يجرنا الى ماوقع في فرنسا مؤخراً بعد الإنتخابات الأوروبية ، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل البرلمان الفرنسي بعد هزيمة حزبه بعد حصوله على نسبة 15%, مقابل أكثر من 30%, لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة منافسته مارين لوبن ، حيث دعا الرئيس الفرنسي إلى إنتخابات تشريعية جديدة تقرر إجراءها للدورة الأولى في 30 يونيو 2024, والدورة الثانية في 7, يوليوز 2024 .

 قد يقول قائل ما علاقة الانتخابات الأوروبية بالإنتخابات الفرنسية داخليا؟ ، الجواب هو أن البرلمان الأوروبي قوة سياسية مؤثرة في توجهات دول الإتحاد الأوروبي وخصوصا على مستوى العلاقات الدولية، بالطبع يبقى قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استراتيجي  لتشتيت الإنتباه ، وخلق أزمة سياسية لليمين الفرنسي المتطرف بدل صدمة الهزيمة التي تلاقاها الحزب الحاكم في فرنسا ، لأن قرار حل البرلمان هو في حد ذاته قرار إنهاء نتائج انتخابية حالية وإنتظار أخرى ، تبقى سرعة اتخاذ القرارات في هذه اللحظات في حد ذاتها مهمة جدا .

 وفي نفس السياق حصل في إسبانيًا هذه السنة عندما تفوق الحزب الشعبي في الانتخابات الجهوية والمحلية على الحزب الاشتراكي بعد 24 ساعة أعلن رئيس الوزراء الإسباني حل البرلمان وإعادة انتخاب سابقة لأوانها ، وحينها أربك الحزب الشعبي ولم يتركه يفرح بفوزه ، وفعلا نجح الحزب الإشتراكي فيما بعد  في تدبير الانتخابات التشريعية والحصول على تحالفات سياسية غاية في التعقيد وأجتاز المرحلة بنجاح وترأس الحكومة الإسبانية ، ويبقى بند حل البرلمان بندا في غاية الأهمية ووسيلة لإعادة التوازنات السياسية، وحل ديموقراطي في أقوى الأزمات السياسية المعقدة .

 والمتابع للإنتخابات الأوروبية يجد أن صعود أحزاب اليمين المتطرف خلقت رعبا في العديد من الدول الأوروبية، لأن أوروبا تتخوف من طغيان سياسة التطرف في القارة الأوروبية وانغلاقها على نفسها والعودة إلى فكرة الأقليات العرقية والقومية التي تركت تاريخيا حروبا دامية سجلها التاريخ الحديث والقديم .

 لكن الغريب في الأمر عندما تصعد الأحزاب المتطرفة في الدول العربية والإفريقية تلقى دعما كبيرا من الدول الأوروبية ومن أحزابها تحت شعار إحترام الديمقراطية الإنتخابية ، وضرورة إحترام إختيار الشعوب ، وهذه الإزدواجية لدى أوروبين جعلتهم يفقدون الثقة في العديد من دول العالم ، وهم الآن يستعدون لمواجهة الأحزاب السياسية المتطرفة المتصاعدة .

+ الدكتور الحسن عبيابة.. أستاذ التعليم العالي، ووزير سابق

التعليقات مغلقة.