يتزامن الاحتفال بمرور 75 عاما على اعتماد اتفاقيات جنيف الأربعة المؤسسة للقانون الدولي الإنساني، باعتبارها قواعد أساسية للحد من وحشية الحروب، والتي جاءت للقطع مع عقود من المجازر والأعمال الإبادية التي نتجت عنها أكثر مشاهد القتل والتنكيل فداحة في التاريخ، مع حملة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان غزة منذ 10 أشهر في تواطؤ للقمع العظمى ودعاة الديمقراطية في العالم الغربي.
وبالرغم من تنصيص تلك الاتفاقيات على طيف واسع من الضمانات لتجنيب فئات عريضة ويلات الحروب والنزاعات كالمدنيين وعمال الصحة والإغاثة والأشخاص الذين لم يعودوا مشاركين في الاعمال العدائية، إلا أن وحشية الهجومات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني منذ 07 اكتوبر2023، أظهرت بشكل جلي تواطؤ العديد من القوى الدولية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل ودعمها في مسلسل ارتكاب المجازر اليومية والإبادات الجماعية، حيث وصل عدد الضحايا الذين قتلوا أكثر من 40079أ فلسطيني، يشكل الأطفال والنساء معظمهم، في خرق سافر لمقتضيات القانون الدولي الإنساني الواردة في اتفاقيات جنيف، لا سميا اتفاقية جنيف الرابعة التي توفر الحماية للمدنيين بما في ذلك الأراضي المحتلة.
إن تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إذ يتأسف لغياب المسؤولية الدولية والإرادة السياسية للمجتمع الدولي لإنفاذ القانون الدولي الإنسانين الذي يعتبر ثمرة توافقات واسعة النطاق، جراء نفود العالم من مشاهد القتل إبان الحربين العالميتين، وتواطؤ قطاعات واسعة من الإعلام الموجه والجهات الفاعلة غير الحكومية مع مشاهد القتل اليومي وأعمال الحرق والاعتداءات الجنسية ضد سكان غزة المدنيين وتدمير البنى التحتية وقطع الإمدادات من الماء والغذاء عن السكان المحاصرين، فإنه يدعو الى وقفة تأمل إزاء ما يحدث للشعب الفلسطيني في ظل صمت العالم.
ويدعو التحالف الى تكثيف الجهود الدولية لإسكات صوت المدافع الموهة ضد المدنيين بغزة، الى المساهمة جميعا أفرادا وجماعات من أجل تعزيز وصول المساعدات للإغاثية لأهل غزة المنكوبة، لضمان شروط الصمود الدنيا وسط ركام التدمير الإسرائيلي الوحشي.
وفي غياب صارخ للوفاء بالتزامات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بموجب اتفاقيات جنيف الأربعة وباقي صكوك القانون الدولي الضامنة لحماية الامن والسلم الدوليين، لا زال اكثر من 80 ألف صحراوي يقبعون في مخيمات تفتقر أدنى شروط الحياة الكريمة بمنطقة تندوف جنوب غربي دولة الجزائر، دون توفرهم على مركز قانوني يخزل لهم الاستفادة والتمتع بالحقوق والضمانات التي توفرها الاتفاقية الدولية لوضع اللاجئين وبروتوكولها الملحق، في ظل رفض السلطات الجزائرية كجهة مضيفة لتلك المخيمات للسماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإحصاء هؤلاء الاشخاص وجعلهم تحت حماية الأمم والمتحدة وهيئاتها.
وفي هذا الإطار، يسجل تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، خرق الدولة الجزائرية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني ، للجوئها المستمر لارتكاب مجازر ضد الصحراويين المدنيين القاطنين بالمخيمات، عبر هجمات جوية مركزة ضدهم في الحدود بسبب لجوء هؤلاء الأشخاص الى ممارسة التجارة المعيشية الحدودية، لافتقارهم لبيئة حاضنة لأنشطتهم، ورغم نداءات التحالف ومنظمات غير حكومية أخرى، لا زالت الجزائر تضرب بمقتضيات القانون الدولي عرض الحائط، وتشعر أنها غي ر معنية بما يقع في حدودها، في استهتار كامل بأرواح الصحراويين المدنيين العزل.
ويرى تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية استمرار الكيان الإسرائيلي في ارتكاب أعمال وحشية وإبادات جماعية ضد الفلسطينيين، بسبب عدم تناسبية قواعد القانون الدولي الإنساني، وضعف اليات تنفيذ مقارنة بعدوانية وعربدة دولة الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار النظام الجزائري في كتم أنفاس صحراويي المخيمات، ومنع اغتنام أي فرصة تمكن الصحراويين من الاهتداء الى حل سياسي يضمن حقهم في العودة الى أرضهم.
ويشدد التحالف على التركيز على المسؤولية الجماعية للمنتظم الدولي في استمرار المجازر اليومية المرتكبة ضد الفلسطينيين في غزة، والتلكؤ في إجبار إسرائيل وقف إطلاق نار فوري، حفظا لما تبقى من إنسانيتنا، وفرض الامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني، لتجنيب المدنيين وغيرهم من المحميين أهوال الحرب والدمار، ووقف دعم التبريرات الواهية لمبدأ الدفاع الشرعي عن النفس في السياق الفلسطيني، في تجاهل تام للغرض الإنساني الأساسي لقواعد اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين.
ويعتبر تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن أي تبرير للتخلي عن قواعد القانون الدولي يجب أن يواجه بصرامة، لان يستبيح الإرادة الدولية المبنية على حفظ الأمن والسلم الدوليين، وليس تغليب أطراف مارقة على شعب فلسطيني محتل منذ 1948، ولا يجب أن يمتلك حق المقاومة لحماية أفراده وتحرير أرضه.
ويدعو التحالف الى تطبيق فوري لإطلاق النار وإنهاء العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني، وإعمال قواعد القانون الدولي الانسان بحماية المدنيين، لأن من شأنها الوفاء بتنفيذها ضمان إنقاذ الأرواح ومنع الأهوال ومشاهد الدمار الهائل التي نشهدها يوميا في قطاع غزة، كما يشجع المنتظم الدولي الى الضغط على الجزائر لضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بإحصاء الصحراويين القاطنين بمخيمات تندوف بالجزائر، وشمولهم بالحماية الدولية التي توفرها الأمم المتحدة للاجئين.
سيدي السباعي
التعليقات مغلقة.