عبد العلي جدوبي: بالإمكان رصد المعطيات الراهنة بعد الانتكاسات المتوالية التي مني بها حكام الجزائر فيما يخص الصحراء المغربية ، ومحاولتهم اقحام البوليساريو في قمم ومنتديات إقليمية ، لقد تورطت الجزائر في هذا المسعى الخبيث عندما حاولت إقحام كيانها المصطنع في القمة الرابعة لمنتدى التعاون الصيني الافريقي في بكين ، وفي المنتدى الثاني لأندونسيا افريقيا التي انعقد في بالي في اندونيسيا ، وايضا في القمة الأولى بين كوريا وافريقيا في سيول ، وأخيرا في مؤتمر التيكاد المنعقد خلال الاسبوع الأخير من شهر غشت الماضي في اليابان..
الجزائر وبيادقتها يعتقدون أن بإمكانهم تغيير الحقائق التاريخية والجغرافية ، والأسس القانونية لمشروعية مغربية الصحراء !! ما لم يفهمه حكام الجزائر أن المغرب لم يكن في أي وقت من الاوقات ينافس حول إقامة علاقات مع امتداده الافريقي ، فرؤيته للقارة الإفريقية كانت وما تزال مطبوعة بأوفاق التضامن السياسي والاقتصادي والإنكفاء على معالجة قضايا التنمية واليمقراطية، وفض المنازعات الحدودية والإقليمية بطرق سلمية ، في الوقت نفسه الذي اهتمت فيه الجزائر بمفهوم خاطئ للهيمنة عبر اقحام البوليساريو ” كقوة ضاغطة ” على المغرب ـ كما تعتقد ـ في بعض اللقاءات والمنتديات ، ومحاولة استمالة بعض الدول الإفريقية التي تشكو الخصائص ، إلى مواقف غير سلمية..!
وما يهم المغرب الموجود في صحرائه والمستند الى الشرعية الوطنية والدولية ، أنه منشغل بالقضايا الإفريقية في ابعادها التنموية والديمقراطية ، وان كان يحز في النفس أن الجغرافيا تصبح في بعض الاحيان عائقا امام تعاون افقي متعدد الجوانب ولأطراف..
ولعل اعلان العديد من الدول تاييدها للحكم الذاتي وفتح قنصليات لها بمدينة الداخلة ، يشكل تطورا هاما وبالغ الدلالة في سيادة المغرب على صحرائه ، كما أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه دفع بدول اوروبية عديدة عضو بالامم المتحدة لتقوم بنفس المسعى مثل فرنسا والمانيا واسبانيا وبلجيكا وهولندا وقبرص والإكسمبور والمجر ورومانيا والبرتغال وصربيا وفنلندا ، ومن المحتمل ان تعبر بريطانيا قريبا عن تاييدها لمقترح الحكم الذاتي .
هذا الإندحار الجزائري الجديد، ينضاف الى أحداث اخرى أبان فيها ممثلوا البوليساريو عن جهلهم حتى بمخططاتهم التي كانوا يعتقدون انها ستقودهم الى تحقيق مكاسب سياسية عبر التسلل الى برلمانات دول أوروبية وأسيوية وبعض دول امريكا اللاتينيه عن طريق شراء ذمم اعضائها بواسطة اموال الشعب الجزائري ، لكن تلك الطموحات والمخططات باءت بالفشل ايضا بعدما فطن اعضاء تلك البرلمانات باللعبة الدنيئة وبالابتزاز الممارس عليهم..
ما يمكن التأكيد عليه انه في مخيمات تندوف لم يبق إلا القليل من الساكنة المحاصرة من طرف البوليساريو والمطوقة من طرف القوات الجزائرية ، فنحن نعلم أن الاعضاء الصحراويين الاصليين قد التحقوا باخوانهم بالصحراء المغربية قبل سنوات خلت ، اما الباقون الذين ولدوا بالمخيمات بعد العام 1975 واعمارهم تقترب من الخمسين سنه ، فهم يحملون الجنسيه الجزائريه ولا علاقه لهم بالصحراء المغربيه بتاتا !! فقضية الصحراء المغربية هي نتائج خلاف جيو سياسي من المغرب والجزائر التي رفضت الحكم الذاتي حتى قبل أن تطلع على مضمونه ، وحشدت امكاناتها السياسية والمادية والديبلوماسية لمعاكسة الحق المغربي المشروع ، مدعية انها تدافع عن قضية مبدئية !! فمتى كانت المبادئ تعني محاولة تغليب الإنفصال على الوحدة وعلى التوتر والتصعيد ، بدل من الإنفراج والاقرار بالحقوق الثابتة للدول ؟ ولماذا يقتصر مفهوم الدفاع عن المبادئ لدى الجزائر على قضية الصحراء من دون غيرها من القضايا الاخرى التي تستحق فعلا الدعم والمساندة ؟!
كل المؤشرات تذهب إلى أن الجزائر فقدت بوصلة التعامل مع القرارات الدولية بشأن قضية قضيه الصحراء المغربية ، وكل ما تخشاه الجزائر هو المسار الطبيعي للحل النهائي للنزاع المفتعل الذي سينتهي قريبا .. والظاهر أن تطورات الاحداث الأخيرة قد دقت المسمار الأخير في نعش البوليساريو ، وبذلك يفقد حكام الجزائر آخر أوراق اللعبة الجزائرية التي كلفت وعلى مدى ازيد من خمسين سنه بلايين من الدولارات من عائدات الغاز الجزائري سرقت ومن خزينة الشعب .
هذا واذا كان الفريق الحاكم بالجزائر هاجسه الأوحد هو التقسيم وخلق كيانات بالمنطقه المغاربية ، فلماذا لا يتم التفكير في إقامة دويلات فوق التراب الجزائري !! واحدة في منطقة القبائل ، والثانية في الطوارئ ، والثالثة في تندوف ، والرابعه في بني مزاب !!
التعليقات مغلقة.