عبد العلي جدوبي: الحرب على غزة ، تعتبر حدثا مؤثرا في السياق السياسي العالمي وبالتحديد في الانتخابات الأمريكية ، فهذه الحرب خلقت انقسامات عميقة داخل المجتمع الامريكي حيث يتباين دعم الناخبين لمواقف مختلفة بعد أحداث تجاه الحرب المشتعلة في غزه ولبنان .
فخلال الثلاثين عاما الأخيرة ، لم تعرف الولايات المتحدة الأمريكية من غليان مثل ما تشهده الآن ، واستحوذت الحرب على غزة والانتخابات الأمريكية على عناوين كبريات الصحف ووسائل الاعلام العالمية ، وليس الحديث عن مناظرة ترامب وكامالا هاريس .
وكان استطلاع للرأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز في منتصف مايو الماضي قد اشار الى أن ملف الحرب على غزة سيكون المتحكم الاكبر في الطريقة التي سيصوت بها نحو 70% من عرب الولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات الرئاسية المقبلة .
يشكل الامريكيون العرب نحو 3.7 مليون نسمه وتعتبر اصواتهم في الانتخابات مؤثرة ، خصوصا وأن الحرب في الشرق الاوسط عامل اساسي في خيارات تصويت الجاليتين العربية والمسلمة سواء للمجموعات التي تصوت للجمهوريين أو تلك التي ستصوت للديمقراطيين، أو من سيصوتون لغير القطبين الرئيسيين، أو أولئك الذين سيمتنعون على التصويت بالمرة !
وللإشارة فإن ولاية منشغن هي صاحبة اليد الطولى في ترشيح الفائز في الانتخابات _ حسب استطلاع الراي_ وهي الولاية التي شهدت تشكيل أول كتلة للناخبين المستقلين قبل اربع سنوات ، أعضاؤها غير ملزمين بالتصويت لحزب معين ، وقد تكون الكلمة الفاصلة لولايات ( الجدار الازرق) والتي تنحصر في كل من إيروزونا نيفادا ومينشيغن ونورت كارولينا وجورجيا..
فهل أصوات المسلمين والعرب في الولايات المتحدة هي التي قد تحدث الفارق في انتخابات الخامس من نوفمبر؟
عرب أمريكا ليس اللوبي الذي يسيطر على الإدارة الأمريكية مثل اللوبي اليهودي ، لكن وكما يقال عنهم (بيضه الميزان) تستطيع ان تمنع كمالا هاريس من الفوز في الإنتخابات ،أو تخلق عثرات امام ترامب اذا ما فاز في الإنتخابات ، ولم يف بوعوده الإنتخابية ، خصوصا عندما يصطدم أمام الحرب في اوكرانيا ، وقد تواصل اسرائيل حربها على غزة ، وازدياد الكراهية للاوروبيين داعمي الكيان الصهيوني ..
فبعد عام من الصمت من طرف إدارة بايدن تجاه سياسات التطهير العرقي وتجويع المدنيين في غزة ، يبدو الآن أن هذه الإدارة تذكرت الوضع الانساني والمأساوي الكارتي في غزة قبل الإنتخابات بايام قلائل! وهي في نفس الوقت ما تزال ترسل المساعدات العسكرية لإسرائيل ؛ وحسب الواشنطن بوست فإن “مبادرة بايدن ” هذه ترمي بالاساس وبشكل أكبر إلى تجنب تورط امريكا في حرب مع ايران قبل الانتخابات الامريكيه ..
من حيث المبدأ يمكن ان تصطدم هيمنة امريكا بنوع من الضوابط ، النوع الاول يتمثل بالقواعد التي يضعها نظامها السياسي والتوازن بين سلطاتها الحكومية لاسيما الكونغرس وصلاحياته بشأن ارسال القوات المسلحة والمساعدات العسكرية الى الخارج ، والثاني اجتهاد المؤسسة العسكرية التي طالما تكرر بأن مشاركة امريكا العسكرية رهين بمصلحتها الاستراتيجية وبقدرتها على أن تؤمن النصر لها ولحلفائها كما تفعل الآن في حرب اسرائيل على غزة ، في حين أن الرأي العام الامريكي ليس ميالا ان تتورط بلاده في اي نزاع مسلح ، بينما تعاني الدولة من صعوبات اقتصادية وسياسية واجتماعية ، فصراع الحزبان الديمقراطي والجمهوري في الإنتخابات الامريكية ، وصراع تقليدي وله حساسية متميزة في المزاج السياسي العالمي ، و أيضا ونتائج تلك الإنتخابات ليست أكثر من أهمية من الإنتخابات نفسها ، سواء فاز الحزب الديمقراطي أو فاز الحزب الجمهوري ، فالثوابت الامريكيه لا تتغير بتغيير الرئيس، خصوصا وأن الطرفين معا يتجهان الى تحصين مواقعهما دستوريا وقانونيا وكل منهما يحمل بيمينه ” سيف الطعن وبيساره درعه الجماهير ” ..
حين سئل فيديل كاسترو : ما هو الفرق بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري كان جوابه : ” إنهما معا معا مثل فردتي حذاء لنفس الشخص ” !
التعليقات مغلقة.