ناصر بوريطة في "الخلوة السنوية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" | حدث كم

ناصر بوريطة في “الخلوة السنوية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”

0

 أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، اليوم الخميس بالرباط، أن المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال، مبرزا أن هذه المقاربة تنبني على أسس واضحة ومستقرة.
وذكر السيد بوريطة في كلمة له خلال الخلوة السنوية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى المشاركين في المناظرة الدولية التي احتضنتها الرباط بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي قال فيها جلالته “إن تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خيارا إراديا وسياديا، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان”.
وأوضح أن “المقاربة الملكية تنبني على أربعة أسس أولاها التملك والخيار الإرادي، وذلك عبر قرارات شجاعة ومبادرات رائدة، كهيئة الإنصاف والمصالحة، التي نخلد هذه السنة ذكراها العشرين، والتي كانت تجربة فريدة في مجال العدالة الانتقالية، ألهمت مسارات عديدة على الصعيدين الدولي والإقليمي”.
أما الأساس الثاني، يقول السيد بوريطة، فهو التطلع المستمر للتوفيق بين كونية حقوق الإنسان من جهة، والخصوصية الوطنية من جهة أخرى، مسجلا، في هذا الصدد، أن التوجيهات الملكية السامية المؤطرة لإصلاح مدونة الأسرة ومراجعة مقتضياتها، خير مثال على تشبث المغرب بالتوفيق بين مبادئ الإسلام السمحة والقيم الكونية المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
ويقوم الأساس الثالث، حسب الوزير، على العزم المتين على النهوض الشامل بكافة حقوق الإنسان، السياسية منها والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وسجل السيد بوريطة أن الأساس الرابع يستند على مقاربة تشاركية، تجعل من كافة أطياف المجتمع المغربي وقواه الحية، فاعلين في تكريس مكتسبات الجيلين الأول والثاني من حقوق الإنسان، ومؤسسين لانفتاح تدريجي على الجيل الثالث من تلك الحقوق، كما تجلى ذلك في المراجعة، في أفق 2030، للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في صيغتها الأولى.
وبالموازاة مع ما تحقق على المستوى الداخلي، أبرز السيد بوريطة أن ثوابت المقاربة الملكية ظلت المحور الأساس لمساهمات المغرب البناءة في تطوير المنظومة الدولية لحقوق الإنسان. وأشار في هذا الصدد إلى سعي المغرب الدائم لبناء توافقات حول القواعد الأساسية لعمل آليات مجلس حقوق الإنسان، وعلى رأسها آلية الاستعراض الدوري الشامل، الذي كان للمغرب دور محوري في بلورة قرار إحداثه في 2007، ثم مسلسل مراجعته في 2011، والتفاعل الريادي للمملكة مع آليات حقوق الإنسان، من خلال استقبال اثنتي عشرة زيارة للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، بما يضع المغرب في صدارة الدول التي خضعت للفحص في إطار هذه الاليات.
كما استحضر الوزير المساهمة العملية في تطوير أجندة مجلس حقوق الإنسان، بما في ذلك من خلال التنزيل الفعلي لإجراءات تهم التحديات المستجدة والملحة، كالبيئة والتكنولوجيا الحديثة، والوقاية من التطرف ومحاربة خطاب الكراهية، والتربية على حقوق الإنسان ومحاربة الفساد.
وذكر، بالمناسبة، باحتضان المغرب لمسارات دولية محورية في مجال حقوق الإنسان، كخطة عمل الرباط لسنة 2012 بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف؛ و إعلان مراكش لسنة 2016 حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي؛ وخطة عمل فاس لسنة 2017 حول دور الزعماء الدينيين في الوقاية من التحريض على العنف؛ بالإضافة إلى الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان واللقاء التحضيري الأول للنسخة المقبلة منه.
من جهة أخرى، اعتبر السيد بوريطة أن هذه الخلوة السنوية لمجلس حقوق الإنسان “خير فرصة لطرح نقاش منفتح ومسؤول، حول إشكاليات جوهرية تهم حاضر ومستقبل منظومة حقوق الإنسان، في سياق نلحض كلنا وقعه على المنظومة”.
وأشار، في هذا الصدد، إلى “أننا نشهد اليوم على التسييس المفرط لحقوق الإنسان، وتصدع التوافقات الدولية حول قضايا حقوق الإنسان، وتراجع قدرة المنتظم الدولي على إنتاج قواعد ومعايير جديدة متوافق بشأنها في مجال حقوق الإنسان، وعلى الثمن الذي تدفعه منظومة حقوق الإنسان جراء التقاطبات التي توتر العلاقات الدولية، وهذا ما يسائلنا جميعا”.
وحول “كفاية المراجعة المؤسساتية الجارية لمجلس حقوق الإنسان وحدها للتوصل إلى إجابات كفيلة بالحفاظ على مصداقية المجلس وفعاليته، ونصيب دول الجنوب في تشكيل قيم ومنظومة حقوق الإنسان في المستقبل، أم ستبقى هذه الدول في دور المستهلك والمحتاج في آن واحد”، قدم السيد بوريطة جملة من المقترحات والأفكار، كمساهمة في المناقشات المقبلة.
وتهم هذه الأفكار، يقول السيد بوريطة، ثلاثة أبعاد، الأول هو البعد المؤسساتي حيث يجب التوفيق بين التشبث بالعلاقة العضوية بين مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة من جهة، مع إعطاء المجلس هامشا كافيا من الاستقلالية في الموارد ومجالا أرحب للتمويل الذاتي وتطوير خبراته، معتبرا أن الاستقرار المؤسساتي الحالي يكفل فعليا الإبقاء على قضايا حقوق الإنسان ضمن أهم ركائز منظومة الأمم المتحدة، مع أن ذلك يقتضي أيضا صياغة توافق شجاع، يرتقي بأداء المجلس، عبر تزويده بالموارد المالية والبشرية الكافية الذاتية والمتطورة للقيام بمهامه بالشكل المطلوب.
أما البعد الثاني، يضيف السيد بوريطة، فيتعلق بتطوير المكتسبات التي حققها مجلس حقوق الإنسان، وإلا سوف تفظي إلى نتائج عكسية، مشيرا في هذا الصدد إلى نموذجين، يتعلق الأول بتطوير طرق اشتغال الاستعراض الدوري الشامل لضمان نجاعة مسارات التتبع ومواكبة جهود الدول الرامية لتنفيذ التوصيات التي تلقتها طبقا لأولوياتها الوطنية.

ح/م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.