أكد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العامة، أن قانون العقوبات البديلة قد منح النيابة العامة صلاحيات واسعة، مما يتطلب من قضاة النيابة العامة تفعيل هذا القانون وضمان التطبيق السليم والعادل لأحكامه. وأوضح أن رئاسة النيابة العامة ستعمل على متابعة ومراقبة تطبيق هذه البدائل لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وأشار الداكي، خلال الندوة التي نظمت اليوم الخميس حول موضوع العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، إلى أن قانون العقوبات البديلة يمثل قفزة نوعية في تطوير السياسة الجنائية بالمغرب والتخفيف من ظاهرة اكتظاظ السجون.
وشدد المتحدث على أن تحقيق هذه الأهداف يستدعي تعديل قانون المسطرة الجنائية بسرعة، لاعتماد تدابير جديدة بديلة للاعتقال الاحتياطي وتوسيع نطاق الجرائم التي يمكن تطبيق هذه البدائل فيها، وتمكين قضاة النيابة العامة من خيارات أوسع على غرار تلك المتاحة لقضاة التحقيق.
وفي كلمة ألقاها بالنيابة عنه الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، هشام بلاوي، اعتبر الداكي أن الموضوع ذو راهنية ويعد من المواضيع المهمة التي ترتبط بمقاربات دستورية وحقوقية وقضائية تهدف إلى أنسنة العقوبات الجنائية.
وأوضح أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة قد شكل نقلة نوعية غير مسبوقة في السياسة العقابية بالمغرب. وأشار إلى أن العقوبات السالبة للحرية تعرف انتشاراً عالمياً كوسيلة لتحقيق الردع العام والخاص، إلا أن الدراسات والتقارير الدولية تؤكد أن الاعتماد العام على عقوبة السجن يتصاعد دون أن ينتج عن ذلك تحسن في مؤشرات الأمن والسكينة العامة.
وأضاف الداكي أن هناك ملايين السجناء في العالم، يتوزعون ما بين معتقلين احتياطيين ومدانين نهائيين، وأن الأرقام التي تسجل سنوياً ترسم خطاً تصاعدياً في معظم البلدان، كنتيجة للدينامية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم بالإضافة إلى ارتفاع الكثافة السكانية ومعدلات الجريمة.
وأكد الداكي أن بدائل الاعتقال الاحتياطي والتدابير البديلة للعقوبات السالبة للحرية أصبحت ضرورة ملحة في السياسات العقابية المعاصرة، حيث أصبح اعتماد هذه البدائل من مؤشرات النجاح في تنفيذ السياسات الجنائية، ومطلباً حقوقياً دولياً ووطنياً.
وأشار إلى أن تفعيل العقوبات البديلة من شأنه أن يسهم في التخفيف من الآثار السلبية للعقوبات الحبسية قصيرة المدة، وخاصة تلك المرتبطة بالاكتظاظ في السجون، والذي يشكل تحدياً للسياسات العمومية والمؤسسات القائمة على تنفيذ النظم العقابية.
وأوضح الداكي أن التشخيصات أكدت ضرورة تنويع رد الفعل العقابي تجاه الجريمة، من خلال سن خيارات تشريعية بديلة ومتنوعة تمكن من تفادي وتجاوز سلب الحرية، سواء قبل المحاكمة أو خلال النطق بالعقوبة أو في مرحلة تنفيذها.
وأكد أن رئاسة النيابة العامة، إيماناً منها بأهمية الدور الذي يمكن أن تساهم به العقوبات البديلة في التخفيف من الاكتظاظ في السجون ومساعدة المحكوم عليهم على الاندماج الاجتماعي، تستحضر أهمية التكوين في هذا المجال باعتباره أحد المداخل الأساسية لتوفير بيئة ملائمة لتطبيق العقوبات البديلة بمختلف أنواعها.
وأشار إلى أن قانون العقوبات البديلة جاء بمقتضيات جديدة أدمجت في القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، في انتظار تعديل شامل لهذين القانونين، بهدف تحديث الترسانة التشريعية الوطنية وملاءمتها مع المعايير الدولية المعتمدة.
التعليقات مغلقة.