"السياسة" و"القبيلة".. في أفق انتخابات 2026 بجهة العيون الساقية الحمراء | حدث كم

“السياسة” و”القبيلة”.. في أفق انتخابات 2026 بجهة العيون الساقية الحمراء

0
20/01/2025

سيدي اسباعي: مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية القادمة، نستحضر نتائج انتخابات 2021، والتي تصدر حزب الاستقلال نتائجها بجهة العيون الساقية الحمراء، حيث ظفر حينها سيدي حمدي ولد الرشيد برئاسة الجهة، وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات التي شهدتها الجهة جد مرتفعة، مما يعكس اهتمام ساكنة الصحراء المغربية بالمشاركة السياسية والمساهمة في التنمية.

اليوم لم تعد تفصلنا عن موعد انتخابات 2026 سنة وأشهر معدودة، وهي استحقاقات محلية وجهوية يُرتقب أن تشهدها جهة العيون الساقية الحمراء، هذه الانتخابات تنذر بمنافسة قوية بين الأحزاب السياسية، في معركة يسعى من خلالها حزب الاستقلال للحفاظ على إحكام قبضته والهيمنة على المشهد السياسي بالأقاليم الجنوبية، وسط وجود رغبة وإصرار قوي من التعبيرات السياسية الأخرى لتعزيز حضورها بالجهة، بطبيعة الحال، المشهد الحزبي والسياسي بجهة العيون ليس محكوما بالبرامج والمشاريع السياسية الحزبية التقليدية، بل تتركز الأولويات حول القضية الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

لا شك أن المشهد الحزبي داخل الأقاليم الجنوبية يبرز بوضوح أن الأمر لا يتعلق بطيف سياسي أو تيارات أيديولوجية وفكرية تنهل من نظريات علم السياسة وتعتبرها مرجعا لديناميتها السياسية، بقدر ما يرتبط هذا الأمر بعائلات تسيطر على المشهد السياسي المحلي والجهوي، وفي بعض الحالات تتحول طموحاتها إلى الهيمنة الوطنية على الحزب.

في الانتخابات السابقة، تصدرت نتائجها ثلاث مكونات سياسية حزبية، في ظاهر الأمر تعكس هذه النتائج سياقات التحالف الثلاثي الحكومي، إلا أن الوضع في الصحراء المغربية يختلف عن باقي جهات المملكة، فالبنية والكتلة الانتخابية في المنطقة تخضع لتأثير المجتمع الصحراوي القبلي والعشائري.

والنموذج الأول هو حزب الاستقلال، الذي أصبح الحزب الأول في مختلف أقاليم الجهات الجنوبية الثلاث. ولكن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا تحكم وسيطرة عائلة أهل الرشيد فيه، ليس فقط على المستوى الجهوي بل حتى مركزيا.

فقد أصبحت هذه العائلة عنواناً للنفوذ داخل الحزب، حيث يصعب تصور أي تسوية أو إصلاح يضع العائلة خارج سياقها، بل إن مغادرة العائلة للحزب قد تعني ودون مبالغة، نهاية وجوده في الأقاليم الجنوبية، وذلك لأن ارتباط مكوناته بالعائلة أقوى من رابطتها بالحزب.

أما النموذج الثاني، فهو حزب الأصالة والمعاصرة، فنجاح هذا الحزب في تحقيق مكاسب انتخابية بالجهة لم يكن ممكنا دون الدعم الذي قدمته له عائلة أهل الجماني، وهي واحدة من أقوى العائلات الصحراوية نفوذا سياسيا واقتصاديا في المغرب.

لقد استطاعت هذه العائلة تعزيز موقع الحزب على حساب حزب الحركة الشعبية، ما جعلها منافسا شرسا لإمبراطورية ولد الرشيد السياسية، ورغم النقد الموجه إلى هذه العائلة بشأن استمراريتها في المشهد السياسي، إلا أنها أثبتت قدرتها على التكيف والمنافسة حتى بأصغر الأحزاب السياسية.

أما ثالث هذه النماذج، فهو حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يمثل حزب القبيلة بامتياز، هذا الحزب يسيطر عليه تيار قبلي من أهم وأعرق قبائل الصحراء المغربية، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الحزب هو الصراع الداخلي بين تيار “فم الواد” وتيار “طرفاية”، وهو صراع يدور حول الزعامة وتمثيل القبيلة في المشهد السياسي.

استمرار هذا الصراع قد يضعف تمثيلية الحزب ضمن مثلث القوى الكبرى، ما يفتح المجال أمام عودة حزب العدالة والتنمية بكتلته الانتخابية القادرة على تحقيق مكاسب محدودة محليا وجهويا.

ختاما، يؤكد هذا المشهد وجود دينامية قبلية وسياسية في الصحراء المغربية، بشكل يتداخل فيه النفوذ العائلي والقبلي مع المصالح السياسية والاقتصادية، وقادم الأيام قد يحمل مستجدات تغير من ملامح هذه اللوحة السياسية المعقدة، ومن يدري ربما تعيد تشكيل ملامح المشهد السياسي في الأقاليم الجنوبية وتتماهى مع مطالب تجديد النخب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.