تيمجردين فاطمة: دشنت ألمانيا سنة 2018 بإطلاق مشاورات جديدة لتشكيل ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي أمس الاحد، والتي تعد الورقة الاخيرة بالنسبة للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل لانقاذ مستقبلها السياسي و إخراج البلاد من أزمة غير مسبوقة بعد فشلها في تشكيل ما عرف با”ئتلاف جامايكا” مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر.
ويسعى حزب ميركل المسيحي الديمقراطي وحليفه المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي الى اجراء مباحثات تمهيدية سريعة، من المقرر أن تنتهي الجمعة المقبل، فيما سيقرر المؤتمر العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي المقرر يوم 21 يناير الجاري ما إذا كان سيسمح لقيادة الحزب بالدخول في مفاوضات رسمية لتشكيل ائتلاف موسع مع الاتحاد المسيحي.
وأعلنت الأحزاب أنها تريد اتخاذ إجراءات مختلفة بعد المحادثات الائتلافية الفاشلة العام الماضي، بما في ذلك وضع حد للسماح لوسائل الإعلام بالاطلاع على نتائج المناقشة الأولية والخلافات الداخلية.
ويعد تشكيل تحالف موسع مع الاشتراكيين طوق نجاة بالنسبة للمستشارة الالمانية لتشكيل حكومة مستقرة وتفادي تشكيل حكومة أقلية ستكون عاجزة عن تمرير مشاريعها داخل البرلمان، أو إجراء انتخابات مبكرة يرجح المراقبون ان تسفر عن نفس نتائج الانتخابات التشريعية في شتنبر الماضي بالنسبة للاحزاب الكبرى التي منيت بخسارة عدد كبير من الاصوات، فيما قد يستفيد منها حزب البديل اليميني الشعبوي لكسب المزيد من المقاعد.
وأعربت صحيفة “بفورتتسايمر تسايتونغ” في عددها الصادر اليوم الاثنين عن اعتقادها بأن “ميركل ستكون الخاسر الاكبر إذا لم يمهد الحزب المسيحي الديمقراطي وحليفه المسيحي الاجتماعي و الحزب الاشتراكي الديمقراطي الطريق أمام المفاوضات في نهاية هذا الأسبوع من اجل تشكيل ائتلاف حكومي”
واعتبرت الصحيفة أن مسار ميركل كمستشارة قد ينتهي في حال اخفاق المباحثات الحالية بعد فشل مفاوضات السنة الماضية بالإضافة الى النتائج المخيبة للامال التي حصل عليها حزبها في الانتخابات التشريعية، مضيفة أن ميركل ستبذل كل ما في وسعها لجعل التحالف الموسع مع الاشتراكيين واقعا حقيقيا.
ومن جهة اخرى ، أعرب توماس أوبرمان، القيادي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي ونائب رئيس البرلمان الألماني عن تأييده لتحديد فترة مستشاري ألمانيا بدورتين تشريعيتين على الأكثر.
وقال في تصريحات لصحيفة “فيلت آم زونتاغ” الألمانية، إنه في المقابل يمكن زيادة مدة الفترة الواحدة من أربعة أعوام حاليا إلى خمسة.
وتابع أوبرمان إنه “يتمنى لميركل من كل قلبه أن تجد خلال هذه الدورة التشريعية، اللحظة المناسبة لتتخلى عن منصبها”، مضيفا ان تشكيل ائتلاف كبير من جديد متوقف على ما إذا كان التحالف المسيحي “مستعدا فعلا أن يجعل البلاد معنا أحدث وأكثر أمنا وأكثر عدالة”.
غير أن ميركل التي تتربع على عرش المستشارية منذ سنة 2005، تبدو مصرة على تشكيل حكومة مستقرة حيث أعربت عن تفاؤلها بخوض هذه المفاوضات، مؤكدة قبل انطلاقها أمس الأحد على أهمية التوصل لاتفاق من أجل تحقيق التماسك في المجتمع.
وقالت “أعتقد أنه يمكن أن تنجح” غير انها استدركت قائلة “ولكن من الواضح بالنسبة لي أن أمامنا قدر كبير من العمل خلال الأيام القادمة. ولكننا على استعداد لقبول هذا العمل والتوصل لنتيجة جيدة”.
وتابعت ميركل “سوف نعمل بشكل سريع قدر الإمكان وبشكل مكثف للغاية”، لافتة إلى أنه سيتم الأخذ في الاعتبار خلال المباحثات أن المواطنين في ألمانيا يتوقعون من الأوساط السياسية حلا للمشكلات.
من جانبه، أعرب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا، مارتن شولتس، عن قلقه على مستقبله السياسي خلال محادثات مع ميركل ورئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري هورست زيهوفر.
ونقلت صحيفة “بيلد” الألمانية عن شولتس قوله خلال اجتماع لقيادات التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي انعقد مؤخرا للإعداد للمباحثات الاستطلاعية بشأن تشكيل ائتلاف حاكم في ألمانيا “إذا أخفقت هذه المباحثات فإن سيرتي السياسية ستنتهي”.
وأضافت الصحيفة أن زيهوفر رد عليه قائلا “ليس فقط سيرتك”.
ويتوقع المراقبون أن تجري المشاورات في أجواء من التوتر خصوصا بشأن السياسة المتعلقة بالهجرة.
وقال زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولتس في مقابلة مع صحيفة “بيلد” الألمانية “سيكون الأمر صعبا وسنبقى حازمين”.
من جانبه، اعترف وزير التنمية الالماني جيرد مولر عضو الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري بأن الهجرة من “أصعب النقاط” التي سيجرى مناقشتها خلال المحادثات ، مضيفا “لكني أعتقد أن لدينا هدف مشترك وهو الحيلولة دون الهجرة غير المنضبطة مثلما حدث عام 2015 والحد من الهجرة”.
وفي الوقت نفسه، طالب مولر بعدم إغفال تحديات أخرى بجانب الهجرة، وقال “لدينا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي قضايا كبيرة نتقارب فيها في وجهات النظر، مثل موضوع رعاية المسنين وتدعيم الأسرة وبناء المساكن. الأهداف المشتركة التي نلتقي فيها كبيرة للغاية”.
وأظهر استطلاع للرأي نشر مؤخرا أن أغلب المواطنين في ألمانيا يتوقعون حاليا تشكيل ائتلاف حاكم كبير مجددا مكون من الاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وأوضح الاستطلاع الذي أجراه معهد “إمنيد” لقياس مؤشرات الرأي لصالح صحيفة “بيلد أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية، وتم نشره في عددها الصادر اليوم الأحد أن 53 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع يتوقعون أنه سوف ينشأ ائتلاف حكومي مجددا في نهاية المفاوضات.
واضاف الاستطلاع ان 34 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع لم يروا ذلك، فيما لم يحسم 13 بالمئة موقفهم تجاه الأمر أو لم يصرحوا بأية آراء.
ح/م
التعليقات مغلقة.