مصطفي الكثيري: اجلاء آخر جندي عن الصحراء المغربية ومعركة الدشيرة محطتان مفصليتان في سجل التاريخ الوطني الزاخر بالأمجاد
قال المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، مصطفي الكثيري إن تخليد الذكرى الـ 49 لجلاء آخر جندي عن الصحراء المغربية التي تقترن بالذكرى الـ 67 لمعركة الدشيرة الخالدة، ذكريان جسدتا معا محطتين بارزتين ومفصليتين في سجل تاريخنا الوطني الزاخر بالأمجاد وروائع الكفاح الوطني.
وأضاف السيد الكثيري في كلمة له خلال المهرجان الخطابي الذي نظم امس السبت بمدينة السمارة، أن النضال المستميت الذي خاض غماره العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي بالتحام وثيق وترابط متين من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية، لفرصة سانحة لاستحضار السياق التاريخي لهذا الحدث الوطني بدلالاته النضالية وقيمه التاريخية وأبعاده الرمزية، التي جسدت عظمة الشعب المغربي ومدى متانة العروة الوثقى والوشائج القوية التي تجمعه بالدوحة العلوية الشريفة منذ قرون خلت.
وسجل الكثيري أن الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المنيف خاض غمار معركة الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية بترابط وتكامل بين مجالاته من أقصى تخوم الجنوب إلى أقصى ثغور الشمال، محققين الانتصارات تلو الانتصارات، ومقدمين جسيم التضحيات في مواجهة المستعمر الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن من الزمن،عبر كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والخلاص من ربقة الاستعمار الأجنبي.
وذكر بالمناسبة بأن من تجليات ومظاهر النضال الوطني والسياسي، مناهضة الظهير التمييزي لسنة 1930م وتقديم مطالب الشعب المغربي الإصلاحية والمستعجلة في سنتي 1934م و1936م، فتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944م، ليتواصل بالزيارة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس إلى طنجة من 9 إلى 11 أبريل سنة 1947م، حيث أكد في خطابه بهذه المدينة على عزمه إنهاء الوجود الاستعماري وتمسك المغرب بسيادته وبانتمائه العربي والإسلامي.
وتوقف السيد الكثيري بالمناسبة، عند تضحيات أبناء إقليم السمارة المجاهد، على غرار الأقاليم الجنوبية، ووقوفهم الثابت في كل المحطات النضالية، التي شهدتها كافة ربوع المملكة منذ بداية التدخل الأجنبي بالمغرب، ومواصلتهم بعزم وصمود وإصرار نضالاتهم بانخراطهم في فرق جيش التحرير الباسل، فكانوا سباقين للانضمام إلى صفوفه وللتضحية بالغالي والنفيس في كل المعارك البطولية التي خاضوها ضد الاحتلال الاسباني والتحالف الاسباني الفرنسي، والتي لقنوا من خلالها للمستعمر دروسا مثلى في الشجاعة والشهامة والإباء وألحقوا بقواته خسائر فادحة، مسلحين بقوة إيمانهم وإرادتهم الصلبة، عاقدين العزم على مواصلة الكفاح إلى أن تتحرر الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني وتتحقق الوحدة بين شمال المملكة وجنوبها.
واستحضر الكثيري بهذه المناسبة الغراء، مضامين الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال افتتاح السنة التشريعية، يوم الجمعة 11 أكتوبر 2024، حيث أكد جلالته على الأهمية القصوى لملف قضية الصحراء المغربية، معتبرا إياها “القضية الأولى لجميع المغاربة”. وهو توصيف يضيف الكثيري، يعبر بوضوح عن تعزيز الوحدة الوطنية حول قضية مصيرية، لا تتعلق بالحاضر فحسب، بل تمتد جذورها إلى التاريخ وأصالة الهوية المغربية.
وأبرز السيد الكثيري أن الإشارة إلى هذه الأهمية تأتي لتوجيه كافة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والمدنيين نحو تحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن ملف قضية الوحدة الترابية باعتبارها قضية وجود وليست قضية حدود أو مجرد ملف دبلوماسي فحسب، مؤكدا على أن الوحدة الترابية للمملكة المغربية ليست موضع تفاوض أو مساومة، بل هي أساس السياسات الداخلية والخارجية للبلاد.
وبذلك، يضع جلالته حدودا واضحة ويرسم خطوطا حمراء أمام كل المساومات والادعاءات المزعومة، مع التأكيد على أن المغرب لن يتراجع قيد أنملة عن حقوقه التاريخية والسيادية في الصحراء المغربية.
وعرف هذا المهرجان الخطابي الذي حضره عامل اقليم السمارة ابراهيم بوتوميلات وعدد من المنتخبين وشيوخ القبائل الصحراوية والأعيان بالسمارة ، تكريم 08 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من خيرة أبناء هذه الربوع المجاهدة، والذين يحق اليوم الوقوف لهم وقفة اعتزاز بما برهنوا عنه من غيرة وطنية وروح المسؤولية والتضحية وقيم الالتزام والوفاء والإيثار ونكران الذات، سيحفظها لهم التاريخ بمداد الفخر والإعجاب.
وإلى جانب التكريم المعنوي، حرصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بهذه المناسبة الغالية عرفانا بما أسدوه خدمة للدين والوطن والعرش وتعدادها 40 إعانة كإسعاف اجتماعي بغلاف مالي إجمالي قدره 80.000 درهم.