الصين: الرسوم الأمريكية على المعادن تعطل سلاسل الإمداد العالمية | حدث كم

الصين: الرسوم الأمريكية على المعادن تعطل سلاسل الإمداد العالمية

0
05/06/2025

تسود حالة ترقب في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية في تونس لردة فعل سوق الشغل بعد مصادقة مجلس نواب الشعب في 21 ماي الماضي على قانون جديد يمنع المناولة ويضيق مجال إبرام عقود التشغيل المؤقتة.

وجاءت مصادقة البرلمان التونسي على مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بعد جلسة مناقشات طويلة لم يكن لها أثر على نتيجة التصويت النهائية حيث حظي النص بموافقة 121 نائبا وامتناع أربعة فقط عن التصويت بالرغم من الإبقاء على المشروع في صيغته الأصلية بعد رفض كل التعديلات المقترحة تقريبا. وبالنسبة للحكومة، وكما أكد ذلك وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر خلال الجلسة، فإن النص جزء من إصلاح تشريعي يهدف إلى بالخصوص إلى الحد من أشكال “التشغيل الهش”.

كما أكدت وثيقة مرافقة لنص المشروع تم نشر مقتطفات منها، أن الهدف الأساسي منه هو أيضا العمل على مراجعة منوال التشغيل بما يضمن كرامة العامل ويحفظ في الآن نفسه استمرارية المؤسسة وقدرتها على التأقلم مع السوق.

وإذا كان جل من عبروا عن مواقف من النص الجديد يشاطرون الحكومة رغبتها في القضاء على التشغيل الهش، فإن جزء منهم عبر أيضا عن مخاوف بشأن مستقبل الأنشطة التي ارتبطت بالمناولة وخصوصا بشأن ردة فعل سوق الشغل في أكثر من قطاع إزاء المقتضيات الجديدة .

فقد دعا عضو الغرفة النقابية لمقاولات الحراسة ( الأمن الخاص) ، الناصر اليتوجي، في تصريحات بثتها وكالة تونس إفريقيا للأنباء الى “عدم اعتبار قطاع مؤسسات الحراسة قطاع مناولة بل قطاع لإسداء خدمات” محذرا من أن إلغاء نشاط حوالي 200 مؤسسة وإحالة ما بين 50 ألف و60 ألف مستخدم على البطالة يعتبر “جرما ويتناقض مع مقتضيات الدستور”. وينص القانون الجديد في ما يتعلق بمنع المناولة على حظر تشغيل مستخدمين عن طريق طرف ثالث في المهام الأساسية والدائمة داخل المؤسسات، سواء كانت عمومية أو خاصة حيث يسمح فقط ببعض التدخلات التقنية أو الظرفية.

ولم تقتصر المخاوف على القطاعات التي قد تكون معنية بالمناولة بل امتدت إلى قطاع رئيسي في الاقتصاد التونسي وهو السياحة باعتباره معنيا بشكل كبير بمآل عقود العمل المؤقتة.

وينص القانون بهذا الخصوص على أن العقد غير محدد المدة هو الصيغة الطبيعية والأصلية للتشغيل، أما العقود محددة المدة، فهي استثناء لا يسمح باللجوء إليها إلا في حالات خاصة ومبررة، مثل ارتفاع مؤقت في حجم النشاط، أو تعويض عامل متغيب، أو إنجاز أعمال موسمية. كما تم تحديد فترة التجربة (الخاصة بالمستخدم) بستة أشهر، قابلة للتجديد مرة واحدة.

وبالرغم من أن القانون تضمن التنصيص على استئناءات فقد كان لتصريحات للكاتب العام المساعد للجامعة العامة للسياحة والصناعات التقليدية والتجارة محمد بركاتي (الاتحاد العام التونسي للشغل) في نهاية ماي المنصرم حول تسجيل عمليات طرد في القطاع السياحي تحسبا لدخول القانون الجديد حيز التنفيذ، صدى كبير.

فقد نقلت صحيفة ” الشعب نيوز” التابعة للمركزية النقابية تصريحات المسؤول النقابي تحت عنوان يقول ” قبل تنقيح مجلة الشغل: أكثر من ألف عامل في القطاع السياحي تم طردهم”.

وتتركز مخاوف المركزية النقابية على احتمال حدوث موجة طرد للعمال بدعوى الانسجام مع مقتضيات القانون الجديد، وهي المخاوف التي سيعبر عنها الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، بشكل صريح عندما قال يوم 30 ماي الماضي إن الاتحاد يطالب ب”إعادة النظر” في القانون الجديد لأنه يتضمن “العديد من الثغرات التي سيتم استغلالها في جميع القطاعات لطرد العمال”.

وقال سامي الطاهري، في تصريحات لإذاعة “ديوان إف إم “نشرت نصها على موقعها على الأنترنيت، إن القانون ” كان متعجلا ومتسرعا وشعبويا ولم يراع الواقع الميداني” .

وركز النقابي بالخصوص على قطاع السياحة الذي يعد “من أكثر القطاعات المتضررة” مضيفا أن عدد المطرودين “أكبر بكثير من الذي أعلنت عنه جامعة السياحة، لأن الكثيرين يعملون في السوق السوداء دون عقود ولا يعلنون عن طردهم”.

وتوقع الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل أن تكون “هناك قطاعات أخرى ما زالت ستتضرر من القانون”.

ويسير هذا الموقف وتعليله في الاتجاه المعاكس لرؤية الحكومة التي ترى كما جاء على لسان وزير الشؤون الاجتماعية خلال مناقشة النص بالبرلمان، أن القانون الجديد يعزز “الاستقرار” في العلاقات المهنية ويحفظ “ديمومة” النشاط الاقتصادي.

وقد ظلت المناقشات والمواقف المعبر عنها منذ طرح فكرة منع المناولة وتقييد عقود الشغل المؤقت في منطقة وسطى تؤيد مبدأ القضاء على التشغيل الهش لكن مع تخوف أو توقع بتأثير سلبي على سوق الشغل في ظرف يسجل بالبلاد معدل بطالة في حدود 15,7 بالمائة وفق بيانات المعهد الوطني التونسي للاحصاء حول الفصل الأول من سنة 2025.

في هذا الاتجاه كانت دوجة الغربي المديرة التنفيذية لشركة تعمل في مجال مواكبة المقاولات، قد أكدت في تصريحات أوردها موقع “رياليتي” في نهاية دجنبر الماضي، أن فكرة منع المناولة وعقود التشغيل المؤقت في تونس ستعزز الأمان المهني وترفع من مستوى الرضا في بيئة العمل وبالتالي الانتاجية.

لكن الغربي أضافت أن من شأن هذه الخطوة في المقابل التأثير سلبا على تكلفة الانتاج مما قد يدفع بعض المقاولات لعدم الاقبال على التشغيل، كما أنها قد تقلص تنافسية بعض المقاولات وتثبط عزيمة المستثمرين الأجانب.

وأوصت دوجة الغربي حينها بالتوجه نحو تعزيز التأطير القانوني لعقود الشغل المؤقتة والمناولة للحد من التجاوزات.

وعموما يصعب، أياما بعد المصادقة على النص الجديد، إجراء تقييم دقيق لردة فعل سوق الشغل على مقتضياته سواء على مستوى اقبال المشغلين على التشغيل أو على مستوى البحث عن بدائل لأنشطة المناولة طلبا أو عرضا.

وستكون ردة الفعل هذه في كل الأحوال رهينة في جزء كبير منها بطبيعة النصوص الترتيبية (التنظيمية) التي ستضبط الإجراءات التطبيقية للعديد من جوانب القانون الجديد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.