مهرجان كناوة بالصويرة يسدل الستار على دورته الـ26 بعد ثلاثة أيام من التمازج الفني والحوار الثقافي | حدث كم

مهرجان كناوة بالصويرة يسدل الستار على دورته الـ26 بعد ثلاثة أيام من التمازج الفني والحوار الثقافي

0
22/06/2025

أسدل الستار، مساء أمس السبت، على فعاليات الدورة الـ26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، بعد ثلاثة أيام من التمازج الفني والحوار الثقافي، عاش خلالها جمهور الصويرة تجربة موسيقية وروحية استثنائية، عابرة للحدود والأنماط.

وقد عرفت هذه الدورة إقبالا جماهيريا واسعا، حيث استمتع الزوار بعروض موسيقية راقية جمعت بين روح الكناوة العريقة وتنوع الإيقاعات العالمية، ما جعل من مدينة الرياح قبلة لعشاق الأصالة الموسيقية وفضاء للتفكير في قضايا الهجرة والحركيات البشرية وعلاقتها بالديناميات الثقافية.

كما شكل المهرجان وعروضه المتنوعة والمتميزة، فرصة لاكتشاف المدينة العتيقة وفضاءاتها الساحرة، بما تحمله من إرث تاريخي غني وبنى تحتية ثقافية، فضلا عن مؤهلاتها السياحية اللافتة.

وفي واحدة من أبرز لحظات المهرجان، أطلت الفنانة الكناوية هند النعيرة، ابنة مدينة الصويرة، على جمهور منصة مولاي الحسن بأداء أخاذ تميز بعفويته القوية وعمقه الروحي، حيث ألهبت هذا الفضاء التاريخي بعرض باهر مزج بين العذوبة والقوة.

ومع كل نغمة وكل حركة، أكدت هند النعيرة، بكل ثقة ورقي، مكانتها كأحد أبرز الوجوه النسائية في مشهد الكناوة المغربي المعاصر، مجددة الوصل بين الموروث والحداثة، ومبرزة قدرة الفن على كسر الحواجز وإعادة تشكيل الصور النمطية.

ومن لحظات الإبداع الجماعي، شهدت المنصة ذاتها عرضا موسيقيا مذهلا جمع المعلم محمد بومزوغ وأنس شليح من المغرب، إلى جانب موسيقيين عالميين من فرنسا وكوت ديفوار، من ضمنهم تاو إيرليش، مارتن غيربان، وكوينتن غوماري وعلي كايتا. وتميز العرض بانصهار آلات “الكمبري” و”القراقب” مع البلافون، والدرامز، والساكسفون والبوق، لينثر هذا المزج الفني الدهشة الموسيقية على الجمهور بتوليفات صوتية متنوعة وارتجالات جريئة.

وأمتعوا الحاضرين بأغان مبهرة تمتح من عمق التراث الكناوي وتنسج جمالياتها بإبداع معاصر، ليجد الجمهور نفسه منساقا، طواعية، إلى ترديدها مع الفنان المتألق محمد بومزوغ، الذي لم يكن مجرد مؤد، بل أشبه بساحر موسيقي بث سحر كناوة على كل من حضر، بأسلوبه المتفرد، وصوته الآسر، وإيقاعه الذي أشعل الفضاء وأربك الحدود بين الخشبة والجمهور.

ومع تصاعد النشوة الموسيقية، التحقت الفنانة هاجر العلوي بالمجموعة في لحظة انصهار فني وجماهيري، لتضيف إلى العرض لمسة أنثوية مشبعة بالإحساس والقوة، فتألقت بأدائها المميز، وهي تنقل الأغاني من الريبرتوار الكناوي إلى طبقات جديدة من التعبير والإيحاء.

وشهدت الليلة ذاتها لحظة خاصة مع الفنان عمر حياة، الذي بعذوبة صوته وتواصله الصادق، نجح في خلق لحظة وجد جماعي على منصة مولاي الحسن، استحضر خلالها الأحاسيس والحنين، واندمج الجمهور معه في أداء كناوي مفعم بالحياة، جعل من الموسيقى جسرا بين الذكريات والانفعالات الحاضرة.

وكان الجمهور على موعد مع عرض “سيمافنك” الذي يجمع بين الروح الاستعراضية والفنية، ورسائل موسيقية تحتفي بالحرية والتنوع والانتماء الأفرو-لاتيني، حيث سادت أجواء حالة من الانسجام الموسيقي العابر للثقافات، تتناغم فيها الفانك بالالكترو والايقاعات بالبلوز.

ولم تكن سهرة سيمافانك بمهرجان كناوة مجرد حفل موسيقي عابر، بل لحظة فنية نابضة بالابتكار، شهدت لقاء فريدا بين الثقافة الكوبية والروح الكناوية المغربية، تمثل في أداء مشترك جمعه بالمعلم خالد صانصي، أحد أبرز حاملي تقاليد الكناوة الأصيلة.

في لحظة من السحر الموسيقي، انطلقت نقرات “القراقب” لتعانق أنغام الغيتار والبوق والإيقاع الكاريبي، وسط تصفيق الجمهور وتمايله، حيث بدأ المزج بين الفانك والكناوي عفويا لكن متقنا، ما يؤكد أن الجذور الإفريقية المشتركة قادرة على خلق تآلفات جديدة ومبهرة.

وجدير بالذكر أن الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، التي أضاءت سماء مدينة الرياح، استضافت 350 فنانا، من بينهم 40 معلما كناويا، قدموا 54 حفلا موسيقيا ضمن أجندة مواعيد موسيقية متنوعة، وفرت للجمهور تجربة موسيقية متكاملة من خلال مزج فني على أشهر منصات مدينة الصويرة.

وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية، انعقدت الدورة الثانية عشرة لمنتدى حقوق الإنسان، التي تنظم تحت شعار “الحركيات البشرية والديناميات الثقافية”، بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج. وأتاحث هذه الدورة فرصة لتوسيع النقاش من خلال استكشاف، إلى جانب الإسهامات الاقتصادية، المساهمات الثقافية للهجرات والجاليات بالنسبة لبلدان الأصل والعبور والوجهة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.