رفض تأسيس “الحركة الديمقراطية الشعبية”: انتصار قانوني وسياسي لحزب الحركة الشعبية | حدث كم

رفض تأسيس “الحركة الديمقراطية الشعبية”: انتصار قانوني وسياسي لحزب الحركة الشعبية

0
26/07/2025

زهير أصدور: قضت المحكمة الإدارية بالرباط، اليوم الخميس 24 يوليوز 2025، برفض طلب التصريح بتأسيس “حزب الحركة الديمقراطية الشعبية”، المشروع الذي تقدم به بعض المنشقين عن حزب الحركة الشعبية بقيادة محمد الفاضلي. وقد جاء هذا الحكم القطعي، الصادر تحت عدد 21، ليضع حداً لمحاولة انشقاقية لم تستوف الشروط القانونية، ويؤكد من جديد أن مغامرات التموقع الشخصي لا تصنع مشروعية سياسية.

القرار القضائي، الذي استند إلى فحص وزارة الداخلية لمدى ملاءمة ملف الحزب الجديد لقانون الأحزاب، يعبّر عن احترام صارم للمقتضيات القانونية والتنظيمية المؤطرة للحياة الحزبية. وهو في جوهره رسالة قوية إلى من يحاولون تحويل الانشقاقات الظرفية إلى كيانات سياسية هجينة، لا تحمل من شروط التأسيس إلا الاسم. فالمحكمة، باعتبارها سلطة مستقلة، لم تنجرّ خلف الشعارات ولا خلف الأسماء التاريخية، بل تعاملت مع الملف بموجب القانون، مؤكدة أن الرغبة وحدها لا تكفي لتأسيس حزب، وأن المشروعية لا تُستمد من الخصومات التنظيمية بل من الانضباط لقواعد الديمقراطية الداخلية.

محمد الفاضلي، الذي خاض مغامرة الانشقاق مدفوعاً بأوهام الزعامة المفترضة، لم يخسر فقط رهان التأسيس، بل خسر أيضاً مكانته الاعتبارية داخل حزب الحركة الشعبية، الحزب الذي احتضنه لعقود، ومنحه الفرصة ليكون فاعلاً في المشهد السياسي الوطني. ومرة أخرى، يبرهن التاريخ أن الزعامات الحقيقية تُبنى داخل التنظيمات، لا خارجها، وأن من يخرج عن الصف دون مشروع مجتمعي واضح أو تصور سياسي متكامل، سرعان ما يسقط في العزلة السياسية.

بالنسبة لحزب الحركة الشعبية، يُعد هذا الحكم انتصاراً قانونياً وسياسياً في الآن ذاته. فهو يُعزز وحدته التنظيمية، ويقطع الطريق أمام محاولات التشويش أو التشظي، ويمنح قيادته مزيداً من الشرعية في مواصلة مشروعها السياسي برؤية متجددة. كما أنه يُعيد التأكيد على أن البيت الحركي، رغم ما يعتريه من نقاشات داخلية، لا يزال قادراً على صدّ محاولات التمزيق التي تتغذى على الطموحات الشخصية لا على القناعات الجماعية.

الحكم القضائي الصادر في هذا الملف يختزن عدة رسائل:

  1. إلى من يفكرون في التأسيس خارج ضوابط القانون: أن الشرعية لا تُنتزع، بل تُبنى.
  2. إلى الأحزاب الوطنية: أن صراعات الزعامة لا ينبغي أن تعلو على وحدة الصف ومصلحة الوطن.
  3. إلى الحركة الشعبية: أن الرهان على التجديد من الداخل، وعلى احتضان الكفاءات الشابة، يبقى السبيل الأجدى لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة.

لقد طويت اليوم صفحة من صفحات الجدل المفتعل حول مشروعية الانشقاق داخل الحركة الشعبية. ومع طيّها، يعود السؤال الجوهري إلى الواجهة: هل سنستمر في تضييع الزمن السياسي في مغامرات شخصية، أم أن الوقت قد حان لترسيخ ثقافة الالتزام داخل الأحزاب، والانخراط الجدي في بناء مؤسسات حزبية قوية، موحدة، ومتصالحة مع ذاتها ومع المجتمع؟

الجواب، في نظر كل وطني غيور، لا يحتاج إلى تفكير طويل: الوطن أولاً… والتنظيم فوق الأهواء.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.