مشروع مجلس الصحافة.. الوحيد في العالم الذي يعتمد على نمطين في اختيار تركيبته ! | حدث كم

مشروع مجلس الصحافة.. الوحيد في العالم الذي يعتمد على نمطين في اختيار تركيبته !

0
17/09/2025

لفت  المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الاعلام والاتصال الانتباه إلى أنه في حالة إقرار مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بصيغته الراهنة ستكون تجربة التنظيم الذاتي، الوحيدة في العالم التي تعتمد في عملية تشكيلها، على نمطين مختلفين في اختيار تركيبتها: الانتخاب بالنسبة للصحافيين والتعيين عبر الانتداب، وهو ما قد يخلق تناقضا داخل المجلس، قد يعاني منه مستقبلا.

جاء ذلك في مذكرة وجهها المركز الى رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمناسبة مشاركته في المائدة المستديرة حول ” مناقشة مضامين مشروع قانون رقم 026.25 ” التي نظمها المجلس الاثنين 15 شتنبر 2025، بالرباط التي خصصت لتبادل وجهات النظر حول سبل تطوير التجربة المغربية في مجال التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، وذلك بمساهمة عدد من الفاعلين في المشهد الصحفي.

وفي هذا السياق لاحظ في هذا الصدد أن المشروع بهذا الأسلوب توجه نحو التمييز بين طريقة حصول الصحافيين و الناشرين على عضوية المجلس، التي تتراوح ـ ما بين انتخاب ممثلي الصحافيين في انتخابات عامة، وعضوية ممثلي الناشرين في المجلس عن طريق الانتداب كممثلين عن المنظمات المهنية.

وفي ما يلى نص هذه المذكرة التي تتضمن عددا من الملاحظات والاقتراحات التي قدمها المركز  الذي تأسس سنة 2018 ويرأسه الكاتب الصحافي جمال المحافظ ويضم عددا من الجامعيين والإعلامين، ويهتم  بالخصوص بالبحث في أنماط التفاعل بين المشهد الإعلامي الوطني ومحيطه.

” بعد المساهمة الشفهية المقتضبة التي قدمها ممثل المركز في المائدة المستديرة حول ” مناقشة مضامين مشروع قانون رقم 026.25 ” التي احتضنها مقر المجلس الوطني لحقوق الانسان بالرباط الاثنين 15 شتنبر 2025، التي خصصت لتبادل وجهات النظر حول سبل تطوير التجربة المغربية في مجال التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، وذلك بمساهمة عدد من الفاعلين في المشهد الصحفي.

إن النقاش الذي ساد هذا اللقاء الذي كان إيجابيا على العموم ، رغم أنه كان سيكون أكثر أهمية وفائدة لو أدرج مباشرة بعد إحالة مشروع القانون على مجلس النواب، وذلك مراعاة للزمن البرلماني.

وانطلاقا من مواكبتنا للنقاش الدائر حول المشروع الحكومي ورصدنا للآراء المعبر عنها خاصة من لدن الهيئات والنقابات التمثيلية للصحافيين والناشرين ومنظمات من المجتمع المدني والحقوقي والتي أعربت جلها عن رفضها للمشروع، فإننا نعتبر :

1- في حالة إقرار المشروع الحكومي بصيغته الراهنة ستكون تجربة التنظيم الذاتي، الوحيدة في العالم التي تعتمد في عملية تشكيلها، على نمطين مختلفين في اختيار تركيبتها: الانتخاب بالنسبة للصحافيين والتعيين عبر الانتداب، وهو ما قد يخلق تناقضا داخل المجلس، قد يعاني منه مستقبلا خلال ممارسته لأشغاله.

إذ بغض النظر عن مستوى التعديلات التي أدخلت على القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة التي تهم بالخصوص تركيبته و طريقة تكوينه و الآجال المرتبطة بمعالجة الشكايات، إذ يلاحظ في هذا الصدد أن المشروع بهذا الأسلوب توجه نحو التمييز بين طريقة حصول الصحافيين و الناشرين على عضوية المجلس، التي تتراوح ـ كما ذكرنا – ما بين انتخاب ممثلي الصحافيين في انتخابات عامة ، يشارك فيها كافة الصحافيين والصحافيات الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية برسم السنة التي تجرى فيها الانتخابات، في حين حدد المشروع التعديلات الجديدة، عضوية ممثلي الناشرين في المجلس عن طريق الانتداب كممثلين عن المنظمات المهنية التي عبّرت جلها عن رفضها جملة وتفصيلا للمشروع.

2- فضلا عن ذلك فإن المشروع الحكومي، لم يتقيد بمنطوق الدستور الذي ينص في فصله الـ 28 على أن السلطات العمومية ” تشجع “على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية.

3- كما يلاحظ أن مشروع القانون لم يخضع لنقاش عمومي، قبل إحالته على مجلس النواب.

4- وتؤكد الهيئات الصحافية المهنية، في هذا الصدد أنه لم يتم التشاور معها قبل عرض مشروع القانون على مجلس النواب ، على الرغم بأن هذا الأمر نفاه وزير الشباب والثقافة والتواصل خلال تقديمه للمشروع أمام اللجنة النيابية، موضحا بان اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة ” تشاورت مع مختلف الهيئات المهنية في مجال الصحافة والنشر قبل وضع هذه التعديلات”. لكنه لم يكشف عن فحوى هذه المشاورات لحد ألان.

5- الظهير الشريف المتعلق بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، جرى التعامل مع المجلس ك” هيئة مهنية” (نظير هيئات المحامين أو الأطباء أو المهندسين ..) ، وهو ما يخالف الوضع القانوني للتنظيم الذاتي إذ أن المادة الرابعة ( 4 ) تنص على أن المجلس يضم في تركيبته ممثلين عن ست (06) مؤسسات وطنية، ثلاثة (03) يمثلون مؤسسات إعلامية عمومية وثلاثة (03) يمثلون مؤسسات دستورية.

6- وهذا ما يجعل المجلس على المستوى المؤسساتي، الهيئة الوحيدة التي تضم في تركيبتها ممثلين عن مؤسسات عمومية وممثلين عن مؤسسات دستورية، على خلاف الهيئات المهنية الأخرى – من قبيل هيئة المحامين، والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، والهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين – مع العلم أن هذه الهيئات المهنية، تتألف من فئة واحدة (محامون، أطباء ،مهندسون .. ) على عكس مشروع المجلس الوطني للصحافة، الذي يضم ثلاث فئات: فئة الصحافيين المهنيين، وفئة ناشري الصحف، وفئة ثالثة يتم تعيينها وتمثل بعض المؤسسات الدستورية والوطنية كما هي محددة في المادة 4 من القانون رقم 90.13.

7- كما أن الأعضاء المنتسبين إلى الهيئات المهنية (المحاماة، الطب، الهندسة..) الذين يخضعون في تنظيم مهنتهم لهذه الهيئات، يؤدون واجبات الانخراط، في حين تبقى المؤسسات الناشرة للصحف بالمجلس الوطني للصحافة، الوحيدة التي تؤدي واجبات اشتراكها السنوي المحدد في 1 % من أرباحها الصافية، في الوقت الذي من بين الشروط المخولة للانضمام إلى الهيئات المهنية المماثلة، أداء واجب الانخراط وهو ما لا ينطبق على المنتسبين إلى هذا المجلس الوطني للصحافة.

8- إضافة إلى ذلك فإن الانتساب إلى الهيئات المهنية من قبيل المحامين، والأطباء ،والمهندسين ، يتطلب أساسا الحصول على دبلوم أو شهادة متخصصة وكذا اجتياز مباراة لولوج تلك المهن، علاوة أن بعض المهن تشترط فضلا عن الدبلوم أو الشهادة، اجتياز المباراة، مع اشتراط الحصول على إذن من الإدارة (إذن يُسلّم من قبل الأمين العام للحكومة)، قصد ممارسة تلك المهنة مثل مهنة المهندس المعماري وغيرها.

9- كما يلاحظ أن واضعي المشروع لم يلتزموا بالمقاربة التشاركية، كما أنه أقصى بشكل نهائي العديد الهيئات التمثيلية للصحافيين والناشرين، وفي مقدمتهم النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي ساهمت في كافة محطات الحوار حول الصحافة والإعلام منذ المناظرة الوطنية الأولى للصحافة سنة 1993 ـ مرورا بمحطات لجنة تحيين توصياتها على عهد الراحل محمد العربي المساري سنة 1998 وملتقى الصخيرات سنة 2005 الذى أثمر بالخصوص الاتفاقية الجماعية والاتفاق على مراجعة قانون الصحافة والتداول على مدونة شاملة للصحافة والنشر.

10- يمنح المشروع الحكومي، كذلك منظمات الناشرين صلاحية انتداب ممثليها بالمجلس الوطني للصحافة اعتمادا على ما تحققه من رقم معاملات وعدد العاملين بها، وهذا ما قد يشكل حالة فريدة في مجال التنظيم الذاتي، مما يجعله يحيد عن القواعد المعمول بها في المجال الصحافي.

  1. اعتماد معيار رقم المعاملات في انتداب الناشرين، وجعل قرار توقيف الصحف عن الصدور من صلاحية المجلس لا بيد القضاء، مع تكريس مقاربة ضبطية تضعف استقلالية الجسم الصحفي، يضر بالمكتسبات المتراكمة في مجال التنظيم الذاتي، وهو ما يجعل هذه الآلية تعد ترسيخا للتمييز بين المهنيين بطريقة اختيارهم.

12- يختلف التنظيم الذاتي الذي ينص عليه المشروع، عن التجارب الدولية المعمول بها ـ وهو ما يجعله في منزلة وسطى ما بين التنظيم والضبط مما قد يحوله إلى إطار هجين.

13- كما يظل رهان الاستقلالية والمصداقية مطروحا ليس فقط بالنسبة للصحافة والصحافيين ولكن لدى المجتمع، وهو ما قد ينعكس عن صورة البلد بالخارج في مجال حرية التعبير وفي مقدمتها حرية الصحافة كما هو متعارف عليها عالميا.

  1. مشروع القانون لم يستجب كذلك لقواعد مثل المساواة، عدم التمييز، عدم قابلية التجزئة والترابط بين الحقوق، وهي المبادئ التي يستند عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتبارها مبادئ عالمية كونية ينص عليها الدستور كذلك.
  2. لهذه الأسباب وغيرها سيكون من الأهمية بمكان إحالة مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على المحكمة الدستورية بعد تمريره أمام مجلسي البرلمان وذلك من أجل حسم الجدل القائم حول المقتضيات التي قد تكون مخالفة لبعض أحكام القانون الأسمى للأمة”. 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.