في ليلة كروية لا تُنسى، خطّ أشبال الأطلس بأقدامهم الذهبية صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم المغربية والعالمية، بعدما تمكنوا من تحقيق إنجاز تاريخي بالتتويج بكأس العالم بعد فوزهم المستحق والمثير على المنتخب الأرجنتيني، أحد أعرق المدارس الكروية عبر التاريخ. لم يكن الفوز صدفة، ولا مجرد ضربة حظ، بل ثمرة عمل متواصل، وعزيمة لا تلين، وأداء راقٍ جمع بين الجمال الفني والانضباط التكتيكي والروح الوطنية الصادقة.
أشبال الأطلس لم ينتصروا فقط في النتيجة، بل انتصروا في الأداء، في الشخصية، في الغرينتا التي لا تُشترى. أبانوا عن نضج كروي كبير فاق أعمارهم، وأثبتوا أن المدرسة المغربية باتت رقماً صعباً في معادلات الكرة العالمية. فحين تواجه منتخبات من حجم البرازيل،إسبانيا ، فرنسا والأرجنتين وتخرج مرفوع الرأس متوجاً بالكأس، فذلك يعني أن المشروع الكروي المغربي يسير في الطريق الصحيح، وأن الحلم الذي انطلق من الملاعب الصغيرة بات اليوم واقعاً يتحدث عنه العالم.
ولم يكن التتويج جماعياً فقط، بل تجلّى كذلك في النجوم الذين سطعوا في سماء البطولة، وعلى رأسهم الموهوب ياسر الزابيري الذي توّج هدافاً للبطولة و عثمان معما كأحسن لاعب فيها، تأكيداً على الجودة التقنية التي باتت تصدرها الكرة المغربية إلى المحافل الدولية. هذا التتويج الفردي لا يقل رمزية عن الكأس، لأنه يكرّس صورة اللاعب المغربي المتكامل: الموهبة، الذكاء، والروح الجماعية.
من رحم التحدي، و أمام مدارس كروية عالمية واجه الأشبال بصلابة، خرج أبناء محمد السادس بشجاعة الأسود الصغار، يقاتلون في كل متر من الملعب، يلعبون من أجل العلم، ومن أجل وطن ينتظرهم بقلوب نابضة بالفخر. لقد علمونا معنى الوطنية في أبهى صورها، ومعنى الغرينتا التي لا تعرف الاستسلام، ومعنى أن تُمثّل وطنك ليس فقط بقدميك، بل بقلبك وروحك.
ولأن كل إنجاز عظيم له جذوره، فإن هذا التتويج هو في العمق ثمرة رؤية ملكية متبصّرة جسّدتها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي تحولت إلى مصنع للأبطال، ومختبر للموهبة والانضباط والتكوين العلمي والبدني. من هناك انطلقت قصة الأشبال الذين حملوا راية المغرب عالياً، وأهدوا هذا اللقب التاريخي للرياضي الأول، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، عرفاناً بدعمه الدائم وتشجيعه اللامحدود للرياضة الوطنية.
هذا الفوز هو أكثر من كأس، هو رسالة إنسانية ووطنية تُلخّص معنى الإصرار والإيمان بالقدرة المغربية على بلوغ العالمية. إنه وعد جديد من جيل قادم بقوة، جيل كتب أول فصول المجد ولن يتوقف هنا. ومن قلب الفخر والفرح، يوجّه الأشبال رسالتهم إلى أسود الأطلس الكبار: كأس العالم الآن في أيادٍ مغربية صغيرة، وفي انتظاركم أن تعيدوا لنا كأس إفريقيا الغائبة منذ 1976، لتكتمل فرحة الوطن، وتكتمل أسطورة الكرة المغربية.
المجد للأشبال، والمجد للمغرب الذي لا يعرف إلا طريق الانتصار.
أ.أ/ حدث.كم