جلالة الملك:بصفتي ملك البلاد الضامن لحقوق وحريات المواطنين.. أؤكد أن جميع المغاربة سواسية.. لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف وبين إخوانهم داخل أرض الوطن

0

فاجأ جلالة الملك محمد السادس، نصره الله،  الشعب المغربي يومه الجمعة 31 اكتوبر الجاري، بخطابه السامي بمناسبة تاكيد قرار مجلس الأمن مغربية الصحراء ، بعد خمسين سنة من الصراع المفتعل، وطي هذه الصفحة المؤلمة بحكم ذاتي يتسع للجميع، تحت لواء واحدة وموحد شعاره :الله، الوطن، الملك.

وقد استهل جلالة الملك حفظه الله، خطابه السامي بقول الله تبارك وتعالى : “إنا فتحنا لك فتحا مبينا”. صدق الله  العظيم، تمينا بفتح صفحة جديدة لمستقبل جديد مع الشعب الجزائري الشقيق من خلال الحرص على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، حيث فال جلالته: “أدعو أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، لحوار أخوي صادق، بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات، وبناء علاقات جديدة، تقوم على الثقة، وروابط الأخوة وحسن الجوار”.

كما أكد جلالة الملك على” أن زمن المغرب الموحد من طنجة إلى لكويرة قد حان، وأن المملكة، بثقة وإصرار، ترسخ واقعاً جديداً عنوانه السيادة الكاملة، والتنمية المستدامة، في أقاليمها الجنوبية، دون السماح لأي طرف بالمساس بحقوقها، أو حدودها التاريخية، موجها نداء صادقا، لإخواننا في مخيمات تندوف، لاغتنام هذه الفرصة التاريخية، لجمع الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي، للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية، وفي تنمية وطنهم، وبناء مستقبلهم، في إطار المغرب الموحد، قائلا حفظه الله: “وبصفتي ملك البلاد، الضامن لحقوق وحريات المواطنين، أؤكد أن جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف، وبين إخوانهم داخل أرض الوطن”.

وأشار حلالة الملك، إلى أن الدينامية التي أطلقها المغرب خلال السنوات الأخيرة، بدأت تعطي ثمارها الملموسة على المستويين السياسي والاقتصادي، حيث أضحت مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب سنة 2007، الإطار الوحيد الذي تعترف به غالبية المجتمع الدولي كحلّ واقعي وعملي للنزاع، إذ باتت ثلثا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تدعمها صراحة أو ضمنياً، ما يعزز شرعية الموقف المغربي ويُضعف أطروحات الانفصال.

ولم يقتصر حفظه الله في هذا الخطاب على الجانب السياسي، بل ركز أيضاً على البعد الاقتصادي، بإبراز ما تحقق من مكاسب في مجال التنمية بالأقاليم الجنوبية، التي تحوّلت إلى ورش مفتوح للاستثمار والبنية التحتية، وفضاء صاعد للاستقرار والتكامل الإقليمي. والبعد الوطني والرمزي، من خلال الإشادة بما تعرفه الأقاليم الجنوبية من تنمية وأمن واستقرار، بفضل تضحيات جميع المغاربة، وفي مقدمتهم سكان هذه الأقاليم الذين يجسدون، عبر تشبثهم بمقدسات الأمة ووحدتها الترابية، عمق الانتماء الوطني وصدق الولاء للعرش العلوي المجيد.

كما ثمن جلالته الدور البارز الذي لعبته في هذا الملف كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي ، وما أقرته عمليا بالسيادة الاقتصادية للمملكة على هذه الأقاليم من خلال تشجيعها المباشر للاستثمارات والمبادلات التجارية معها، وهو ما يعكس انتقال الموقف الدولي من الدعم السياسي إلى التعاون الاقتصادي الملموس.

وفي سياق متصل، ثمّن جلالة الملك جهود مختلف القوى الوطنية – الرسمية والحزبية والبرلمانية – التي انخرطت في معركة الدبلوماسية الموازية، دفاعاً عن الوحدة الترابية، مؤكداً أن المغرب اليوم يسير بثقة نحو الطي النهائي لهذا الملف، عبر تعزيز المكاسب وترسيخ الاعترافات.

واختتم جلالته خطابه بتوجيه تحية إجلال وإكبار إلى القوات المسلحة الملكية والقوات الأمنية بمختلف مكوناتها، وعائلاتهم، تقديراً لتضحياتهم الجسيمة على مدى خمسين سنة في سبيل الدفاع عن الوطن وصيانة أمنه واستقراره. فبقدر ما كان الخطاب احتفالياً بذكرى المسيرة الخضراء، كان أيضاً خطاب تتويج لمسار دبلوماسي وتنموي متكامل، ورسالة حازمة إلى الداخل والخارج مفادها أن المغرب يدخل اليوم مرحلة “ما بعد الاعتراف” بسيادته الكاملة على صحرائه، ويؤسس برؤية ملكية استراتيجية لمغربٍ موحدٍ، قويٍّ، وآمنٍ في محيطه الإقليمي والدولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.