عبد العلي جدوبي: يخلد المغاربة ذكرى المسيرة الخضراء بنفس الروح التي أبدعتها كأول تجربة سلمية بإنهاء الاحتلال الاسباني ، والدرس الأهم أن روح المسيرة باقية ومتجددة كونها راسخة في الأذهان والمشاعر ..
فهل تستطيع الجزائر ولو لمرة واحدة على مشاركة المغاربة أفراحهم بالوحدة !! بعد قرار مجلس الامن العادل والتاريخي باعتماد الحكم الذاتي المغربي الاطار الوحيد والأوحد لوضع حد للنزاع المفتعل والذي عمر طويلا ؟؟
وبالعودة إلى احداث التاريخ سنقف على عشريات مد وجزر في النزاع المغربي الجزائري :
_ 31 اكتوبر جاء قرار الحسم الاممي رقم 2797 والذي لا لبس فيه أنصف الحق المغربي بعد أن سلكت بلادنا كل الطرق القانونية والسلمية لإسترجاع اقاليمنا الجنوبية وفق قرارات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، وهي التي قدمت نموذجا متميزا في العلاقات الدولية اعتمد الحوار والاقناع والموضوعية .
_ فاتح نوفمبر 1954 يؤرخ لانطلاق الثورة الجزائرية التي لم تكن لتنطلق لولا الزخم الذي اضافته عليها قبل ذلك بسنة ثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953.
_ والسادس من نوفمبر يسجل الحدث الأكبر ، حدث المسيرة الخضراء التي قوبلت بعداء وتنكر جزائري لا مثيل له في خرق أوفاق الإخوة وحسن الجوار والتضامن.. وستبدي السلطات الجزائرية بعد نيلها الاستقلال عام 1962 جحودا كبيرا تمثل في تعرض اجزاء من المغرب الى هجمات قوات الجيش الجزائري في خريف 1963 مما أدى الى نشوب أول مواجهة عسكرية بين البلدين عند تخوم الصحراء الشرقية التي لا يزال ملفها عالقا .
وبقياس العشر سنوات التي تنقص او تزيد قليلا ستستل الثورة الجزائرية سلاح الغدر وتطعن به المغاربه في فترة دقيقة عند اندلاع آخر مواجهة بين المغرب واسبانيا في الأمم المتحدة ، وعند اللجوء الى محكمة العدل الدولية في لاهاي التي اقرت بوجود روابط بيعة وولاء بين سكان الاقاليم الجنوبية والسلاطين المغاربة قبل حقب زمنيه ، وبين السلطات المركزية المغربية .
نزعة عدوانية
وكرد السلطات الجزائرية على القرار الايجابي لمحكمة لاهاي لفائده المغرب ، لجأت السلطات الجزائرية إلى طرد يوم عيد الاضحى 35ألف من المواطنين المغاربة الذين كانوا يقيمون في الجزائر بصفة قانونية ، ومن دون وضع أدنى اعتبار لأوضاعهم وممتلكاتهم واقاربهم وبهذا يتم علانية في معاكسة القوانين الدولية، وضرب بعرض الحائط كل القيم والمبادئ الإنسانية ، وتم أيضا الشروع في إقامة مخيمات تندوف والتورط العسكري في معركة أمغالا.
_ عشرية اخرى ستكون أقل مدعاة للتوثر بعد رحيل الرئيس الجزائري هواري بومدين بدأت معالمها من خلال تحقيق أول مصافحة بين الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد في رحاب الكعبة المشرفة لتتوج بعد ذلك بالتئام لقاء برعايه الملك فهد بن عبد العزيز ، وكان لهذا الإنفراج اثره على صعيد انعاش الاجواء التي مهدت لإبرام المعاهدة التأسيسية للاتحاد المغاربي في مراكش 1989
_ تبددت الآمال مره أخرى على مزاج السلطات الجزائرية لعام 1993 فقد رغبت في تدوين ازمتها الداخلية على نطاق الصراع مع الحركات الإسلامية ، ومن أجل ذلك كان الهجوم الإرهابي على فندق (إسني) في مراكش والذي دق اخر مسمار في نعش الوفاق المغربي الجزائري .
_ ومرت عشر سنوات اخرى فقد فقد بادرت الرباط الى إلغاء التأشيرة على الجزائريين ، وزار الملك محمد السادس الجزائر على هامش المشاركة في أعمال القمة العربية ، وفيما شكلت مبادرة رسالة المودة والإنفتاح بصيص أمل ، لم تترك سجل الزياره ينشف على ورق الإنفراج حتى قامت الجزائر بتحريك اعمال عنف وقلاقل في الاقاليم الجنوبية المغربية لنسف ذلك التقارب ، مما يؤكد أن حكام المرادية لم يردون على التحية المغربية وباتوا يلوحون بملف الحدود المغلقة كورقة ضغط ، مع أن المنطقة الشرقية المغربية أبانت عن قدرة هائلة على التعايش مع الواقع الجديد ، وشرعت في بلورة معالم اكتفاء ذاتية على صعيد التنمية المحلية .
خطة يائسة
_ سيعيد التاريخ تكرار أحداث مماثلة ، ولا يكاد العام 2013 ينتهي من دون مسلسل الازمات الجزائرية منها تداعيات تصريحات الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه التي لم تكن موجهة في جوهرها للإنسغال بأوضاع حقوق الانسان ، ولكنها كانت جزءا من خطة جزائرية يائسة ، تروم إلى وضع المنطقة تحت ” رقابة دولية ” ، كون هذا الطرح الجزائري يهدف بالاساس إلى التشكيك في السيادة المغربية على اقاليمه الجنوبية ، مع أن بعثة المينورسو ما وجدت إلا في اطار موافقة المغرب الذي واصل في حركه دائبة عمليات التنمية ، حيث شهدت تلك الاقاليم نهضة عمرانية انعكست ايجابياتها على السكان .
_ عشرية اخرى أو ما يزيد ما بين 2013 و2025 شهدت قطع العلاقات الجزائرية مع المغرب تزعم أن الرباط تدعم منطقة القبائل المطالبة بالانفصال والاستقلال عن الجزائر ، كما اغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية، وتم أيضا إغلاق خط انابيب الغاز اوروبا.. وخلقت أزمة المعابر الحدودية. ودفعت البوليساريو للتحرك قرب الكركرات ، وواصلت عبر وسائل اعلامها الفاقد للمصداقية لدى الشعب الجزائري حملات عدائية وتحريضية ضد المغرب ، وتصعيد الكتروني وحرب سيبيراليه .
هذا ومنذ الاعلان الاممي رقم 2797 على أحقية المغرب على صحرائه واعتماد الحكم الذاتي كخيار وحيد وأوحد عبر تصويت الاعضاء الدائمين بمجلس الامن الدولي ، اختلطت الاوراق لدى الفريق العسكري الحاكم بالجزائر وتضاربت الآراء فيما بينهم ، وخرجت أصوات المثقفين الجزائريين لتندد عبر الصحف الباريسية لما وصلت إليه السياسة الجزائريه في عدائها ضد المغرب والتي كلفت ملايير من الدولارات خلال الخمسين سنة الماضيه هي من عائدات (سوناتراك) على جماعة من مرتزقة البوليساريو ،ورأوا أن لا منفعة للجزائر في تواجدهم فوق ارضها
_ العام 2019 فاز عبد المجيد تبون في انتخابات رئاسية شابها الكثير من الجدل حول صحتها !! وفاز ايضا العام 2024 بولاية جديدة ، ومنذ ذلك التاريخ شهدت العلاقات المغربية الجزائرية ازمات غير مسبوقة فلا وساطات عربية أو أوروبية يريدها حكام المرادية لفض الخلافات، وذلك بحجة وجود تهديدات مغربية متواصلة للامن للامن القومي الجزائري كما يقولون..
_ وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف في حواره مع قناة جزائرية بدا وكأنه يبحث عن تبرير لفشل بلاده أو مخرج لإنتكاستة الدبلوماسية ، فقد دعا امورا بعيدة كل البعد عن منطوق القرار الاممي بشأن الصحراء المغربية والقرار الاخير ، وكأنه يبحث عن شيء ما فقدته بلاده في ظل التغييرات الجيو سياسيه التي طالت ملف الصحراء المغربية ، وظلت الجزائر لوحدها كما لو انها تطارد خيط دخان !!
وما يجب على الجزائر الآن وأكثر من أي وقت مضى ، القيام به هو الإنضباط لقرارات مجلس الأمن الدولي قبل أن تزيد في تعميق عزلتها الدولية ، وتجد نفسها خارج التاريخ .