فجّرت المديرة العامة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، لبنى اطريشة، جدلاً سياسياً واسعاً داخل الحكومة بعد أن ردّت، ببلاغ رسمي قوي، على تصريحات منسوبة لوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، تُحمل وزارته مسؤولية تأخر صرف منح المتدربين، بالأرقام والوثائق والمعطيات الدقيقة.
بلاغ لبنى اطريشة نجلة الوالي السابق، لم يكن عادياً، بل مثّل صفعة سياسية غير مسبوقة داخل الجهاز التنفيذي، حيث أكدت يأن المكتب موّل المنح من موارده الذاتية منذ سنة 2017، بعدما توقفت الوزارة عن تحويل الاعتمادات المالية، مشيرة إلى أن المكتب صرف ما مجموعه 968 مليون درهم، منها 296 مليوناً من ميزانيته الخاصة، حفاظاً على استمرارية المرفق العمومي وضماناً لحقوق المتدربين.
وهذا البلاغ ، تحول إلى حدث سياسي استثنائي، من خلال العبارة الحاسمة التي بطقت بها المديرة العامة قائلة:: “المكتب لن يقبل أن يُزجّ باسمه في صراعات سياسية.”
وبهذه الجملة، وضعت اطريشة الوزير أمام مسؤوليته الكاملة، وفي موقف نادر داخل المشهد الحكومي، لانها تواجه مؤسسة عمومية ووصايةً وزاريةً بشكل علني، دفاعاً عن كرامة الإدارة واستقلالية القرار المهني، وليس من اجل البحث عن مواجهة أو بطولة، بل عن تصحيح مسار العلاقة بين الإدارة والسياسة، مذكّرة بأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من احترام المؤسسات والالتزامات، لا من تبرير الإخفاقات عبر التصريحات الإعلامية.
كما ان هذا البلاغ يشير الى مواجهة بين منطقين: منطق الدولة والمؤسسات الذي جسّدته اطريشة، ومنطق الخطاب الحزبي الذي سقط فيه الوزير السكوري، بعدما قدّم نفسه رمزاً للكفاءة والتواصل، قبل أن تكشف هذه الواقعة حدود خطابه، وفوضى التدبير داخل قطاعه، وفي الوقت الذي اكتفى الوزير بالصمت، كانت المديرة العامة تنجز درسا في الانضباط والمسؤولية، لانها اختارت الدفاع عن صورة الإدارة المغربية كمرفق يخدم الوطن لا الأحزاب.
وهكذا تحولت لبنى اطريشةإلى رمز لامرأة الدولة التي تشتغل بعقل مؤسساتي، وتعيد الاعتبار لقيم المهنية والشفافية، ولتنتصر في معركة الرأي العام، لتثبت بأن الإدارة المغربية الجديدة قادرة على قول الحقيقة بثقة، وحماية المرفق العمومي من التوظيف السياسي.