مناقشة مشروع الميزانية بمجلس النواب.. الأغلبية ترى في مشروع قانون المالية ترسيخا للتنافسية والاستدامة.. والمعارضة تنتقد افتقاده “للجرأة الإصلاحية”
ثمنت فرق الأغلبية بمجلس النواب، خلال جلسة عمومية عقدها المجلس اليوم الخميس خصصت للمناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، مضامين المشروع، معتبرة أنه يكرس رؤية اقتصادية قائمة على التنافسية والاستدامة، في حين انتقدت فرق المعارضة ما وصفته بغياب الجرأة الإصلاحية الكفيلة بإبداع الحلول.
وأكدت فرق الأغلبية النيابية، في مداخلاتها خلال هذه الجلسة التي حضرتها على الخصوص وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن مشروع قانون المالية يرسخ لرؤية اقتصادية جديدة تهدف إلى تعزيز تموقع المملكة كقوة اقتصادية صاعدة تنعم بعدالة مجالية حقيقية، معتبرة أنه “مشروع واقعي في إدراكه للقيود والتحديات، وواضح في أولوياته”.
وأضافت أن المشروع يأتي لترجمة التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطابي جلالة الملك بمناسبة عيد العرش وافتتاح السنة التشريعية، من خلال السعي إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة المجالية والإنصاف الترابي، مبرزة أن الحكومة تسعى عبر هذا المشروع إلى التوفيق بين تمويل الأولويات الاستراتيجية والحفاظ على النموذج الاجتماعي، في إطار تثمين المكتسبات الاقتصادية.
كما أكدت أن مشروع قانون المالية يعكس الرؤية الملكية الرامية إلى ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، “حيث يواصل قطاعا التعليم والصحة احتلال مكانة وازنة في التحكيم الميزانياتي للحكومة”، مشيدة بالتدابير الاقتصادية والاجتماعية التي تضمنها المشروع، ولا سيما تلك المتعلقة بتحفيز الاستثمار وتعزيز التنافسية وخفض تكلفة الإنتاج، إلى جانب تخصيص 380 مليار درهم للاستثمار العمومي.
من جهة أخرى، دعت فرق الأغلبية إلى تقييم أثر برامج الدعم المباشر والميزانيات المخصصة لها على الفئات المستهدفة، خاصة في مجالات الدعم الاجتماعي ودعم السكن والفلاحة والثقافة وغيرها من القطاعات المستفيدة، مشددة كذلك على ضرورة اعتماد سياسة مالية شمولية تراعي خصوصيات القطاع غير المهيكل وتساهم في تعزيز الإدماج المالي للناشطين فيه.
أما المعارضة، فاعتبرت من جهتها أن مشروع قانون المالية، رغم ما يتضمنه من إيجابيات، يواصل الاعتماد على نفس المقاربات التي لم تحقق الأثر الاقتصادي والاجتماعي المطلوب، مبرزة أنه “يفتقر إلى الجرأة السياسية والإصلاحية في إبداع الحلول”، وأن تدابيره لا تعكس بما يكفي متطلبات الإصلاح الحقيقي.
وسجلت أن الأرقام المرتبطة بقطاعي الصحة والتعليم (27 ألف منصب وميزانية تناهز 140 مليار درهم) تحتاج إلى قراءة متأنية بالنظر إلى أن نسبة مهمة من أطر التعليم تجاوزت سن الخمسين أو مقبلة على التقاعد، في حين لا تتعدى نسبة استغلال المناصب المالية المخصصة لقطاع الصحة 42 في المائة، معتبرة أن إحداث المناصب الجديدة يمثل في جزء منه “إعادة تدوير لمناصب غير مشغولة في السنوات السابقة”.
ونوهت في المقابل بتخصيص 380 مليار درهم للاستثمار العمومي، معتبرة أن ذلك يشكل مجهودا ماليا مهما “رغم مردوديته المحدودة والتفاوتات المجالية في توزيعه”، داعية إلى تحسين نسب تنفيذ المشاريع وتسريع إصلاح المحفظة العمومية “التي تثقل كاهل الميزانية العامة بعبء سنوي يتراوح بين 50 و60 مليار درهم”.
كما حذرت المعارضة من “مخاطر الإفراط في اللجوء إلى الاقتراض والتمويلات المبتكرة”، معتبرة أن هذه الموارد ذات طابع مؤقت وتستعمل لتغطية نفقات قارة، مما يشكل تهديدا لتوازنات المالية العمومية على المدى المتوسط.
ح/م