مدريد ـ عبد العلي جدوبي: خلال الانتخابات الإسبانية الإقليمية في منطقة إكسيريمادورا ، الواقعة جنوب غرب البلاد التي جرت الاحد (21 ديسمبر) لم يحقق الحزب الاشتراكي الحاكم _كما هو معلوم _ ما كان يتوقعه بعد فوز حزب فوكس اليمني المتطرف و الذي حصل على 11 مقعدا في البرلمان الاقليمي بزيادة ستة مقاعد على الانتخابات الأخيرة وبنسبة 17% من الاصوات ، في حين حصل الحزب الاشتراكي الحاكم على 18 مقعدا من أصل 65 مقعدا في برلمان الاقليم بعد ما كان يتوفر من قبل على 28 مقعدا ، وهي أسوأ نتيجة يحصل عليها ..
الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو حزب فوكس والذي أصبح يمتلك مفاتيح الحكم في المنطقة. هذا التراجع للحزب الاشتراكي في الإنتخابات كما تراها الصحف الإسبانية ، جاء نتيجة ضغوطات التي يمارسها الحزب الشعبي المعارض من أجل تنظيم انتخابات عامة مبكرة وهو مطلب يكرره زعيمه البرتو نونيز فيخو خلال الجلسات العامة للبرلمان كل يوم أربعاء .
تراجع الحزب الاشتراكي بشكل كبير في انتخابات إكسيريمادورا ، دفع بالقوميين الكتالونيين من حزب جونيس _ صاحب سبعه نواب_ في البرلمان والشريك في الأغلبية. الى التهديد من الانسحاب من الائتلاف أو قد ينخرط في دعم اقتراح بحجب الثقة ، أو الامتناع عن التصويت مما قد يؤدي في كلتا الحالتين حسب المراقبين الى فقدان السلطة التنفيدية واغلبيتها في مجلس النواب .
وكان الحزب الشعبي المعارض قد دعا الى انتخابات مبكرة أملا في تحقيق أغلبية مطلقة ، لكن التوقعات لم تصب في صالحه حيث حصل على 29 مقعدا مما اضطر مجددا للاعتماد على حزب فوكس !
فإلى جانب الاتهامات التي توجه الى بعض اعضاء الحزب الاشتراكي المتعلقة بقضايا الفساد ، فهناك من يرى أن سياسة بيدرو سانشيز تحاول التقليل من تاثير تلك الفضائح في مجمل الإتهامات الموجهه الى حزبه ! فهذا حزب سومار المشارك في الائتلاف الحكومي هدد بدوره بالانسحاب من الحكومة اذا لم يتخذ بيدرو شانسيز اجراءات حازمة ضد المتورطين في قضايا الفساد من اعضاء حزبه..
هذا ويذهب بعض الاسبان الى القول ان تراجع التمثيل البرلماني للحزب الاشتراكي الحاكم في الإنتخابات الأخيرة ، لا يعزي بالاساس الى ضعف الأداء الاقتصادي للحكومة ، بقدر ما يرتبط بقضايا الفساد التي استغلتها المعارضة لتأليب الرأي العام على أداء الحزب الاشتراكي واعضائه المتهمين بقضايا كبيرة ، وهو ما زعزع الثقة الشعبية بالحكومة والحزب رغم أن سانشيز نفسه لم يكن موضوع مساءلة أو اتهام ، ولكن توجيه هذه التهامات لحزبه والمقربين منه فتح الباب على مصراعيه امام المعارضة لتوجيه المزيد من الضربات ولتشويه صورته السياسية .
فعلى مدى عقود سيطر الحزب الاشتراكي على إقليم اكسيريمادورا ، لكن المحافظين في الحزب الشعبي انتزعوا السلطه منه عام 2023 بدعم من حزب فوكس المتطرف .
حسابات سياسية معقدة امام الحزب الاشتراكي والائتلاف الذي يضمه وقد يواجه تحديات كثيرة لعدم تجانسه وعجزه المتكرر على الانفاق والميزانية في البرلمان .
ومعلوم أن الحزب الاشتراكي بقيادة بيدرو سانشيز يتزعم حكومة أقلية تتشكل من حزب العمال الاشتراكي الاسباني ، وحزب سومار اليساري إلى جانب أحزاب إقليمية مثل حزب اليسار الجمهوري الكتالوني وحزب جونتس الانفصالي الكتالوني الذي انشق مؤخرا عن الحكومة وحزب بيلدو والحزب القومي الباسكي..
حول هذا الموضوع نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تحليلا حول الوضعية السياسية للحزب الاشتراكي الاسباني كتبه بينوبلستيراندي المتخصص في الشؤون الإسبانية ورأى أن مستقبل حكومة شانسيز تسودها ضبابية بالرغم من ازدهار اقتصادي خلال السنوات الأخيرة ، وبرر ذلك بغياب رصد الميزانية للسنتين الفارطتين وهو ما ادى في نظره الى اختلالات وتوثرات في السياسة الإسبانية عامة ، ويفسر الكاتب هذا التناقض بأن الحكومة ماتزال تعمل بموجب مرسوم ميزانية 2023 وفي غياب أية رقابة برلمانية ..
هذا ومن المقرر اجراء انتخابات إقليمية في الاندلس واراجون وقشتالة وليون خلال النصف الأول من العام المقبل 2026 .. ويبدو أن الخطاب القومي المحلي يلقى صدى لدى قطاعات واسعة من الناخبين الذين يبحثون عن بدائل الاحزاب التقليدية ، بعد تصاعد اليمين المتطرف في السياسة الإسبانية ، وهو ما قد يعيد التشكيلات والخيارات في الانتخابات القادمة