سباق الرئاسة في مصر: جدل المنافسة وتحدي المشاركة في ظرف استثنائي حقيقي – حدث كم

سباق الرئاسة في مصر: جدل المنافسة وتحدي المشاركة في ظرف استثنائي حقيقي

جواد التويول:  سيكون المصريون يوم 26 مارس المقبل، على موعد مع رابع انتخابات تعددية في بلادهم، وثالث انتخابات رئاسية تجرى بعد ثورة 25 يناير، استحاقات رئاسية يعتبرها البعض تفويضا جديدا للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يطمح لولاية ثانية، فيما يراها البعض الآخر، استشارة شعبية أخرى لكنها بدون حس “تنافسي” كفيل بإعطائها عنصري التشويق والمفاجأة.

لذلك، تبدو انتخابات مارس القادم، التي ستجرى على مدى ثلاثة أيام، مختلفة تماما عن باقي الاستحقاقات الرئاسية السابقة، لكونها لن تحمل أية مفاجأة بحكم مشاركة مرشحين اثنين فقط هما الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي، ورئيس حزب “الغد” موسى مصطفى موسى، ولأنها تمثل امتدادا طبيعيا لرهانات الشارع المصري المتجددة ما بعد ثورة يونيو 2013، وانتظاراته في تعزيز مسار البناء والتنمية.

والواقع أن هذا الاستحقاق الانتخابي، في رأي الكثير من المتتبعين، يشكل موعدا أساسيا، للتأكيد على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية التي انخرطت فيها الحكومة، ومجابهة التحديات الجسيمة المتعلقة بمحاربة الإرهاب والتي تمثل “خيارا لا رجعة فيه” بالنسبة للدولة المصرية من أجل اجتثاث جذوره وحماية الأمن العام.

لكن في المقابل، تمثل انتخابات 26 مارس، بالنسبة لعدد من المراقبين، “استشارة أخرى”، لقياس درجة الارتياح أو عدم الرضا على سياسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، سواء من قبل مؤيديه أو من قبل معارضيه، على حد سواء.

وفي هذا الصدد، يعتبر الكاتب الصحفي ياسر رزق، أن فريق مؤيدي الرئيس السيسي كان يفضل لو اقتصر الترشح على مرشحهم المفضل فقط، ما دام لا يوجد على الساحة من يرقى إلى منافسته بشكل جدي، حتى لو صارت هذه الإنتخابات أشبه ب”الاستفتاء”، وحجتهم في ذلك، هو أن الرجل “لا يقارن بغيره لقيادة البلاد في هذا الظرف الاستثنائي” والأمثلة المشابهة عديدة في دول ديمقراطية عريقة أثناء الأزمات والحروب.

ويضيف رزق، أن الفريق الثاني كان يتمنى لو اتسعت ساحة المنافسة عددا وكيفا، بحيث لا تقتصر على منافس وحيد تكاد تكون فرصة نجاحه “معدومة”، ومنطق هؤلاء أن الرئيس السيسي “يستحق أن يتسلم ولاية رئاسية ثانية بعد انتخابات تنافسية حقيقية، تقطع الطريق على من يريد أن يشوه التجربة الديمقراطية في مصر”.

وبين هذا وذلك، يرى فريق ثالث، أن خلو هذا الاقتراع الرئاسي من مرشحين قادرين على منافسة السيسي، قد يولد الشعور لدى الناخبين في ظل منافسة تكاد تكون ضعيفة، بأن السيسي “فائز لا محالة” في هذا الاقتراع، ومن ثمة لا داعي للمشاركة ولا ضرورة للتوجه إلى مراكز الاقتراع، بحكم أن نتيجة هذه الانتخابات تبقى محسومة.

ومهما يكن من أمر، فإن نسبة المشاركة في هذا الاقتراع، تمثل التحدي الأكبر الذي يسائل الدولة المصرية من أجل إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي، ومرد ذلك إلى كون الوازع الأساسي لتوجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، أيا كان اتجاه تصويتهم، هو تعزيز المشاركة السياسية في البلاد، خصوصا وأن نحو 5 ملايين شاب مصري، والذين كانوا لم يصلوا بعد إلى سن التصويت في انتخابات 2014، أصبح بمقدورهم ذلك، لإبداء موقفهم في الشأن العام.

وفي هذا الصدد، يعتبر عاطف سعداوي، الخبير في مركز (الأهرام) للدراسات الاستراتيجية، أن معيار نجاح أي انتخابات هو نسبة المشاركة، وهو ما يتحقق عندما تكون النتيجة غير محسومة عبر منافسة قوية.

ويضيف سعداوي في تصريحات صحفية، أنه بعد تراجع الفريق أحمد شفيق، القائد السابق للقوات الجوية المصرية ورئيس الوزراء الأسبق، عن الترشح في هذه الانتخابات “لم يعد هناك مرشح قوي يستطيع منافسة السيسي، لأنه كلما زاد عدد المرشحين كانت الصورة أفضل”، مشيرا إلى أنه رغم أن النتيجة تبقى محسومة للسيسي بكل تأكيد كما حدث في 2014، إلا أن “مشاركة واسعة النطاق للناخبين المصريين ستعزز من شروط نجاح هذا الاقتراع”.

وكان جدل كبير قد خيم على الترشح في هذه الانتخابات، بعد انسحاب عدد من الأسماء وقرارها العدول عن ذلك، من بينها أحمد شفيق الذي أعلن عن تراجعه عن خوض انتخابات الرئاسة في بيان أصدره في السابع من يناير الجاري، بعد عودته من دولة الامارات العربية المتحدة حيث كان يقيم.

وقررت الهيئة الوطنية للانتخابات، استبعاد اسم الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، من قاعدة بيانات الناخبين للانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد إعلان عزمه الترشح في الانتخابات، لكونه “لا يزال محتفظا بصفته العسكرية، والتي تحول دون مباشرته للحقوق السياسية المتمثلة في الترشح والانتخاب طبقا للقانون”.

كما أعلن حزب الوفد المصري، عدم تقديم مرشح في هذه الانتخابات، وتأييد الرئيس السيسي لدورة رئاسية ثانية.

وفي وقت سابق، أعلن محمد أنور عصمت السادات، ابن شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات، تخليه عن فكرة الترشح في هذه الانتخابات، كما أعلن المحامي خالد علي بدوره عدوله عن الترشح في هذه الاستحقاقات.

وينص قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية الذي أقر عام 2014، على ضرورة حصول الراغب في الترشح على تزكية 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب حتى تقبل أوراق ترشحه، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل وبحد أدنى يصل إلى ألف مؤيد من كل محافظة.

ولا يحق للنواب أو المواطنين التوقيع على توكيل لأكثر من مرشح واحد.

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات، قد أكدت أن المصريين المقيمين بالخارج، سيدلون بأصواتهم في هذه الانتخابات على مدى ثلاثة أيام اعتبارا من يوم 16 مارس المقبل، في حين سيجرى هذا الاقتراع الرئاسي داخل البلاد أيام 26 و 27 و 28 من الشهر ذاته.

وفي حالة الإعادة ستجرى الانتخابات خارج مصر أيام 19 و 20 و 21 أبريل المقبل، وداخل البلاد أيام 24 و 25 و 26 أبريل من الشهر ذاته.

وكانت حملة الدعاية الانتخابية الممهدة لهذا الاستحقاق الرئاسي، قد بدأت السبت الماضي، وتستمر حتى الجمعة 23 مارس المقبل.

ويسبق موعد الانتخابات فترة صمت مدتها 3 أيام يحظر خلالها تماما أي شكل من أشكال الدعاية حتى يتوفر للناخب حرية التفكير دون مؤثرات أو ضغوط محيطة.

وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات في وقت سابق، الحد الأقصى الذي يسمح به قانون الانتخابات الرئاسية، لإنفاق المرشحين على حملاتهم الانتخابية، والذي يقدر بـ 20 مليون جنيه، في الجولة الأولى، و15 مليونا في جولة الإعادة.

كما يسمح قانون الانتخابات لكل مرشح بتلقي تبرعات نقدية أو عينية من الأشخاص المصريين، على ألا يتجاوز مقدار التبرع من أي شخص 2 في المئة من الحد الأقصى المقرر للإنفاق على الحملة الانتخابية.

ويذكر أن عبد الفتاح السيسي، فاز في الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت في 30 مايو 2014، بعد حصوله على 91,96 في المئة من الأصوات مقابل 3 في المئة تقريبا لمنافسه الوحيد القيادي اليساري حمدين صباحي.

ح/م

التعليقات مغلقة.