خالد أبو شكري: انتهى الدور الأول من مونديال روسيا ، وكان الدور حافلا بالمفاجآت لم تكن حتى في حسبان الأكثر إلماما من عشاق الكرة المستديرة .
فقد خرج المنتخب الألماني ،الفائز بكأس العالم الأخيرة ، من الباب الضيق وانسحب بخفي حنين لينضم بذلك الى سجل غير عادي عرفته كؤوس العالم السابقة ، إيطاليا (1950 ، 2010) ، والبرازيل (1966) ، و فرنسا (2002) وإسبانيا (2014) ،وهي المنتخبات التي فازت بالدرع الذهبي وخرجت في المونديال التالي من الدور الأول.
وهذه هي المرة الأولى ،التي تتعطل فيها الماكينة الألمانية ويخرج فيها “المانشافت “من دور المجموعات ،حيث تعثر المنتخب “المثالي تاريخيا” في الدفاع عن تاجه أمام المنتخب المكسيكي (1-0) قبل أن ينهار تماما أمام الضربات الكورية الجنوبية الموجعة (2-0) على الرغم من انتصار ضد السويد فتح باب الآمال (2-1) ،قبل أن يقفل بابها بخيبة كبيرة لم يصدقها حتى الأكثر تشاؤما .
واعتبر عشاق كرة القدم الألمان بأن خروج منتخبهم المفضل “عار تاريخي” بخسارتين مذلتين في ثلاث مباريات ،كما أن “المانشافت” لم يسجل إلا هدفين فقط من 72 تسديدة نحو مرمى الخصوم ،أي ما يعادل 3 بالمائة من نسب النجاح ،وهو المؤشر الأسوء الذي لم يسجله أي فريق مشارك في المونديال .
وعرفت المجموعة السادسة وقائع مثيرة ،خاصة خلال المباراتين الأخيرتين ،فبعد أن تمكن المنتخب المكسيكي من الانتصار في مبارتين وجد نفسه فجأة في وضع سيئ بعد تعثره أمام المنتخب السويدي (3-0) ، حتى أن مسؤولي الفريق المكسيكي ربما فكروا جديا في تغيير تاريخ عودة المنتخب إلى البلاد لولا الهدية التي قدمها لهم المنتخب الكوري الجنوبي ، بعد أن أذلوا المنتخب الألماني ،الذي اعتبر منذ عقود من الفرق القوية إن لم يكن الأقوى ضمن ثلة قليلة من المنتخبات العالمية .
ورغم فرحة المنتخب المكسيكي بالتأهل ،إلا أن ذلك لم يكن بنشوة كبيرة ،إذ أن منتخب “الأزتيك ” مرغم خلال الدور الثاني على مواجهة المنتخب البرازيلي في معركة لن تكون سهلة المنال ،ويتخوف المكسيكيون من المقابلة التي ستجمعهم بأصدقاء نيمار ،خاصة وأن هذا الفريق تطور أداؤه بشكل بين من مقابلة لأخرى ويسير في منحنى تصاعدي ، قد يبدد تطلعات المكسيك لتحقيق أقصى ما يمكن من الإنجازات خلال مونديال روسيا .
ومن تم ،فإن نشوة التأهل بالنسبة للمكسيكيين قد تكون قصيرة ،وما عليهم إلا نسيان فرحة التأهل والاستعداد بعزيمة وإرادة لمواجهة البرازيل ،التي انتزعت تأهلها دون ضرر وعرفت كيف تدبر مبارياتها بثقة عالية وبأريحية و بمنطق الأقوياء ، كالمعتاد ، حتى لو كانوا فقط يحاولون نسيان كارثة مشاركتهم في كأس العالم الماضية.
وبخصوص المنتخبين ،الذين كان الكل يشيد بهما ويعتبرهما من فرق العيار الثقيل ، البرتغال وإسبانيا ، فقد عاشا أوقاتا عصيبة حين مواجهتهما لأسود الأطلس ،الذين لقنوهما درسا لا ينسى قبل الانسحاب من هذا المحفل الكروي العالمي ، وهو ما خفف نسبيا من مرارة الاقصاء الذي مني به المنتخب المغربي لعوامل شتى ، منها كونه كان ضحية “عمى” تقنية الفيديو (فار) غير المرغوب فيها ،والتي طفت فجأة فوق سطح أحداث المقابلة مع المنتخب المغربي وتم الرجوع إليها فجأة لتمنح الإسبان نتيجة التعادل في الدقائق الأخيرة.
ولا شك في أن أداء المغاربة على العشب الأخضر الروسي كان واحدا من أفضل الدورات ،حيث برهن لاعبوا المنتخب على قوة المنافسة وعناد كروي مبهر و لعب ممتع وقدرة على تسجيل الأهداف بعد أن عاكسهم الحظ في مباراتين آلت نتيجتهما الى إيران والبرتغال دون أن يستحقا ذلك.
وكان المنتخب الأرجنتيني ،الذي لعب نهائي نسخة كأس العالم الماضية ،قاب قوسين أو أدنى من الاقصاء من الدور الأول وهو يجر ويلة إذلال لحقه من قبل الكروات (3-0) ،قبل أن يساعده الحظ بهزم المنتخب النيجري في الخمس دقائق الأخيرة ويتأهل الى دور الثمن .،رغم أن زملاء ليونيل ميسي لم يكونوا أنفسهم يصدقون احتمال تأهلهم .
وبثلاثة انتصارات في ثلاث مباريات الدور الأول ، يبدو أن المنتخب الكرواتي في قمة مستواها الآن ،كيف لا والجيل الجديد المتشكل من لاعبين بارزين ،من أمثال نجم ريال مدريد لوكا مودريتش وكذلك نجم إف سي برشلونة إيفان راكيتيتش ونجم إنتر ميلان ماريو ماندزوكيتش ، قد أعطوا الانطباع بأن منتخبهم يحمل آمالا جديدة للمضي بعيدا في مونديال روسيا إسوة بالجيل الكرواتي الذهبي الذي حطم كل شيء في طريقه قبل 20 عاما للوصول إلى المربع الذهبي واحتلال المرتبة الثالثة في مونديال فرنسا سنة 1998 .
وتبقى منتخبات كرواتيا ،بقيادة لوكا مودريتش ، والأوروغواي بنجمه لويس سواريث وبلجيكا بنجمها إيدين هازارد ، الوحيدة التي أثبتت قدرتها على قهر الخصوم والمضي بعيدا بعد حصولها على العلامة الكاملة.
وفي المجموعة الثامنة ، أهدر فريق “أسود تيرانغا ” ، فرصة تمثيل القارة الأفريقية لوحده في الدور الثاني ، عندما كان يحتاج فقط إلى التعادل أمام المنتخب الكولومبي للاستمتاع بالسمسم الغالي.
وبعد التساوي الكامل بين السينغال واليابان ،عادت أحقية المرور للدور الثاني عن المجموعة الثامنة لممثلة القارة الآسيوية بفضل جمعها أقل عدد من الانذارات ،و هذه هي المرة الأولى في تاريخ كأس العالم التي يطبق على فريق ، في هذه الحالة السينغال ، شرط اللعب النظيف (عدد البطائق).
ح/م
التعليقات مغلقة.