أكد وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج اليوم الثلاثاء بالرباط، على ضرورة ترسيخ التربية الفنية والجمالية والإبداعية بالمنظومة التعليمية، مبرزا أهمية دور المكون الفني في تطوير هذه المنظومة .
وأوضح الوزير في افتتاح ندوة وطنية حول التربية على الفنون تحت عنوان “التربية الفنية أساس بناء مدرسة ذات جاذبية ومجتمع مبدع”، وذلك بمناسبة إعادة إصدار مجلة “الفنون” الثقافية، أنه إذا كانت الفنون تحيل إلى مجال واسع من الممارسات، فإن التوافق كلي حول أهميتها في بناء الفرد والمجتمع وفي التنشئة السليمة للأجيال، على المستوى العام، وحول دورها في دعم التعلمات واستيعاب المضامين التعليمية، على الخصوص، مضيفا أن الأكثر تعقيدا على المستوى الوطني والدولي، هو كيفية تدبير العلاقات بين السياسة الثقافية والسياسة التربوية، أو بصيغة أخرى، بحث السبل الكفيلة بجعل الدرس الفني مكونا أساسيا في المنظومة التربوية.
ولاحظ أن الفن باعتباره تعبيرا خاصا ينفلت من كل تقييد وتحديد ويرتبط ارتباطا وثيقا بالحرية، فإن تدبيره يظل على المستوى التربوي والبيداغوجي في حاجة إلى دراية “فنية” أيضا، مشيرا إلى أن تعليم الفنون يحتاج إلى قدر كبير من “الح رفية” لأن المتلقي للدرس الفني يستوعبه بنوع من تجديد إبداعه.
وأكد أن قطاع الثقافة يبذل كل الجهود سواء في توفير تكوينات فنية أكاديمية في مجالات المسرح أو الموسيقى أو الفنون التشكيلية والرسم والديزاين وغيرها أو على مستوى توسيع التغطية الترابية بمؤسسات التكوين الفني وعلى الخصوص المعاهد الموسيقية، مضيفا أنه يعمل أيضا على إعادة هيكلة التعليم الفني على مستوى القوانين لجعله يواكب ما عرفته المملكة من تحولات، وما عرفته الفنون من تطورات وما تلعبه من أدوار جديدة في المنظومة التنموية عبر تأهيل الصناعات الثقافية.
وقال السيد الاعرج “إننا نتوفر على رصيد مهم في تدريس الفنون يجعلنا قادرين على تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، غير أنه لا بد أن نعترف أيضا بحصول تأخر كبير في احتلال بلادنا لمراتب الريادة إذا استحضرنا أن التدريس الأكاديمي للفنون انطلق منذ سنة 1927، وهو امتداد زمني طويل لم يتحقق فيه التراكم الضروري”.
وأضاف أن المغرب يتوفر اليوم على تجربة وطنية مهمة وعلى تجارب مقارنة كفيلة بصياغة منظومة متكاملة للتربية الفنية تقوم أولا على الاستيعاب الجيد للحقول الفنية، وعلى حسن استثمارها في تشكيل ودعم مدرسة الجودة، مبرزا أن ذلك يتطلب تدبيرا أفقيا لهذا المجال تتدخل فيه كافة القطاعات المعنية وذلك لجعل التربية الفنية معطى مرافقا للفرد والجماعة على طول مسارات التنشئة والتكوين والتأهيل.
من جانبه، قال وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي إن تعزيز العرض المدرسي رهين بتكريس التخصصات على مستوى البحث والتكاملية بين العلوم الأساسية والعلوم التطبيقية والعلوم الانسانية والاجتماعية والآداب والفنون.
وأضاف الوزير في كلمة تليت نيابة عنه أن الوزارة تسهر على إعداد فضاءات مخصصة للثقافة والفنون في مختلف المؤسسات المدرسية بالمملكة، باعتبارها فضاءات للمعرفة من شأنها الارتقاء بالقدرة الفكرية للتلاميذ.
كما أكد أن التربية الفنية تشكل رافعة حقيقية لتطوير التعليم، مجددا استعداد الوزارة للعمل على إدماج المكون الفني في ميدان التكوين، بالنظر إلى الدور الهام الذي تضطلع به الانشطة الثقافية والفنية في التكوين والتربية على القيم
من جانبه، قال المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج السيد محمد صالح التامك، في كلمة تليت نيابة عنه، إنه ينبغي إيلاء أهمية خاصة للتربية الفنية عند إعداد السياسات العمومية، وذلك انسجاما مع المكانة التي يحتلها المغرب على الصعيد الدولي، بعد اعتماد دستور 2011، وجعل قوانينه تتماشى مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال.
وأبرز السيد التامك، في هذا الصدد، أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لم تدخر أي جهد من أجل تحسين أوضاع السجناء، وخاصة في المحور المتعلق بالتكوين وتنمية الملكات الثقافية، بما يتماشى مع العناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الفئة.
كما استعرض، بالمناسبة، مختلف أوراش المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والبرامج التي انخرطت فيها خاصة المتعلقة بالتربية وإعادة الإدماج والجوانب الثقافية والتربوية، مشيرا بالخصوص إلى برنامج الجامعة في السجون الذي يشمل ندوات وأنشطة ذات طابع ثقافي وتربوي وإبداعي، ينشطها خبراء مغاربة ودوليون في مجال إعادة الإدماج، وكذا فنانون وجمعيات، بالإضافة إلى نشر مجلة ” دفاتر السجين ” المخصصة للإبداعات الأدبية والفكرية والفنية للسجناء تحت إشراف لجنة تتكون من أساتذة وخبراء.
وذكر السيد التامك، في السياق ذاته، أيضا بمبادرة “المقهى الثقافي”، التي تنظمها المندوبية على الصعيد الوطني، لفائدة السجناء، من أجل تشجيع الاهتمام بالثقافة والتفاعل مع شخصيات العالم الثقافي والفني، فضلا عن تنظيم الدورة الأولى لمهرجان عكاشة للفيلم بالدار البيضاء.
وتهدف هذه الندوة إلى فتح وتعميق النقاش حول سبل دمج التربية الفنية والجمالية والإبداعية في النظام التعليمي، والذي يشمل الفنون التشكيلية والبصرية والموسيقى وفنون الرقص والمسرح، بهدف تعزيز الرأسمال الثقافي الوطني والمساهمة في دمقرطة العمل الفني والثقافي في المغرب، الذي يعد أحد الشروط الأساسية لتعزيز القيم والحفاظ على الهوية الثقافية والتراث الإنساني والفني والأدبي.
ومع/حدث
التعليقات مغلقة.