انطلاق أشغال المؤتمر الوطني السادس للنهوض باللغة العربية حول موضوع السياسة التعليمية بالمغرب – حدث كم

انطلاق أشغال المؤتمر الوطني السادس للنهوض باللغة العربية حول موضوع السياسة التعليمية بالمغرب

انطلقت اليوم الجمعة بالرباط، أشغال المؤتمر الوطني السادس للنهوض باللغة العربية، الذي يخصص دورته لهذه السنة لمناقشة موضوع اللغة العربية والسياسة التعليمية بالمغرب.

وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي ينظمه الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية تحت شعار “نحو استراتيجية وطنية للنهوض باللغة العربية”، أبرز رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني أهمية النقاش اللغوي الذي ما فتئ يتجدد، مذكرا بأن دستور المملكة كرس اللغة العربية كلغة رسمية وارتقى بالأمازيغية لتصبح بدورها لغة رسمية، كما كرس التعددية اللغوية بالمغرب. وشدد السيد العثماني على أن “اللغة مقوم حيوي في حياة الأمم” وأن النهوض باللغات الوطنية ليس فقط واجبا، بل هو حق لأي شعب من الشعوب. ودعا رئيس الحكومة الجميع، من مواطنين وفاعلين ومجتمع مدني، إلى الاضطلاع بدور طلائعي وإحداث دينامية مجتمعية لتبويء اللغة العربية المكانة التي تستحقها في مختلف مناحي الحياة، إلى جانب الأمازيغية. وسجل رئيس الحكومة تزايد استعمال اللغة العربية في الإدارات المغربية، لكنه ما يزال ضعيفا في بعض الإدارات، مذكرا في هذا الصدد بأنه سبق له أن أصدر مذكرة تقضي بضرورة استعمال العربية والأمازيغية في المراسلات الرسمية تنزيلا لمقتضيات الدستور المغربي.

من جهته، اعتبر الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد مصطفى الخلفي، أن تنظيم هذا المؤتمر حول اللغة العربية يعكس دينامية المجتمع المدني باعتباره فاعلا أساسيا يشكل قوة اقتراحية ويقدم مبادرات في تقييم السياسات العمومية في ورش التنمية والتحديث، بما يشمل سياسة لغوية قائمة على أحكام الدستور.

وسجل السيد الخلفي أن المؤتمر يأتي في خضم نقاش متواصل منذ سنة 2011 عندما أقر الدستور المغربي مبادئ واضحة تهم السياسة اللغوية بالمملكة، تقوم على التأكيد على الطابع الرسمي للغة العربية وعلى تنمية استعمالها وحمايتها وعلى دسترة الطابع الرسمي للأمازيغية وإرساء سياسة لغوية قوامها التعددية والانفتاح وصيانة اللغتين الرسميتين للبلاد.

وأبرز الوزير أن التحدي المطروح حاليا يتمثل في النهوض باللغة العربية، إلى جانب الأمازيغية، لتتبوأ مكانتها اللائقة بها في الحياة العامة وفي مجموع المنظومة المؤسساتية بالمملكة.

كما ألقى عدد من المتدخلين كلمات خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث أبرز رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، السيد فؤاد بوعلي، أن اختيار واقع اللغة العربية داخل السياسة التعليمية بالمغرب موضوعا للمؤتمر السادس يروم مساءلة أسباب الإخفاقات دون إنكار المنجزات، مع تقديم بدائل حقيقية يساهم فيها الائتلاف برؤيته للشأن الثقافي، بصفته فاعلا مجتمعيا رئيسيا في النقاش اللغوي العمومي.

وشدد السيد بوعلي على أن أي تنزيل سليم للنص الدستوري لا يمكن أن يتم إلا داخل توافق وطني تشارك فيه جميع الأطياف المجتمعية، باعتبار قضية اللغة قضية مجتمع وليست قضية مؤسسات فقط.

أما السيد حسن الصميلي، عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، فأشار إلى أن الرافعة الاستراتيجية للمجلس برسم الفترة 2015-2030 خصصت رافعة كاملة للغات وبنت منظورا شموليا يعتبر التمكن من اللغات عاملا أساسيا لتحسين جودة التعلمات وتعميم هذه الجودة، من جهة، وتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص، من جهة أخرى.

وحددت الرؤية في إطار هذه الرافعة، يضيف السيد الصميلي، وضع كل لغة في منظومة التربية والتكوين، وهو ما مكن من بناء هندسة لغوية أكدت على أن اللغة العربية هي اللغة الأساس والأولى في التمدرس، وأن من الضروري تنميتها وتعزيز استعمالها في مختلف مجالات العلم والمعرفة والثقافة والحياة، وتنميتها وتبسيطها وتحسين تعلمها.

من جهته، أكد السيد مبارك ربيع، رئيس اللجنة الثقافية بمؤسسة علال الفاسي، على أن النقاش العمومي حول المسألة اللغوية بالمملكة ينبغي أن يستحضر ثوابت الأمة ومكونات شخصيتها الحضارية والإنسانية، التي تشمل الحق والواجب الأساسي في التقدم والتطور باعتبار أن اللغة تتطور وتغتني بالاستعمال والاجتهاد.

واعتبر السيد ربيع أن خصوصية اللغة العربية وما تنطوي عليه من صعوبات تعلمية، شأنها شأن باقي اللغات، يفرض جهودا واجتهادات عملية على المستوى البيداغوجي بمتطلباته المختلفة التي من شأنها تذليل الصعوبات التعلمية بمختلف مستوياتها وتجسيد المحتوى العملي لمفهوم تكافؤ الفرص.

وتم بهذه المناسبة تكريم كل من الأكاديمي واللغوي المغربي الدكتور عبد العلي الودغيري بصفته شخصية السنة، والأستاذ عبد الرحيم بنشيخي بصفته إعلامي السنة، ومكتب تنسيق التعريب (الألكسو) عن أفضل مشروع للسنة.

وتلت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر جلسة علمية افتتاحية تناولت لغة التدريس من حيث تصحيح المفاهيم ودفع الشبهات، ولغة التدريس في دول الجنوب باعتبارها قضية حضارية. وتستمر أشغال المؤتمر غدا السبت، حيث سينكب المشاركون في جلسة علمية ثانية على مناقشة السياسة اللغوية في تعليم العربية، واللغة العربية في التعليم المغربي بين الواقع والمأمول، ومكانة اللغة العربية في السياسة التعليمية بالمغرب، وتدبير الوضع اللغوي بالمؤسسات التعليمية بين نوايا التخطيط وواقع الممارس، والسياسة التعليمية بالمغرب بين مجازفة المخططات وتحديات الواقع، ومداخل إصلاح درس العربية في المدرسة المغربي.

كما ستعقد في إطار المؤتمر جلسة علمية ثالثة تتمحور حول الفسيفساء اللغوية في المغرب وضرورة اللحمة اللغوية، وتدريس اللغات ولغات التدريس، وسؤال التعدد اللغوي في التعليم، وتدريس اللغات وتعلمها، وتدعيم اللغة العربية بالمغرب بين الواقع والبديل، وتعليم اللغة العربية عند مغاربة أوربا ومدارس البعثات بالمغرب، والسؤال اللغوي في التعليم المغربي بين مطرقة اللغات الأجنبية وسندان الخطاب السياسوي المزدوج.

ح/م

التعليقات مغلقة.