كوب 22 : مؤتمر برهان مزدوج في مواجهة مناخ ثائر – حدث كم

كوب 22 : مؤتمر برهان مزدوج في مواجهة مناخ ثائر

سمية العرقوبي: يعد المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22)، الذي ينعقد ما بين 7 و18 نونبر الجاري بمراكش، مؤتمرا برهان مزدوج يتعين عليه المرور إلى العمل من أجل مواجهة مناخ ثائر يهدد سلامة أزيد من سبعة ملايير نسمة ويقض مضجعهم.
فالمشاركون في مؤتمر المناخ مدعوون إلى اجتياز الاختبار الصعب المتمثل في “العمل” الذي تحدثت عنه رئيسة كوب 21 سيغولين روايال قبل أن يصبح لازمة تتردد في كافة البلدان والهيئات، من أجل تحديد السبل الكفيلة بتنفيذ اتفاق باريس بشأن المناخ.
كما أن أطراف الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية مطالبون بتسريع الجهود قبل سنة 2020 من أجل تقليص تأثير التغيرات المناخية مع احترام حقوق الإنسان التي نص عليها اتفاق باريس حول المناخ.
وإذا كانت المصادقة على اتفاق باريس قد تحققت في زمن قياسي (أقل من سنة)، أقل بكثير مقارنة باتفاق كيوطو (8 سنوات)، فإنه يتعين على الأطراف ال197 العمل على تضافر مجهوداتهم لإظهار مدى النضج والحكمة التي تتحلى بها من أجل أجرأته وإلا فإنه لن يكون له أية أهمية. 
ودخل اتفاق باريس حيز التنفيذ يوم الجمعة 4 نونبر، بعدما صادقت عليه 94 دولة تصدر عنها 66 في المائة من الانبعاثات العالمية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، متجاوزة بذلك الهدف المحدد في بلوغ 55 بلدا على الاقل يمثلون 55 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة. 
وخلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر الماضي صادقت 60 دولة تصدر حوالي 48 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على اتفاق باريس، لتليها بعد ذلك الصين والولايات المتحدة، أكبر دولتين متسببتين في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (على التوالي 20 و18 في المائة من الانبعاثات)، ثم الهند (4 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة) والاتحاد الأوروبي (12 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة).
وتقع على عاتق قمة “كوب 22 ” المهمة الصعبة المتمثلة في إيجاد توافق حول سبل تنفيذ اتفاق باريس، الذي لم يذخر مهندسوه جهدا حتى لا يكون مآله مثل اتفاقي كيوطو وكوبنهاكن (2009)، اللذين يصفهما الخبراء بالفاشلين.
وقد كان لاتفاق باريس الجرأة لفرض احترام حقوق الانسان بشكل صريح، من قبيل الحق في الصحة وحقوق الشعوب الأصلية، والمجتمعات المحلية، والمهاجرين، والأطفال، والأشخاص المعاقين، والأشخاص في وضعية هشة، والحق في التنمية، فضلا عن المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة والإنصاف بين الأجيال.
ويتعين على “كوب 22 ” بمراكش رفع تحديات إدماج هذه الحقوق في السياسات الوطنية بغية وضع حد للفوارق. كما ستكون هذه القمة الكونية مناسبة لتطوير برامج عمل بشأن المناخ المتوقعة في مخطط باريس-ليما وباريس-مراكش.
وبإلقاء نظرة على البرنامج الغني لهذا المؤتمر العالمي، يتبين أن الدول ستناقش مواضيع هامة تخص الدول الهشة أمام التغيرات المناخية، ولاسيما في إفريقيا.
وفي هذا الصدد، ستكون الفلاحة، التي تشغل أزيد من 60 في المائة من الساكنة النشيطة في إفريقيا، حاضرة في النقاشات والمفاوضات. ويشار إلى أن البلد المضيف للكوب يعد مهندس مبادرة “تريبل أ (تكيف-إفريقيا-فلاحة)”.
ومن الضروري، أن يستجيب هذا القطاع لمسألة التكيف مع التغيرات المناخية وتأمين الاحتياجات الغذائية لقارة من المتوقع أن يتضاعف تعداد سكانها، الذي يصل حاليا إلى 2,5 مليار نسمة بحلول سنة 2050. هذا الأمر يتطلب، بحسب وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، “مضاعفة إنتاجها الفلاحي بحلول سنة 2030 ومضاعفته ثلاث مرات في أفق سنة 2050 “.
ويتوجب على الدول الإفريقية، التي تتحمل مسؤولية أقل في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتي ستعاني أكثر من نقص المياه بحلول سنة 2020 وستتعرض بالتالي للجفاف والأوبئة، أن تسمع صوتها بخصوص مسألة تمويل المناخ.
وحسب تقرير لأمانة الاتفاقية الإطار للأمم المتحددة بشأن التغيرات المناخية سنة 2007، فإن هذه التمويلات، التي من المرتقب أن تصل إلى 100 مليار دولار بحلول سنة 2020، من المفروض أن تساعد الدول الأقل تقدما، بما في ذلك إفريقيا، في تحمل تكلفة التكيف مع التغيرات المناخية التي من المرجح أن تتراوح في هذه البلدان ما بين 28 و67 مليار دولار بحلول سنة 2020. 
كما ستكون مواضيع أخرى من قبيل الطاقة والماء والنقل والصناعة والتجارة والتعليم والشفافية ونقل التكنولوجيا في صلب مواضيع الجلسات العامة الأحداث الخاصة “لكوب 22”.
وإذا كان رهان “كوب 21 ” بباريس هو اعتماد اتفاق قانوني وملزم بخصوص مواجهة التغيرات المناخية، فيتعين على” كوب 22 ” بمراكش المرور إلى العمل من أجل تبديد مخاوف الإنسانية وتقليص ارتفاع معدل درجة الحرارة في الكون إلى ما دون درجتين مئويتين مقارنة بمستوايات ما قبل التصنيع، ومواصلة العمل من أجل بلوغ درجة ونصف.

حدث كم/ماب

التعليقات مغلقة.