المستشفى المدني المتنقل بدائرة القباب في خنيفرة : انشراح بعد الألم وشفاء بعد المرض – حدث كم

المستشفى المدني المتنقل بدائرة القباب في خنيفرة : انشراح بعد الألم وشفاء بعد المرض

على بعد 30 كليومترا جنوب مدينة خنيفرة، أقامت وزارة الصحة، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، المستشفى المدني المتنقل بجماعة القباب، وذلك من أجل توفير العلاجات والمساعدة الطبية للآلاف من ساكنة الإقليم، الذي يتميز بقساوة المناخ وحالة الهشاشة.
يشد انتباهك وأنت تلج مدخل المستشفى، منذ الصباح الباكر، ذلك العدد الهائل من ساكنة الجماعة والمداشر المجاورة التي تقصده … نساء، ورجال، وشباب وأطفال، اصطفوا في طوابير طويلة والأمل يحدوهم في أن يجدوا لدى الطاقم الطبي والتمريضي للمشفى الانشراح بعد الألم، والشفاء بعد المرض.
كما أن زيارة الخيام الـ35 المكونة للمستشفى، تمكن الزائر من الوقوف على الجهود التي يبذلها الطاقم الطبي، الذي يعمل على قدم وساق ودون كلل أو ملل، على التخفيف من آلام الساكنة المحلية، على اختلاف أحوالهم الصحية وتنوع إصاباتهم، وتعدد فئاتهم العمرية.
وإذا كانت المنطقة تشهد في فصل الشتاء مناخا يتسم بالانخفاض الشديد في درجات الحرارة، وغزارة التساقطات المطرية والثلجية، مما يصعب من ظروف العمل داخل الخيام، فإن ذلك لم يمنع قط طاقم المستشفى من مضاعفة الجهود لتقديم مجموعة من الخدمات الاستشفائية من مختلف التخصصات الطبية والجراحية. وسجل مدير المستشفى المتنقل، الدكتور عمر العلوي، أن الطاقمين الطبي والتمريضي يعملان وفق “تنظيم محكم” و”استراتيجية تنظيمية تتسم بالدقة”، ترتكز على استقبال الوافدين وتشخيص المرض، ثم إحالتهم على الطبيب المعالج، كل حسب حالته، ليستفيدوا بعد ذلك من الأدوية، إضافة إلى التكفل العاجل بالحالات التي تستلزم إجراء عمليات جراحية. وأضاف الدكتور العلوي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه يتم إجراء فحوصات مجانية وشاملة لكل حالة على حدة، والتي تقوم في مجملها على قياس وتيرة دقات القلب، والضغط الدموي، ونسبة السكر في الدم، وطب الأسرة وأمراض الأطفال، موضحا أن الحالات المستعصية، التي تتطلب إجراء عمليات معقدة، يتم نقلها إلى مراكز استشفائية قريبة بواسطة المروحية الطبية. وأبرز أن المستشفى المتنقل مجهز بأحدث التقنيات والتجهيزات الطبية، من قبيل التصوير الإشعاعي الرقمي والايكوغرافيا وجهاز السكانير المتنقل والتصوير بالصدى للقلب والشرايين، إلى جانب الكشف الوظيفي (جهاز كشف المعي الغليظ، وقياس القدرة السمعية والتنفسية، وقياس البصر)، ومختبر لإجراء التحليلات البيوكيميائية، وبنك للدم، ووحدة متنقلة لطب الفم والأسنان. فمن خيمة الطب العام، إلى الخيام المخصصة لأمراض القلب والشرايين، وطب العيون، وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، وطب الأسنان، والجراحة بمختلف أنواعها، مرورا بقاعات الكشف الوظيفي وانتهاء بالصيدلية، حيث يتم توزيع الأدوية مجانا، يجد الوافدون (الذين تفوق أعدادهم أحيانا 400 وافد يوميا) في استقبالهم طاقما طبيا وتمريضيا وآخر للمواكبة، يقدم لهم الاستشارات والفحوصات والخدمات الطبية اللازمة.
ومن المتوقع أن تستفيد من خدمات المستشفى المتنقل 11 جماعة قروية تابعة لإقليم خنيفرة، أي ما يعادل 75 ألف نسمة، بالإضافة إلى سكان المناطق المجاورة. ويقدم المستشفى يوميا ما يقارب 400 استشارة طبية وأزيد من 500 وصفة طبية، إضافة إلى العمليات الجراحية التي يجريها طاقم طبي راكم خبرة على مدى سنوات، وسبق له أن شارك في العديد من المستشفيات الميدانية.
ومن ناحية أخرى، عبرت ساكنة المناطق الجبلية، التي توافدت على هذا المستشفى، عن ارتياحها وسعادتها الغامرة للالتفاتة الملكية السامية والرعاية المولوية التي حظيت بها هذه المناطق، خاصة في ما يتعلق بتقديم خدمات طبية متعددة التخصصات لفائدة ساكنة الجماعات الترابية القروية والجبلية المتضررة من موجة البرد القارس.
ووصف عدد من المستفيدين، في تصريحات استقتها الوكالة، إقامة المستشفى بأنها مبادرة محمودة لا مثيل لها، مؤكدين أن الأطر الطبية والتمريضية في المستشفى المتنقل تتعامل معهم بمودة وإنسانية، ولا تكتفي بتقديم الخدمات الصحية والطبية، بل تتجاوز ذلك إلى أبعاد إنسانية تلامس الوجدان والمشاعر.
وفي هذا الصدد، أكد أحمد .ب (60 عاما)، الذي استفاد من عملية جراحية لإزالة المياه البيضاء من العين “الجلالة” تكللت بالنجاح، أن الرعاية الطبية والإنسانية التي حظي بها لا تقف عند حدود العملية الجراحية فقط، بل تستمر بعدها في فترة النقاهة برعاية صحية وفحوص دورية للاطمئنان على سير العملية وسلامة المريض.
وقال “كنت عاجزا، مكتوف اليدين، تحول حالتي المادية دون تأمين تكاليف العلاج الباهظة، فجاءت مبادرة المستشفى المدني المتنقل، والتي كانت بمثابة بلسم مكنني من استرداد البصر”. 
وأمام صيدلية المستشفى، جلست المستفيدة فاطنة .م (45 سنة)، التي تعاني من بحة في الصوت، نتيجة إصابتها بالتهاب رئوي بسبب شدة البرد، على كرسي بمدخل الخيمة تنتظر دورها بين مرضى آخرين للاستفادة من الدواء الذي وصفه لها الطبيب المعالج. ورغم أنها تجد صعوبة في الكلام، فقد أبت السيدة فاطنة إلا أن تعرب، في تصريح مقتضب للوكالة، عن سرورها لأن “طاقم المستشفى المتمرس وفر لي العناية اللازمة وأجرى لي الفحوصات بالمجان”. حان الوقت لاستلام الدواء، بدت البسمة والرضا واضحة على محيا فاطنة، معربة عن شكرها وامتنانها “لجلالة الملك، وللطاقم الطبي والتمريضي المشرف على المستشفى”.

حدث كم/ماب

التعليقات مغلقة.