الاختلاف في الانتقال الديمقراطي لا يفسد ود المنهجية الديمقراطية 2/2 – حدث كم

الاختلاف في الانتقال الديمقراطي لا يفسد ود المنهجية الديمقراطية 2/2

ذ.عبد المجيد الحمداوي:  تختبرنا كورونا اجتماعيا، وتساءل أنظامتنا الاقتصادية والسياسية على الخصوص. ولا يهم كورونا ما قام به زعماء بصمت أفكارهم التاريخ.

وعبر القارات، من آسيا غاندي الزعيم الهندي الذي اشتهر بثقافة اللاعنف وسياسة المقاومة السلمية، وانتهت حياته باغتياله بالخيانة العظمى، وماوتسي تونغ حاكم الصين الشيوعية المجنون، صادر غداء الشعب الصيني لصالح السوفييت، مقابل المصانع والأسلحة.

وإلى أوروبا الشرقية، غورباتشوف، شهد عهده محاولات إصلاحية أدى فشلها إلى تفكك الاتحاد واستقلال الجمهوريات المكونة له.

ومن عمق افريقيا، زعيم الحرية نيلسون مانديلا، امتدت مسيرته المناضلة لأجل العدالة والمساواة، ‏من إفريقيا إلى العالم العربي.‏

بينما تشي جيفارة زعيم الثورة في أمريكا اللاتينية إلى جانب  كاسترو، رسم ايديولوجيا الثورة على الأساس الماركسي اللينيني، وانتهت حياته بقتله رميا بالرصاص.

وكمال اتاتورك، ظهر لإلغاء الخلافة العثمانية، لقطع علاقة تركيا بالإسلام. وقبله ، سطع اسم صلاح الدين الأيوبي، القائد العربي الملقب بقاهر الصليبيين.

لا تهم كورونا الاحداث التي تم سردها وغيرها بكثير، لأن الواقع على الأرض، مزيج من العوامل العرقية والسياسية والاقتصادية والشخصية، وليس المعتقدات الدينية فقط.

ونحن هل يسمح لنا النظر اليوم، في رموز ودلالات الأحداث والوقائع المتتالية، وفي تطور التمثلات والخطابات والأفكار، للوقوف عند مقولة “الانتقال الديمقراطي” التي لم تنته بعد.

انطلقت المرحلة في عهد الراحل الملك الحسن الثاني بالتناوب على السلطة، وتتطور في عهد الملك محمد السادس بالمنهجية الديمقراطية، والخيط الرابط بينهما الانتخابات بهوية مغربية ما هي غربية ولا شرقية.

وبالعودة إلى مغامرة البحث عن إنقاذ السفينة العالقة في “أمواج كورونا”، دخلت الأحزاب السياسية على الخط، في إطار مشاورات مع الحكومة، لإشراكهم في كيفية إنقاذ السفينة التي تتلاطمها “أمواج كورونا”،  ويعود مع هذه المشاورات “عودة حليمة إلى عادتها القديمة” النقاش نحو الانتخابات المقبلة ، وبرامجها الانتخابية بشعار جديد”.

لنغوص جميعا مع ضيوفنا في صلب الموضوع.

بالواضح الصريح، استخفت النائبة ماء العينين، من قدرة الأحزاب على  تقديم بديل اقتصادي للبلاد، لأنها لا تتوفر على أطر لها ما يكفي من الخبرة والكفاءة في هذا المجال.

 

وعكس على ما قالته الناىبة البرلمانية،  قال الوزير الغراس أن الأحزاب كان لها حضور في زمن كورونا، ليس فقط من خلال تمثيليتها في الحكومة والجماعات الترابية، بل أيضا بمشاركة أطرها وكفاءتها في صياغة المذكرة، وزاد قائلا: ” ساهم أطر الحركة الشعبية في وضع مقترحات وحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية لمواجهة آثار ما بعد انتهاء الوباء، و مقترحات اخرى حول تجويد العمل المؤسساتي والسياسي.

ولم تخف ماء العينين سرا، وهي تتحدث عن الوضع السياسي ببلادنا، قائلة” إن الأحزاب تعيش اليوم تحت ضغوطات صحافة التشهير، و قياداتها السياسية صامتة،غير آبهة بالنقاش العمومي ولا تطرح بدائل مجتمع  يعيش تحت وطأة زلزال اجتماعي.” وتضيف، بدل أن تقف الأحزاب على أسباب إفراغ المؤسسة الحزبية من النخب السياسية ، وتكف عن قمع النقاش الحزبي الداخلي، تكتفي في كل مناسبة بتعليق فشلها على الدولة.

بينما تؤكد اطروحة الاتحادي عبد الحميد جماهيري، أن للدولة محور رئيسي في الانتقال الديمقراطي، انطلاقا من أن الأحزاب جزء من الدولة

مذكرا في هذا السياق، أنه لما توافق الاتحاد الاشتراكي مع المؤسسة الملكية في 1994،  فذلك لم يكن يعني لدى الاتحاديين، أن يتوافق الكاتب الإقليمي للحزب مع العامل والكاتب المحلي مع القائد.

أما المتفق عليه جميعا اليوم، هو الذهاب نحو مرحلة سياسية مقبلة، “يدخل المواطن السياسة وأن يخرج منها بدون إثراء،” لأن كل إثراء مجهول يعتبر سرقة..

بينما يرى الوزير الحركي الغراس، أنه لا يمكن تحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي إلا من خلال عنصرين أساسيين، اولا  تجديد مصالحة الأحزاب مع المواطنين، بمراجعة جذرية لشروط منح التزكيات للترشيح، وعوض أن تقتصر الأحزاب على طلب على شهادة حسن السيرة فقط، يجب ان تضع حدا مع المتهربين من أداء واجبات الأجراء والعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و المتملصين من أداء الضرائب .

وثانيا وضع ميثاق اجتماعي وسياسي جديد يحترم فيه مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويحد من الريع الإقتصادي والسياسي، ويحمي الانتخابات من ناهبي المال، حتى لا يظل الهدف  من المشاركة في الانتخابات هو البحث عن المقاعد على حساب ثقة المواطن وسمعة الوطن وعلى حساب الممارسة الديمقراطية

ولخروج الأحزاب السياسية من هذا المأزق السياسي، ترى برلمانية “البيجيدي”، أن الوقت حان لانكباب الأحزاب والدولة على تقييم مرحلة ما بعد دستور 2011، وهي المرحلة التي قادت فيها العدالة والتنمية مرتين “سفينة التناوب” على تدبير الشأن العام، والتي تزامنت مع “الولادة القيصرية ” لحزب “إلياس العماري”، وما نجم عنها “جزر ديمقراطي”، و” تسونامي سياسي” أو ما سمي ب” البلوكاج” الذي أبعد بنكيران، لصعود العثماني ب “ما لها وما عليها !”.

وتسائلت في ذات الوقت :”هل إذن عفا الله على ما ساد الانتخابات السابقة منذ بداية تجربة التناوب التوافقي ، وهل رفع القلم على التنافس الإيجابي، وهل الظروف المقبلة مناسبة تسمح للمواطن ان يصوت تصويتا سياسيا؟

فكان رد الاتحادي جماهيري واضحا قائلا: ” ليس بديهيا، ان يغيب عن النقاش الثمن الغالي جدا الذي دفعته بعض الأحزاب، كما لا يمكن لعقد من الزمن أو أكثر” حقبة حكم العدالة والتنمية” أن يضمد الجراح التي مست فيها الحاضنة الأساسية وبما فيها الحاضنة الشعبية.”،  مضيفا أن أي نقاش أو تقييم

للمرحلة السابقة، تساؤل الضمير السياسي حول التناقضات العامة للدولة وتداعياتها على الأحزاب الوطنية بما فيها الأحزاب التي اختارت سياسة الهدنة

وعاد متساءلا: “لماذا ومنذ 60 سنة من الاستقلال، كلما اقترب موعد الانتخابات إلا ويعاد النقاش من جديد  حول النظام  الانتخابي؟” موضخا انه وحتى إذا افترضنا أن هذا النقاش ضروري وطبيعي حول الانتخابات المقبلة، فأملنا أن يكون مناسبة لتجديد وتقوية السيادة الشعبية في تحديد طبيعة الدولة المغربية وإنتاج النخب التي ستقود الاصلاحات المؤسساتية.

لكن بالنسبة للحركي الليبرالي، يبقى عزوف المواطن عن المشاركة في الاستحقاقات الديمقراطية من بين إحدى إشكالية الديمقراطية الحقيقية المطروحة،

ومن غير المعقول، باسم الديمقراطية – يقول الوزير الغراس-، باسم الديمقراطية ، نحد على رأس جماعة ترابية لا علاقة له بقواعد الادبير والتسيير.

والملاحظ هو لماذا نسبة مشاركة المواطن القروي في الانتخابات مهمة، لأن المواطن في الحواضر فقد ثقته في الفاعل السياسي، وهذا خطأ يجب أن تتحمله الأحزاب برمتها، لأنها لم تحسن تأطير الشارع، ولم تمنح التزكية إلى وجوه انتخابية غير مستهلكة سياسيا، أو لها سوابق معروفة.

ومن اجل الرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات، يجب اولا وضع شروط لانتخاب رؤساء المجالس، من بينها قدرة اتخاذ المبادرة للتنمية الترابية ، بدل البقاء رهينة للمشاريع الممولة من طرف الدولة.

وثانيا أن لا يبقى دور المنتخب مقتصرا فقط على حل مشاكل المواطن مع السلطة، والمحكمة، وتقديم العزاء وزيارة المريض، وحضور الاعراس.

ثالثا وأخيرا الرفع من نسبة “كوطا’ الشباب ودعم المرأة خصوصا في العالم القروي والمناطق الجبلية.

كل هذه الإجراءات وأخرى بإمكانها إعادة ثقة المواطنين في الفاعلين السياسيين، والحد من ظاهرة العزوف التي لا تليق بسمعة مغرب اليوم

في الختام، يمكن القول، كلنا أمل في مغرب اليوم، مغرب تحت القيادة الرشيدة والحكيمة للمؤسسة الملكية، وكلنا تفاؤل أن سفينة مغربنا، لا خوف عليها ولا يحزنون، وتتسع لجميع أبناء الوطن، كل واحد منهم يقوم بدوره خوفا على إغراق السفينة، وكلنا أمل أن الجميع ربابنة وأطقم، يفكرون بعمق وإيجابيا في مغرب ما بعد الوباء.

التعليقات مغلقة.