لنترك لغة التخوين..!؟ – حدث كم

لنترك لغة التخوين..!؟

علال المراكشي:  لنكن واقعين، ونترك لغة دغدغة المشاعر والعواطف والاتجار بالقضية الفلسطينية ، واستغلال المواطنين السذج عاطفيا ودينيا، لأن ذلك لم يجدي نفعا، بقدر ما عطل النماء الاجتماعي والفكري، وعرقل توعية المواطنين ، لتحقق المصالح العليا للامة العربية الاسلامية.

وتأخر الامة العربية الاسلامية، والمملكة المغربية واحدة منها، هو استحضار المعارضين لقضية التطبيع مع اسرائيل، الايديولوجية الدينية في العلاقات الدولية، في حين أن هذه الأخيرة تحكمها وتحددها المصالح الأستراتيجية، لكل بلد، والذي يزيد من مرارة سخرية الوضع في عالمنا العربي- الاسلامي، هو أن شعار التضامن،باسم الدين واللغة ومناصرة القضية الفلسطينية، مجرد شعارات جامدة.

وعلى المعارضين، الذين ينددون ويهاجمون القرارالمغريي، أن يدركوا بأن حرية الرأي والمواقف السياسية والفكرية، لا يحكمها الاجماع، ولا يحددها رأي الأغلبية، ولا التيار العام السائد، ولا الانضباط لتعليمات جهة ما، انها حق مبدئي،لكل شخص،أو أي طرف في الحياة السياسية، وحتى عندما يتعلق الأمر بالمقدسات،فان هامش الرأي المختلف يظل مساحة مقدسة،لأن مبدأ السياسة بصفة عامة هي المصالح،وعلى بعض المواطنين الراديكاليين وكذلك الفاعلين السياسيين والمدنيين،الذين يساندون القضية الفلسطينية، أن لا يكونوا مثل الفلسطينيين، الذين يتمتعون خارج أرض فلسطين، يكيلون بمكيالين ،على حساب معانات الشعب الفلسطيني.

لذلك أقول للمعارضين ، للخطوة الجريئة الشجاعة التي اتخذتها المملكة المغربية،وفق ما تمليه المصلحة العليا للوطن، خصوصا بعد القرار التاريخي ،للرئيس الأمريكي،”دونالد ترامب”،الاعتراف بالسيادة المغربية على كافة أقاليمه الجنوبية،وأكثر من هذا، فاسرائيل دولة قائمة الذات،قوية اقتصاديا وسياسيا،وقوة نووية في المنطقة، وعضو في الأمم المتحدة، وعضو فاعل في اتفاقية فيينا لحقوق الانسان،كما لها،علاقات ديبلوماسية مع مختلف دول العالم.

وأساس نهضة الشعوب والامم في عصرنا الحالي، كما في الماضي،هو العلم والعقلانية،بجانب الديموقراطية وحقوق الانسان، وليس التشدد في الدين،والتمسك بالتقاليد القديمة،التي لم تعد تصلح لعصرنا الحالي.

ولا أظن أن هذه الأمور تغيب عن ذاكرة الممانعين للتطبيع، لذلك فالقرار الذي اتخذه المغرب،سليم ويتماشى مع التحولات الاقليمية والدولية، ولنا أن ننظر الى استحالة حل القضية الفلسطينة،بعد أزيد من ستة عقود،وما تكبدته الامة العربية الاسلامية،من خسائر في الارواح والاراضي والاموال ،بسبب الساسة الممانعين للتطبيع مع اسرائيل ، رغم قناعتهم  ان سبب تأخر دولهم وتقدم الغرب عليهم، هو العلم والبحث العلمي،و الاسلام دين عقل ويحث على العلم،لكنهم مع الأسف أنشأوا “الاخوان المسلمين”،وروجوا للشيعة والوهابية، مما دفع الكفاءات العلمية للهجرة، بحثا عن فرص الشغل.

وان كانت السلطات الفلسطينية،المعني الأول بالصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، وافقت على الاعتراف بدولة اسرائيل، الا من بعض تفاصيل الحدود ووضع القدس، فكيف لمن هم بعيدين عن هذا الصراع،يرفضون التطبيع،هل هؤلاء فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم،أم لم يتعظوا من مصير كافة الدول الممانعة.؟.

ان التهجم على قرار المملكة المغربية، اعادة فتح مكتب الاتصال بينها وبين اسرائيل ،فانه يواجه سيل من الاسئلة المحرجة للغلاة الراديكاليين، هل هذا القرار هو الذي سيجلب  الفتنة والحرب للمنطقة ويهدد السلم الاجتماعي؟، وان كان كذلك حسب زعمهم، فكيف نفسر أن دول المواجهة والممانعة، عموما،والتي ساندها “عبد الباري عطوان” الصحفي الفلسطيني،الذي يعيش في لندن، وساندها كذلك الاسلاميون والقوميون العرب،هي الدول التي عرفت أكبر الفتن وعدم الاستقرار،بل انتهت الى التفكك والخراب الشامل؟، ألم يجلب عراق صدام حسين على نفسه الخراب باقتحامه جارته الكويت؟،ألم يتم تخريب سوريا بتحالفها مع قطر وتركيا؟،دون ان ننسى اتحاد علماء المسلمين،الذي حرض على الكراهية والقتال وأعلن  الحرب،هل كان ذلك بسبب التطبيع مع اسرائيل،ام بسبب تجار الدين، الحالمين بالخلافة، والتشبت بالفقه القديم لابن تيمية وأشباهه من المتشددين المنغلقين على انفسهم، أليس من أجل القطع مع الفساد والرشوة والريع واستغلال النفوذ واحلال الديموقراطية؟

وهل الحوثيون تسخرهم اسرائيل؟ أم بسبب تجار الدين،الذين يريدون نشر الشيعة والوهابية في المنطقة؟،دون ان نغفل ما يقع في السودان ولبنان وتونس، والاراضي التي استرجعتها دولتا مصر والاردن ،هل استرجعاها بالحرب أم بالمصالحة وتطبيع علاقتهما مع اسرائيل؟.

اننا اذ نطرح هذه الاسئلة،ليس لتبرير القرار الجرئ الشجاع الذي اتخذته المملكة المغربية، بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس،حفظه الله ونصره وثبت خطاه، أو التذكير بموقف المغرب الثابت من القضية الفلسطينية ومناصرتها لنيل استقلالهاوعاصمتها القدس الشرقية، بل لنقول للمعارضين،أننا لسنا مغفلين مثلهم، لأن هذا القرار، فرصة ستزيد من فرص التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي، وكسب ود حلفاء أقوياء واستراتيجيين، يساندون “الحكم الذاتي” تحت السيادة المغربية،الذي طرحه المغرب لانهاء النزاع المفتعل ضد وحدتنا الترابية، الذي تسانده الجارة الجزائر ، بدعمها لجبهة البوليساريو بالمال والعتاد ،وبالتالي فالقرار فرصة لتمسك مجتمعي، وضمان مسار ترسيخ الديموقراطية،لبناء دولة المواطنة،لتحقيق العدالة الاجتماعية، وقد تدفع المملكة،الى احياء طلب المطالبة بالعضوية في الاتحاد الأوروبي،الذي سبق وتقدم به المشمول بعفوه وغفرانه،”الحسن الثاني”، نظرا للموقع الاستراتيجي لبلادنا، كبوابة لأوروربا على افريقيا، والعكس صحيح.

ولست في حاجة الى تذكير هؤلاء الراديكاليين، أن ارادة الملك هي ارادة الشعب،وتاريخ المملكة المغربية،زاخر بتلاحم العرش والشعب،وقرار استئناف العلاقة مع اسرائيل،حظي بمباركة شعبية واسعة،ومن قبل الهيئات السياسية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني، من مختلف المشارب، لادراكهم أنه يستحيل نجاح دولة عربية خارج فضائها، الاقليمي والدولي، وأكثر من ذلك ،تبادل الخبرات والاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي وصلت اليه اسرائيل في كل المجالات،من أجل خلق طفرة نوعية تعود بالنفع على بلادنا.

فمتى تعود الامة العربية الاسلامية الى رشدها، وتتخلى على اعادة نفس الاخطاء التي أوصلتها الى هذا الواقع الذي لا تحسد عليه؟.

التعليقات مغلقة.