رهان الجزائرعلى القوة في نزاع الصحراء رهان خاسر.. وصحراؤنا لم تكن في أيدي أي أحد غير المغاربة “لتكون محل مقايضة! “ – حدث كم

رهان الجزائرعلى القوة في نزاع الصحراء رهان خاسر.. وصحراؤنا لم تكن في أيدي أي أحد غير المغاربة “لتكون محل مقايضة! “

عبد السلام البوسرغيني : عندما تكون الدول في مواجهة الأزمات مهما تكن طبيعتها وحدتها يكون من واجب القائمين على تدبير شؤونها الاعتكاف على دراسة وسائل تسويتها وتجاوزها بأدنى ما يكون من المضاعفات ومن الخيارات .

انه درس يجب أن يستوعبه كل من يعنيهم نزاع الصحراء سواء من قريب أو من بعيد ، وذلك من أجل البحث عن تسوية هذا النزاع ،  ويدفعنا هذا إلى تنبيه المسؤولين الجزايريين ألى أن رهانهم على القوة ، كما تدل على ذلك حملة التصعيد التي يقومون بها ، سيكون رهانا خاسرا بالنسبة للجميع وللجزائر أساسا ، خصوصا وأنها تواجه أزمة اقتصادية صعبة تتطلبه كثيرا من الجهد والوقت لمعالجتها ، إضافة إلى أنها تعيش وضعا سياسيا بوجود تهديد باستئناف الحراك الشعبي ، وتعيش أيضا في ظل فراغ في الجانب المدني من أجهزة الحكم بالبلاد ، وهو فراغ يترك لقادة المؤسسة العسكرية الذهاب الى أبعد حد في إظهار بوادر تؤكد غلوها فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمات التي تعنيها في محيطها الإقليمي ، وبالأخص في تدبير علاقة الجزائر بالمغرب .

إن في استطاعتنا أن نقول انه لا يمكن لأي ملاحظ نزيه أن يجادل في كون المسؤولين المغاربة لا يسايرون زملاءهم الجزائريين في الرهان على القوةً كما يبدو من كون قادة الجيش في البلد الشقيق لا يفتأون يستعرضون قوتهم الضاربة في مناورات عسكرية من حين لآخر وبالذخيرة الحية كان آخرها تلك التي نظمت في نهاية الأسبوع الماضي وبالقرب من الحدود المغربية .

وكما يبدو أيضا من حديث أجهزة الإعلام الجزائرية عن الحملة المسعورة للإنفصاليين ، وكأن هؤلاء يخوضون حربا مفتوحة لا هوادة فيها ضد القوات المغربية ، ويجري تعبئة أجهزة الإعلام الجزائرية لتشفع ذلك ببلاغات وتعليقات نارية بهدف تلهيب النفوس وتأليب الصحراويين لتصعيد المواجهة

وعلى عكس ما يبدو في الواجهة الجزائرية ، فإن المغرب لا يلجأ إلى رد الفعل ، بل إن الدوائر الرسمية لم تكلف نفسها حتى التعليق على المناورات العسكرية الجزايرية ولا على حملة فلول الأنفضاليين .

وهذا ما يؤكد على أن المسؤولين المغاربة يركزون على السلام في الصراع الذي تصر الجزاير على تأجيجه ، وكما سبق أن كتبت غير ما مرة فأن المسؤولين المغاربة يعتمدون في هذه المواجهة على مبدأين أساسيين :

أولهما : التشبث بالسلام إلى أبعد الحدود في التعامل مع الجزاير، ما دامت المواجهة المسلحة مقتصرة على فلول الانفصاليين .

وثانيهما : المزيد من الإرادة والعزم على السير في طريق البناء والتشييد بما يحصن البلاد في حالة أحتمال أية مواجهة عسكرية ، أو بما يضمن لها مزيدا من التقدم والعمران .

وليس خافيا أننا لا نألو جهدا في تعزيز التحصينات العسكرية الضرورية التي ليس من اختصاصي التحدث عنها ، وأيضا في تشييد البنيات الأساسية ، وأهمها حاليا الطريق السيار من تيزنيت إلى العيون ليمتد بتوسيع الطريق الى الداخلة ، ويتم ذلك من أجل تسهيل السير في الطريق الرابطة بين القارتين الافريقية والأوربية عبر المغرب ، على أمل تعزيز المواصلات بطريق آخر الى أفريقيا عبر مدينة السمارة .

إن ما يتم أنجازه في الأقليم الصحراوية  سيتعزز في المستقبل المنظور وقبل أن انتهاء العقد الحالي بميناء كبير ، ميناء الداخلة الأطلسي لتتحول الصحراء الجنوبية المغربية إلى قطب اقتصادي جديد في مغربنا المتحفز للنهوض والتقدم ولترتبط بلادنا بعمقها الإفريقي اقتصاديا وسياسيا وإنسانيا .

وأنه لمن المؤسف أن حكام الجزائرعوضا عن التطلع إلى الإستفادة مما يتم إنجازه ، لا يفتأون يكشفون عما يشعرون به من غيظ إزاء ما يعكف المغرب على إنجازه لتعم فائدته القارة الإفريقية ، ولنسف ذلك أو عرقلته على الأقل كشفوا عن نواياهم بدفع فلول الانفصاليين إلى إغلاق معبر الكركرات ، مستهينين بإرادة المغرب وقدرته على مواجهة كل الاحتمالات .

ولغباء من أوحوا بغلق هذا المعبر الذي أصبح ذا أهمية دولية ، جلبوا على أنفسهم سخط الرأي العام الإقليمي والدولي ، نظرا لما أسفر عنه من أضرار كانت موريتانيا المتضررالأكثر إذ توقفت لأكثر من ثلاثة أسابيع صادراتها من الأسماك إلى أروبا كما توقف تزويد أسواقها وأسواق أفريقية أخرى من الخضر والمواد الأساسية المغربية.

وبقدر ما أظهرت البوليساريو والجزائر من تصلب في الاستجابة لإنهاء الحصار بمعبر الكركرات ، بقدر ما كان أرتياح الرأي العام الدولي كبيرا ، وبقدر ما كان الإعجاب بالطريقة السلمية التي تم بها طرد الأنفصاليين من عموم منطقة الكركرات وحصول المغرب على المساندة من المجتمع الدولي اتأمين المنطقة عسكريا ، وتبديد حلم من كانوا يتوقون ألى الاستحمام في مياه المحيط الأطلسي وما يحققه ذلك الحلم

إن ما حدث من تطور دبلواسي واستراتيجي ، لا بد وأن يجعل قادة الجيش الجزائري يمعنون النظر ويفكرون مليا قبل أن يقدموا على أي مغامرة غير محسوبة المخاطرعلى المنطقة المغاربية وعلى الجزائر بالأساس ،  وليس سرا أن المغرب لم يصبح معززا فقط بالتحالف الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، بل أضيف اليه ما تم إبرامه أخيرا من اتفاق عسكري يشمل تونس آيضا .

والواقع أن المغرب كان ذا قدرة على مواجهة اَي طارئ لانه لم يكن يجهل ما كشفت عنه الجزائر من أنها تعتبر قضية الصحراء مرتبطة بأمنها القومي ، وأصبحت الآن لا تتردد في الجهر به على الملأ .

أن ما يرغب المغرب في تأكيده لعامة الشعب الجزائري ، هو أنه لا يشكل أي تهديد للجزائر ، وكثيرة هي الإشارات والرسائل التي أشهرها والتي من شأنها أن تطمئن إخواننا الجزائريين ، ويريد من تلك الرسائل أيضا التأكيد على أنه لن يتساهل في الدفاع عن وحدته الرابية وصيانة الوطن بكل أراضيه .

ويريد المغرب أيضا أن يؤكد أنه لم يكن في حاجة لمن يسلمه صك امتلاكه لصحرائه الجنوبية وبسط سيطرته عليها على غرار باقي أراضيه ،  وإن ذلك لا يمنعنا من الامتنان للولايات المتحدة على تقديمها اعترافها الرسمي بسيادتنا على صحرائنا ، وعلى الجميع دولا، ومنظمات أن يعترفوا بهذا الواقع ، وبأن الصحراء لم تكن في أيد أي أحد غير المغاربة لكي يدعي أي أحد أننا قايضنا الصحراء بإقامة علاقات بإسرائيل والإعتراف بها ، ولن ينجح الجزائريون في الاتجار بقضية فلسطين ليسيئوا إلى المغرب مهما ظلوا يصرون على ذلك .

 

التعليقات مغلقة.