دراسة حول وظائف المجتمع المدني بالمغرب وتطورها منذ تاريخ ما بعد الحماية حتى الوقت الراهن – حدث كم

دراسة حول وظائف المجتمع المدني بالمغرب وتطورها منذ تاريخ ما بعد الحماية حتى الوقت الراهن

قام معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب بإنجاز دراسة حول وظائف المجتمع المدني بالمغرب وتطورها منذ تاريخ مغرب ما بعد الحماية حتى الوقت الراهن.

الدارسة التي تنشر بداية الأسبوع الحالي، تندرج حسب المعهد، في إطار النقاش العمومي الحالي الذي يعرفه البرلمان المغربي والذي تفاعل معه العديد من المتدخلين والقائم حول المجتمع المدني ودوره في مراقبة السياسات العمومية والتسيير العمومي.

الدراسة من انجاز السيد هشام عقراوي أستاذ القانون العام و العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحت إدارة وإشراف معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية.

وحسب الدراسة، يعتبر المجتمع المدني ” فاعلا لا دولتيا / لا دولتي” يضطلع بوظيفة اجتماعية في التنشئة والتعبئة والتنظيم، وهو مفهوم تبلور مع الفكر الغربي ابتداء من الفلسفة اليونانية مرورا برواد نظرية العقد الاجتماعي، فطوره الفكر السوسيولوجي خلال القرن الثامن والتاسع عشر، وهو يعكس مبادئ التعددية والحرية والتطوع باعتباره من أهم الوسائل لتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع.

وتشير الدراسة إلى أن ظهور هذا المفهوم بالمغرب ارتبط بسياق التحولات التي عرفها النظام السياسي والاجتماعي بعد الاستقلال، وكذا الرغبة في تجاوز البنيات الاجتماعية التقليدية التي كانت تطبع المجتمع المغربي قبل الحماية.

وجاء في الدراسة أن مفهوم المجتمع المدني بعد الاستقلال حظي باهتمام مختلف الفاعلين والباحثين باختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية، كما شهد نموا ملفتا في ظل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب، إذ أدت هذه التحولات منذ بداية الألفية الثالثة إلى بروز مجتمع مدني أصبح يحتل مكانة محورية انطلاقا من تعدد أدواره الوظيفية داخل النسق السياسي والاجتماعي.

وفي تفاصيل الدراسة، تأرجحت العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في سياق تحكمه ” تفاعلية متبادلة بين الدعم والاحتواء، ثم المنع والشرعية والمأسسة، فالدسترة والتشريع”.

وتمت الإشارة إلى أن هذه العلاقة توزعت إلى 4 محطات .. الأولى اتسمت بهيمنة “الصراع السياسي” وهو ما كان له تأثير سلبي على بداية تشكل المجتمع المدني، مرورا بمرحلة السبعينيات والثمانينيات، ثم مرحلة التسعينيات التي تزامنت مع بداية انفتاح النسق السياسي واعتماد فلسفة عالمية مبادئ حقوق الإنسان وبداية خلق جمعيات تواكب التوجهات التنموية والحقوقية للدولة، ثم المرحلة الرابعة التي تتجلى في تحوله نحو الفعل الاحتجاجي.

وأشارت الدارسة إلى أنه بالرغم من الأهمية المتزايدة للمجتمع المدني في التاريخ الراهن للمغرب وتعدد وظائفه، فقد عرفت الجمعيات الحقوقية تحولا نوعيا، حيث أصبحت فاعلا أساسيا في الاحتجاجات التي عرفها المغرب خاصة بعد 2011، فتحول الفاعل المدني من ثقافة التطوع إلى المنطق الاحتجاجي، وهو ما اقتضي حسب الدراسة البحث في مسار العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني التي خضعت لمحطات وفق تطور النسق السياسي.

بشكل عام، تتمحور الدراسة، وفق محددات أساسية، حول مقاربة تطور العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني بالمغرب التي خضعت لمحطات وفق تطور النسق السوسيو السياسي، وفي سياق تحكمه” تفاعلية متبادلة بين الصراع والمنافسة والدعم والاحتواء”. وأبرزت الدارسة في نقطة ثانية تعدد وظائف المجتمع المدني مع استحضار فرضية قيام التداخل الوظيفي بين طرفين يشكلان ركيزة مهمة في العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني.

في سياق متصل أكدت الدراسة أيضا أن العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني هي علاقة تكاملية، واعتماد متبادل وتوزيع الأدوار، وليست علاقة تناقض أو خصومة أو صراع .. فالمجتمع المدني ما هو إلا أحد تجليات الدولة الحديثة التي تتوفر شروط قيامه عن طريق تقنين نظام للحقوق ينظم ممارسات كافة الأطراف والجماعات داخل المجتمع.

كما أن المجتمع المدني يستند على حماية ومراقبة الدولة للقيام بوظائفه الاقتصادية والاجتماعية والتعبوية والتحسيسية والتربوية ثم دوره في الوساطة. فالدولة والمجتمع المدني، كما جاء في الدارسة، يشكلان واقعين وكيانين متلازمين، فلا وجود للمجتمع المدني بدون حماية الدولة له.

ح/م

التعليقات مغلقة.